اتحاد الدب والتنين!

تعمل كل من روسيا والصين على تعزيز مستوى التعاون والعلاقات فيما بينهما في مجالات مختلفة. و زادت هذه التعاونات منذ فرض الدول الأوروبية العقوبات الغربية على روسيا، وتقترب هاتان الدولتان أكثر من أي وقت مضى. في هذا السياق، والآن يتم تنظيم مناورات بحرية بين القوتين البحريتين للجمهورية الشعبية الصينية والدولة الروسية في المياه الجنوبية للصين، والتي تُعتبر دليلاً على تعميق العلاقات العسكرية بين هذين البلدين. 

يوليو 22, 2024 - 15:16
اتحاد الدب والتنين!
اتحاد الدب والتنين!

تعمل كل من روسيا والصين على تعزيز مستوى التعاون والعلاقات فيما بينهما في مجالات مختلفة. و زادت هذه التعاونات منذ فرض الدول الأوروبية العقوبات الغربية على روسيا، وتقترب هاتان الدولتان أكثر من أي وقت مضى. في هذا السياق، والآن يتم تنظيم مناورات بحرية بين القوتين البحريتين للجمهورية الشعبية الصينية والدولة الروسية في المياه الجنوبية للصين، والتي تُعتبر دليلاً على تعميق العلاقات العسكرية بين هذين البلدين. 

تحذيرٌ للمنطقة؟

تأتي المناورات البحرية بين روسيا والصين، التي يتحدث البلدان عنها كحدث سنوي اعتيادي، هذا العام مع اختلاف طفيف. أحد هذه التغييرات هو الدوريات البحرية المشتركة الأطول والأوسع التي قامت بها قوات هاتين الدولتين، والتي قوبلت بإجراءات مضادة من قبل اليابان، خاصة عندما اقتربت طائرة مسيرة للاستطلاع من اليابان. [1]اعترضت الطائرات المقاتلة للقوات الجوية اليابانية على هذا الإجراء، وأخذت على عاتقها مرافقة الطائرة المسيرة الصينية.

بجانب ذلك، كانت هناك مناورات بحرية مشتركة للولايات المتحدة والفلبين تُقام بالتزامن مع هذه المناورات البحرية المشتركة. كما إن الولايات المتحدة من خلال إقامة هذه المناورات مع الفلبين، تذكر الصين بأن المعاهدة الأمريكية مع الفلبين لا يزال لها وجود، وأن هذا البلد ليس لديه خوف من طموحات الصين في بحر الصين الجنوبي، ولا يدعم مطالب الصين بالسيادة على هذا البحر.[2]

فضلًا عن ذلك، تُجرى هذه المناورات في وقت يأمل فيه الدول الأوروبية بشكل كبير بأن تقلل الصين علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع روسيا، مما سيضع روسيا تحت ضغط للانضمام إلى معاهدة السلام الأوكرانية. ومع ذلك، أظهرت هذه المناورات أن العلاقات بين الصين وروسيا، كما قال السيد بوتين، هي علاقات قوية ودعم بلا حدود، وأن نظرة البلدين تمثل استراتيجية صداقة عميقة.

إلى ماذا تسعى الصين؟

هل تشترك الصين أيضًا في نفس الرؤية بالنسبة للعلاقات مع روسيا أم لا، هو سؤال لا يمكن الاجابة عليه ببساطة. لقد انفصلت الصين مرة واحدة عن الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين، وقد تفعل ذلك مرة أخرى إذا استدعت الحاجة. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن الصين تعمل على تشكيل قطبية ثنائية في النظام الدولي وتحتاج إلى حلفاء أقوياء في المجالات الاقتصادية والعسكرية. وباعتبار أن العلاقة مع روسيا حاليًا تمثل ميزة كبيرة لهم، فقد زادت الصين من مستوى العلاقات بشكل كبير، وتعمل على الحفاظ على هذه العلاقات من خلال التأكيد على القواسم المشتركة بين الطرفين.

إن الصين حاليًا تبدو وكأنها تعمل على زيادة التكاليف على الولايات المتحدة بالقرب من مجالها الاستراتيجي، بهدف تقليل جاذبية وجودها في بحر الصين. وتسعى الصين إلى إحكام سيطرتها على هذه المنطقة، حيث تواجه تحديات جدية مع تايوان والفلبين، وعلاقاتها مع أستراليا واليابان ليست دافئة أيضًا. في الواقع، تعمل الولايات المتحدة على إدارة التحركات الصينية من خلال أدواتها الخاصة، لمنع تقدم نفوذ الصين في المنطقة.

لذلك، تعزز الصين علاقاتها مع روسيا، لزيادة التكاليف على الغرب بقيادة الولايات المتحدة وتقليل تكاليفها الخاصة. إن هذه العلاقات المتوسعة، التي بدت أكثر حاجة من قبل روسيا، ساهمت في تخفيض التكاليف للصين واستمرار نموها الاقتصادي. كما أن تأمين المكونات والأدوات اللازمة لروسيا وشراء النفط من روسيا بأسعار مخفضة قد ساهم بشكل كبير في الرخاء الاقتصادي للصين، حيث زادت الصين مستوى تجارتها مع روسيا.[3]

ومع ذلك، تحتاج الصين إلى روسيا في هذه المرحلة، وقد أظهرت ذلك من خلال تعزيز علاقاتها العسكرية. تمتلك روسيا أكبر ترسانة من الأسلحة النووية في العالم، وهي أيضًا من الدول الرائدة في صناعة الفضاء، حيث يمكن للصين أن تغطي نقاط ضعفها من خلال التعاون مع روسيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لكل من روسيا والصين معًا تحمل الضغوط الغربية بشكل أفضل، ويكملان بعضهما البعض.

لقد أدى فهم هذا الأمر من قبل قادة البلدين إلى تقليل الخلافات وتحسين العلاقات خلال السنوات الماضية.

 لذا، يمكننا أن نستنتج أن العلاقة بين الصين وروسيا حاليًا، ونتيجة التحولات في النظام الدولي، هي علاقة استراتيجية ومهمة، حيث تستفيد الصين من هذا الوضع. ومن جهة أخرى، تحتاج روسيا إلى الصين لتحسين ظروفها الاقتصادية، ولذلك تعدل علاقاتها مع الصين في هذا السياق. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التحالف يفيد كلا القوتين العظيمتين في العالم حاليًا، وقد نشهد انخفاضًا في مستوى العلاقات بينهما إذا لم يعد هذا التعاون مجديًا في المستقبل. يجب أن ننتظر ونرى كيف ستتطور التحولات في النظام الدولي، سواء نحو اتحاد استراتيجي أم صداقة تكتيكية.

امین مهدوی


[1] usni.org

[2] themoscowtimes.com

[3] reuters.com