تأثير حرب غزة على تدمير البنية التحتية الزراعية في إسرائيل

إن أحد الآثار الرئيسية لحرب غزة وأيضًا للصراعات الحدودية في لبنان هو الأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة في الأراضي المحتلة. في هذا السياق، تشير التقارير المختلفة في الأشهر الستة الماضية إلى مدى حجم الأضرار في هذا المجال التي تعتبر كبيرة وملحوظة.

يوليو 22, 2024 - 15:12
تأثير حرب غزة على تدمير البنية التحتية الزراعية في إسرائيل
تأثير حرب غزة على تدمير البنية التحتية الزراعية في إسرائيل

إن أحد الآثار الرئيسية لحرب غزة وأيضًا للصراعات الحدودية في لبنان هو الأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة في الأراضي المحتلة. في هذا السياق، تشير التقارير المختلفة في الأشهر الستة الماضية إلى مدى حجم الأضرار في هذا المجال التي تعتبر كبيرة وملحوظة. إذ تعاني الأراضي الزراعية المحيطة بحدود قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، حيث توفر حوالي 50% من إجمالي احتياجات السكان الإسرائيلية السنوية من السعرات الحرارية. بناءً على ذلك، قامت مجموعة بحثية من جامعة بن غوريون بدراسة تأثير الحرب على إنتاج المواد الغذائية في هذه المنطقة. وقد أشاروا خلال دراسة تهديدات الأمن الغذائي إلى جوانب عديدة تسبب هذا التهديد من بينها ترك الفلاحين والعمال لأعمالهم، و دمار المزارع والبنية التحتية الزراعية، وانقطاع سلسلة التوريدات، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على أكثر الأسواق الغذائية تزعزعاً .

ومن المعتقد أن 40% من الزراعة في هذه المناطق تتضمن المحاصيل الزراعية والحمضيات والخضروات، ومع اعتماد الأمن الغذائي الإسرائيلي على هذه المنطقة، فإن التقارير المذكورة تثير قلقًا كبيرًا. عمومًا تُزرع 80% من إجمالي إنتاج البطاطا في الأراضي المحتلة في هذه المنطقة. وفي الوقت نفسه، تُزرع محاصيل القمح، والفجل، والكراث، وكرفس القدس، والزنجبيل، والسبانخ، والتوت، والجزر، والفستق، والشعير بشكل أساسي في هذه المنطقة. لذلك فقد أثار النزاع وعدم الأمان في هذه المنطقة مخاوف جدية في مجال الأمن الغذائي.[1]

إلى جانب ذلك، تسببت الحرائق الناجمة عن هجمات حزب الله بالصواريخ والقذائف على المناطق الشمالية في أضرار كبيرة للزراعة الإسرائيلية. بسبب استمرار الحرائق وإغلاق بعض الطرق في المنطقة، لم يكن من الممكن الوصول إلى جميع المناطق أو تقييم الأضرار، لكنه بات واضحًا بالفعل أن هناك أضرارًا كبيرة لحقت بإنتاج الفواكه. وتشمل المناطق المتضررة البساتين، وكروم العنب، ومزارع الدواجن، والمراعي.

تجري الحرائق الواسعة النطاق في ظروف لا تتواجد فيها إمكانية لحضور فرق الإطفاء في الوقت المناسب. وفي هذا السياق، تم الإبلاغ منذ بداية الحرب عن أن العديد من غابات الشمال قد تعرضت لأضرار جسيمة. حوالي 14 ألف دونم من هذه الغابات قد احترقت، وهو رقم مضاعف مقارنة بحرب عام 2006 حين تعرضت 7 آلاف دونم من غابات هذه المنطقة للأضرار.[2]

استنادًا إلى هذه القضايا، وبحسب تقييم وزارة الزراعة، من المتوقع أن يشهد هذا العام انخفاضًا بنسبة 10% في إنتاج المحاصيل مقارنةً مع المتوسط، حيث يقع حوالي 20% من المناطق المزروعة في مناطق الحرب الشمالية (المناطق الواقعة بين 0 و2 كيلومتر من الحدود).[3]

لكن هذه ليست جميع الأضرار. إذ أن 77% من بساتين الفاكهة في إسرائيل، والتي تضم الخوخ، والمشمش، والبرقوق، والتفاح، والكمثرى، والكرز، تقع في منطقة الجليل-الجولان، والتي تخضع الآن لقصف حزب الله. وفي الوقت نفسه، يُمنع الفلاحون من دخول جزء من المزارع في متولا والمزارع المجاورة للحدود، حيث تم تقييد حركة مرورهم بناءً على الأوامر الأمنية.[4]

بالإضافة إلى ذلك، فإن مئات المزارعين في المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية قد اضطروا في الأشهر الأخيرة إلى ترك مزارعهم، وتعرضت بعض المزارع للحرق. وفقًا لمعلومات وزارة الزراعة، فقد خسرت نتيجة الحرائق في شمال هضبة الجولان حوالي 10 آلاف دونم من المراعي، وفي مزارع يفتاح احترقت 280 دونمًا من بساتين العنب والكمثرى والخوخ والعنب.[5]

و الجدير بالذكر أن 70% من البيض المستهلك في إسرائيل يتم إنتاجه في الشمال، مما أدى إلى مواجهة مشاكل في انخفاض الإنتاج نتيجة النزاعات العسكرية في هذه المنطقة. لذا، وفي الأسابيع القريبة من عيد الفصح في أبريل، اضطرت الحكومة إلى استيراد البيض. حيث أن استهلاك البيض يرتفع خلال هذا العيد بالمقارنة مع الأيام العادية. ومع ذلك، فإن تدمير المزارع والبساتين بسبب الحرب ليس الأثر الوحيد. إن الأمن الغذائي في الأراضي المحتلة ليس فقط في خطر بسبب العلاقات مع دول العالم، بل تنشأ أيضًا مشكلات كانت قائمة سابقًا: نقص القوة البشرية في سلسلة الغذاء كاملة.

العمال الأجانب، الذين يشكلون أكثر من ثلث القوى العاملة الزراعية في إسرائيل، تركوا الأراضي المحتلة بسبب عدم الأمان بعد اندلاع الحرب، مما تسبب في أن الصناعات الغذائية اليوم تعاني من نقص في العمالة. من ناحية أخرى، لم تسمح حكومة بنيامين نتنياهو بمتابعة عمل العمال الفلسطينيين الذين كانوا يذهبون من الضفة الغربية إلى إسرائيل. بالإضافة إلى كل ذلك، استدعى الجيش العديد من العمال الإسرائيليين تحت مسمى قوات الاحتياط.[6]

وفقًا لبيانات وزارة الزراعة قبل حرب غزة، كان حوالي 30 ألف عامل أجنبي يعملون في هذا القطاع، معظمهم من تايلاند. بعد اندلاع الحرب، لم يعد حوالي 10 آلاف عامل أجنبي إلى مواقع عملهم، إلى جانب حوالي 12 ألف عامل فلسطيني. لذا، فإن القطاع الزراعي للنظام الصهيوني يواجه نقصًا بحوالي 20 ألف عامل.[7]

إلى جانب هذه المشكلات، ينبغي على حكومة النظام الصهيوني تخصيص ميزانية لإعادة تأهيل الزراعة في المناطق المتضررة من الحرب. في الوقت الراهن، تم تخصيص 481 مليون شيكل فقط لإعادة الوضع الزراعي في المستوطنات المحيطة بحدود قطاع غزة، ويجب أن تصل هذه المبالغ إلى المزارعين والجهات الفاعلة في هذا المجال بحلول نهاية العام الجاري. ولكن هذه فقط جزء صغير من التكلفة المتوقعة، وتقييم أكثر دقة لحجم الأضرار في المناطق الجنوبية بالإضافة إلى المناطق الشمالية، دون أدنى شك سيوصل إلى أرقام أكبر.[8]


1.        https://www.ynet.co.il/environment-science/article/hkelf9cbc

2.       https://www.calcalist.co.il/local_news/article/bjrdu63n0

3.        https://www.kikar.co.il/israel-news/se6rbm

4.        https://www.davar1.co.il/514525/

5.         https://www.themarker.com/allnews/2024-06-04/ty-article-magazine/.premium/0000018f-e2f0-ddd0-ab8f-fef9fee30000

6.       https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001475543

7.       https://www.jpost.com/israel-news/article-807064

8.       https://www.davar1.co.il/512492/