المقاومة التاريخية وانتصار سورية

تعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين من أهم اللقاءات الدبلوماسية لهذا البلد في هذا الوقت. وتعد هذه الزيارة أول مغامرة دبلوماسية ورسمية لبشار الأسد إلى الصين بعد المقاومة التاريخية لسورية  في صد الإرهابيين الأجانب وضمان استقرار وأمن سورية 1. وفي الأشهر الماضية حاولت دول عربية أيضاً تطبيع العلاقات مع سورية، وهو ما تم بضوء أخضر إيراني، وتم تبادل السفراء وعودة العلاقات وخلال هذه الفترة، أبدت الدول الغربية أيضاً رغبة في إقامة علاقات رسمية مع سورية.

سبتمبر 23, 2023 - 12:25
المقاومة التاريخية وانتصار سورية
المقاومة التاريخية وانتصار سورية

تعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين من أهم اللقاءات الدبلوماسية لهذا البلد في هذا الوقت. وتعد هذه الزيارة أول مغامرة دبلوماسية ورسمية لبشار الأسد إلى الصين بعد المقاومة التاريخية لسورية  في صد الإرهابيين الأجانب وضمان استقرار وأمن سورية 1. وفي الأشهر الماضية حاولت دول عربية أيضاً تطبيع العلاقات مع سورية، وهو ما تم بضوء أخضر إيراني، وتم تبادل السفراء وعودة العلاقات وخلال هذه الفترة، أبدت الدول الغربية أيضاً رغبة في إقامة علاقات رسمية مع سورية.

بعد عقدٍ من محاولة الإطاحة بالحكومة الشرعية في سورية والأرقام الفلكية التي تكلفتها الدول الداعمة للإرهاب وإحلال الخراب والدمار لهذا البلد، نجت سورية المستقرة والمقاومة من هذه الخطة الشريرة بمساعدة حليفتها الرئيسية إيران، كل ذلك تم بتحييد الجهود التخريبية وكسر مخططات دول الداعمة للإرهاب في منطقة غرب آسيا 2. لم تكن هذه الجهود تهدف إلى تغيير النظام في سورية فحسب، بل كان الهدف الرئيسي هو تغيير اتجاه مشاريع نقل الطاقة والممرات المختلفة التي كانت الدول الغربية تحاول السيطرة عليها باستمرار وذلك من خلال الإطاحة بالحكومة الشرعية في سورية، وفي نهاية الخطة السيطرة على منطقة غرب آسيا، وكان الهدف هو إضعاف حكومة إيران وحلفائها في جميع أنحاء جغرافية وامتداد دول محور المقاومة.

وكانت آخر محاولة للدول الغربية هذا العام هي "الانقلاب الناعم" في سورية، والذي رافقه الفشل بسبب مقاومة الشعب السوري له و وعيه للمخطط المرسوم. لقد عاش الشعب السوري عقداً من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، ولن تمحى هذه التجربة من أذهانهم أبداً، وقد أحبطوا هذه الخطة الشريرة بيقظة كما أحبطوها في الماضي.

فبعد كل الجهود التي تبذلها الدول الغربية لإضعاف سورية؛ أصبحت سياسة الرئيس بشار الأسد هي التوجه أكثر نحو إقامة علاقات استراتيجية مع دول الشرق. وكانت رحلته الأخيرة إلى الصين في هذا الاتجاه. وفي الواقع، إذا أردنا أن ننظر إلى أهمية الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأسد إلى بكين، علينا أن ننظر إلى الأبعاد الاقتصادية والسياسية والعسكرية لهذه الزيارة.

البعد السياسي؛ تظهر زيارة الرئيس السوري إلى بكين أهميتها في ظل التنسيق رفيع المستوى الذي أقامته الصين لهذا الحدث الدبلوماسي الهام. إن تنسيق الطائرة الصينية الخاصة لزيارة الرئيس السوري يظهر عمق العلاقات الاستراتيجية والأهداف المشتركة بين البلدين ويمكن أن يكون له رسالة غير مباشرة للدول الأخرى وهي أن سورية تعتبر حليفاً استراتيجياً للصين. كما يظهر تاريخ العلاقات السياسية بين البلدين عمق الارتباط الوثيق بين البلدين، فسورية هي أول دولة عربية تعترف بالصين الثورية عام 1971 م 3 .في العقد الحالي، أظهرت الصين ارتباطها المحكم والوثيق مع سورية من خلال دعمها السياسي رفيع المستوى للنظام الشرعي القائم في سورية، وقد أدى استخدام الصين لحق النقض الفيتو بحساسيته في اجتماعات مجلس الأمن إلى جلب تكاليف باهظة على هذا البلد، ولكن على الرغم من ذلك تكرر الموقف السياسي الدعم في أوقات مختلفة. كما أن النظرة السياسية للصين إلى سورية باعتبارها عضواً في الدول الحليفة لها شرقاً مهمة جداً لبكين لتكون لها قاعدة في منطقة غرب آسيا الهامة، وهذا القرب أثار حساسية الدول الغربية.

البعد العسكري؛ كما أن زيارة الرئيس السوري إلى الصين من أهم أهدافها إعادة بناء الجيش والقوات العسكرية لهذا البلد. وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للصين أن تنظر بكين أيضًا لإنشاء قاعدة عسكرية خاصة في سورية لتحمي هذه القاعدة العسكرية التجارة الدولية في البحر الأبيض المتوسط. إن تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين يحمل رسالة خاصة لجيران سورية، وستشعر تركيا بشكل خاص بالتهديد بسبب التعزيز العسكري السوري. يمكن أن تؤدي زيادة القوة العسكرية لسورية إلى تقدم جهود الحكومة السورية لتطهير المناطق القليلة المحتلة من شمال وشرق البلاد التي استولى عليها الإرهابيون متعددو الجنسيات. ومن خلال تعزيز الجيش السوري، ترسل بكين رسالة ذات معنى إلى الولايات المتحدة وتضغط على البلاد لمغادرة سورية في أقرب وقت ممكن.

البعد الاقتصادي؛ تعد هذه الزياة المميزة إلى الصين من الزيارات المهمة والاستراتيجية للرئيس الأسد بالنسبة لسورية التي لا تزال بحاجة إلى إعادة الإعمار بعد الحرب. فبعد عقد من الحرب والفوضى تحتاج سورية إلى استثمارات ضخمة 4 ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من جذب المستثمرين الأجانب إلى البلاد من خلال التشاور مع الدول المختلفة. وكان دور إيران في هذا المجال مهم إلى حد أنها من أجل تحسين ظروف سورية، شجعت الصين على إحياء البنية التحتية فيها بخطط اقتصادية كبيرة.

كما تحتاج بكين إلى إعادة إعمار البنية التحتية في سورية من أجل إكمال خطتها الجديدة لطريق الحرير، ويعتبر الطريق البري لإيران والعراق وسورية هو الطريق الأكثر اقتصاداً وتوفيراً لخطة الصين الإقتصادية. ومن أجل إنشاء ممر بين الشرق والغرب، يتعين على هذه البلدان الثلاثة أن تعمل تدريجياً على تعزيز بنيتها الأساسية. وفي الأسابيع الأخيرة، اقترحت الدول الغربية أيضًا ممرًا بديلاً بين الشرق والغرب للتشكيك في خطة الصين 5. وكان رد الصين على الخطة المذكورة أعلاه هو تعزيز سورية لتنفيذ الخطة الصينية، وهو أمر مفيد اقتصاديًا وسياسيًا لدول العالم.

بشكل عام، لا بد من القول إن إيران، باعتبارها المرساة الأمنية لدول غرب آسيا، تحاول دائمًا تعزيز الدول الحليفة لها في مختلف المواقف، بما في ذلك خلال ظروف الحرب والسلام، وهي سندٌ داعم  وآمنٌ لأصدقائها. وتظهر تجربة سورية أن الصداقة والعلاقات الاستراتيجية مع إيران هي رسالة سلام واستقرار وأمن لدول المنطقة كافة، وأن تلك الدولة التي تربطها علاقات سياسية وثيقة مع إيران ستحقق أهدافها.

 امیرعلی یگانه

 

1.   https://apnews.com/article/bashar-assad-china-8390d1c5f70001f35018e9d9682c6b69  

2. https://www.stimson.org/2023/irans-victory-in-syria-is-not-worry-free/

3. https://www.chinadaily.com.cn/a/202309/21/WS650c6664a310d2dce4bb7159.html

4. https://asia.nikkei.com/Politics/International-relations/China-s-Xi-offers-to-help-Assad-rebuild-Syria-regain-regional-status

5. https://www.cfr.org/blog/will-us-plan-counter-chinas-belt-and-road-initiative-work