إلتزام استعراضي، المناورة المشتركة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة
تقامُ المناورات العسكرية المشتركة بين الدول لأسباب مختلفة. الأول هو "هل تمتلك القوات العسكرية لدولة ما القدرة على إجراء مناورات بأسلحة مشتركة (أي دمج أسلحة مختلفة لمجمع عسكري) أم لا؟" على سبيل المثال في ساحة المعركة هل يمكن للمشاة التنسيق مع القوات المدرعة والمدفعية؟
ثانياً: قياس مستوى "التنسيق المشترك" بين القوات البرية والبحرية والجوية. بمعنى آخر هل يمكن أن يكون للقوات البرية دعم جوي أو نيران بحرية في نفس الوقت؟
اختبار آخر للقدرة العسكرية هو "قابلية العمل المشترك" يعني مدى قرب وفعالية جيشين لبلدين متقاربين يمكنهما العمل معًا. هل ستندمج قواتهم بسلاسة؟ هل يمكنهم التواصل بأمان دون القلق من أي خسائر داخلية؟ هل حركاتهم وأنشطتهم مخططة لدرجة أنهم يعملون كقوة واحدة؟ هل يمكن أن يتفاعلوا مع الظروف المتغيرة لساحة المعركة ويحافظون على تماسكهم؟[1]
أجرت الولايات المتحدة والنظام الصهيوني مؤخرا مناورة عسكرية مشتركة بهدف تعزيز التنسيق بين الجيشين. تم إجراء هذه المناورات في منطقة جغرافية واسعة في البر والبحر والجو.[2] يمكن القول أن التدريبات المشتركة بين تل أبيب وواشنطن بالإضافة إلى الأهداف العامة التي يمكن أن تحققها أي تدريب ومناورة عسكرية والتي تم ذكرها في البداية كانت أكثر من مجرد عمل استعراضي عاجل وغير مخطط له، وقد حملت في الغالب رسائل قوة لحلفاء أمريكا الإقليميين ومنتقدي بايدن ونتنياهو في الداخل.
إلا أن الإعلام الغربي أكد على قوة وعظمة هذه المناورة والتهديد الخارجي لها. واعتبر العديد من وسائل الإعلام الغربية هذا التدريب بمثابة رسالة تهديد لإيران. في غضون ذلك قال مسؤولون أميركيون إنه في هذه العملية لم يتم استخدام مجسمات لأهداف إيرانية أو أي دولة أخرى. كما قال مسؤول أمريكي لوسائل الإعلام الأمريكية إن هذه التدريبات لم تنفذ بخصوص دولة معينة، لكن بالتأكيد كانت هناك رسائل لإيران. وبحسب شبكة إن بي سي نيوز قال هذا المسؤول غير المعروف: "حجم التدريب مرتبط بمجموعة واسعة من السيناريوهات وقد تستخلص إيران منه استنتاجات معينة".[3]
فيما يتعلق بالطائرات المشاركة كانت مناورة ضخمة ولكن من حيث عدد السفن لا يمكن القول ذلك. وهذا معروف فالواضح أن النظام الإسرائيلي لا يُعتبر قوة بحرية كبيرة ونتيجة لذلك كان من المتوقع ألا يكون عدد السفن المشاركة في التمرين كبيرًا.[4]
بالنظر إلى هذه القضايا فهذا يعني أن العناوين العريضة والأبعاد الإستعراضية لهذه التدريبات المشتركة وتقبل حقيقة أن كلاً من نتنياهو وبايدن في وضع يتعرضون فيهما لضغوطٍ كبيرة من خصومهما، لذلك يمكن القول أن هذه المناورة والتدريب المشترك كان نوعًا من الدلالة على التزام الولايات المتحدة المستمر بدعم النظام الإسرائيلي. وأيضًا بهذه المناورة العسكرية يرد نتنياهو بشكل غير مباشر على بعض الانتقادات الموجهة له من خصومه السياسيين المحليين في إسرائيل. وكانت قالت هذه المجموعة المعارضة له إن أداء حكومة نتنياهو الجديدة قد يضر بالعلاقات الإسرائيلية الأمريكية " وهذا أسوأ من اقتراب إيران من امتلاك القنبلة الذرية".[5]
قضية أخرى هي أن هذا العرض تم إجراؤه في وقت أصبح فيه التواجد العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط أقل مما كان عليه منذ عقود، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في عام 2021 وتقليص القوات العسكرية الأمريكية عدد قواتها في الشرق الأوسط. بينما يقلل البنتاغون وقيادته المركزية من تراجع الوجود الأمريكي في المنطقة يشعر حلفاء أمريكا الإقليميون بالقلق من أن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة بهذه الدول في المنطقة.[6]وهم يعتقدون أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد أولوية بالنسبة للولايات المتحدة وقد أصبحت هذه قضية صعبة بين حلفاء أمريكا الإقليميين وبعض المنتقدين المحليين للولايات المتحدة. لذلك ذكَّرَ الأمريكيون أيضًا بالتزامهم بدعم حلفائهم بهذه المناورة الضخمة.