أبعاد الزلزال الذي ضرب سوريا.. تقديم المساعدات وازدواجية المعايير

كان لزلزال تركيا الذي بلغت شدته 7.8 درجة على مقياس ريختر تأثيراً كبيراً في سوريا وخلف أضراراً كبيرة والعديد من الضحايا في محافظات ادلب وحلب وحماة واللاذقية بحيث أسفر عن مقتل أكثر من 5900 شخص وأكثر من 10.000 إصابة في سوريا وأثر على حياة 8.8 مليون شخص في هذا البلد وذلك بحسب الأمم المتحدة.

وسُجلت أكبر الخسائر، في مدينة حلب في مناطق سيطرة الدولة السورية، وفي جندريس بمحافظة إدلب في المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى بالجيش الوطني الحر وجماعة تحرير الشام الإرهابية شمال غرب سوريا.

وبينما قدمت أكثر من 100 دولة الدعم لتركيا منذ البداية لمواجهة تداعيات كارثة الزلزال، كانت الحكومة السورية تحاول إنقاذ الأشخاص الذين علقوا تحت الأنقاض بمساعدة دول محور المقاومة وروسيا والإمارات والجزائر.

وبحسب آخر احصائيات وزارة النقل السورية، وصلت أكثر من 200 طائرة تحمل مساعدات إنسانية وأدوية ومعدات طبية وأغذية إلى مطارات دمشق وحلب واللاذقية.

وبحسب الطيران المدني السوري، تأتي الإمارات على رأس قائمة الدول التي أرسلت مساعدات جوية لسوريا. حيث أرسلت الإمارات نحو 90 طائرة تحمل مساعدات إنسانية متنوعة للمتضررين من الزلزال. ومن ثم العراق بـ27 طائرة وليبيا بـ16 طائرة تحمل مساعدات لضحايا الزلزال.

كما أرسلت إيران 12 طائرة و 9 طائرات روسية تحمل مساعدات إنسانية إلى سوريا. وجاءت الجزائر بـ 7 طائرات، وسلطنة عمان بـ 6 طائرات، وبيلاروسيا بـ 5 طائرات، وتونس وكازاخستان بـ 4 طائرات لكل منهما عبر مطارات دمشق وحلب واللاذقية لمساعدة المتضررين من الزلزال.

كما ساعدت باكستان وأرمينيا والأردن ومصر والصين والشيشان واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية ودول الهند وليبيا وفنزويلا وبنغلاديش واليابان، سوريا عن طريق الجو في كارثة الزلزال. (هذه الأرقام تتغير يومياً).

وأرسلت بعض الدول، مثل إيطاليا ومصر، شحنات مساعدات إنسانية إلى سوريا عن طريق البحر. والأردن وعمان والسودان والنمسا وقطر من بين الدول الأخرى التي ساعدت سوريا بعد الزلزال. كما أرسلت السعودية مساعدات إلى سوريا عبر مطار حلب.

وأرسل العراق قوافل تضم مئات الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية إلى سوريا. وكان معبر البوكمال هو الطريق الذي تستخدمه قوات الحشد الشعبي والحكومة العراقية لإرسال مساعدات إنسانية. وشملت مساعدات العراق الغذاء والوقود وسيارات الاسعاف والمعدات الطبية والمخابز المتنقلة. كما سارعت قوات الحشد الشعبي لمساعدة ضحايا الزلزال ببناء مستشفيات ميدانية.

كما أرسل حزب الله لبنان مساعدات إلى مختلف المناطق المتضررة من الزلزال في سوريا، مثل حلب واللاذقية ومناطق أخرى. وتم إرسال هذه المساعدات في حملات مختلفة مثل "رحماء" و "لستم وحدكم" و ... كما شارك الجيش اللبناني والصليب الأحمر وبعض الأطراف الأخرى في هذا البلد في عملية إزالة الأنقاض وإنقاذ ضحايا الزلزال من تحت الأنقاض.

في المقابل، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، لقد دخلت نحو 200 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة إلى شمال غرب سوريا بعد الزلزال.

وجمعت دول مثل السعودية وقطر مساعدات شعبية لإرسالها إلى المناطقة الخاضعة لسيطرة المسلحين منذ الأيام الأولى للزلزال. وقدرت المساعدات الأولية التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة لهذه المناطق بنحو 90 مليون دولار. كما أعلنت السعودية مؤخرا عن خطط بقيمة 49 مليون دولار أمريكي لمساعدة ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا.

إضافة إلى ذلك، بعد أن أدخلت السعودية نحو 11 شاحنة مساعدات إلى جنديرس في شمال غرب سوريا، طلبت من سوريا الإذن لإيصال مساعداتها إلى شمال غرب سوريا عبر مطار دمشق، وقوبل ذلك برد إيجابي من الدولة السورية.

وكانت قطر قد جمعت في الأيام الأولى نحو 46 مليون دولار منها 14 مليون دولار من قبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمناطق المعارضة السورية. بالطبع ، لم تقتصر مساعدات قطر لهذه المناطق على هذا الحد بل أرسلت العديد من قوافل المساعدات إلى شمال غرب سوريا.

وقال موقع تلفزيون سوريا، التابع للمعارضة المسلحة وما يسمى بالجيش الوطني السوري الحر، إن ألمانيا واليابان والمكسيك وهولندا والنرويج وسلوفينيا والسويد وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة والعديد من الدول التزمت بادخال المساعدات إلى المنطقة الخاضعة للمسلحين.

من جهة أخرى، قال مازن علوش، مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى، إنه منذ بداية الزلزال، تم إرسال حوالي 247 شاحنة إغاثة لضحايا الزلزال في شمال غرب سوريا. وأضاف، تم خلال أسبوعين ادخال حوالي 175 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية من منظمات خيرية إلى منطقة شمال غرب سوريا.

في البداية منعت هيئة تحرير الشام، المساعدات الإنسانية من دخول مناطق شمال غرب سوريا عبر المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، وشددت على ضرورة دخول المساعدات عبر الحدود التركية، لذلك استغرق وصول المساعدات إلى هذه المناطق قرابة أربعة أيام. وكانت هذه القضية من بين القضايا التي استخدمتها بعض وسائل الإعلام الغربية لخداع الرأي العام، واعتبرت الحكومة السورية سبباً لتأخير دخول المساعدات إلى هذه المناطق.

حيث حاول الإعلام الغربي والعربي، كما هو سلوكه المعتاد تجاه محور المقاومة، استغلال أي خبر ضد الدولة السورية، وفي خضم ذلك أوقفت وسائل الإعلام الغربية ووسائل الإعلام العربية المهمة مثل الحدث والعربية والجزيرة والجزيرة مباشر برامجها وبثت الأحداث المتعلقة بالزلزال في تركيا وعرضت تغطية خاصة من المناطق المتضررة من الزلزال في شمال غرب سوريا.

في المقابل، كشفت دول محور المقاومة ووسائل إعلامها، وخاصة قناة الميادين، ازدواجية معايير الغرب ومعظم الدول العربية فيما يتعلق بالتعاطي مع الزلزال في تركيا وسوريا؛ وانتقدت مثل هذا السلوك في وقت تواجه فيه سوريا عقوبات شديدة ويشكل قانون قيصر عائقاً كبيراً للغاية أمام مساعدة المتضررين من الزلزال في سوريا.

كما كشفت المساعدات الدولية لتركيا عقب الزلزال بوضوح ازدواجية معايير الغرب، وعدم وفاء المنظمات الدولية بدورها في مجال تقديم المساعدات الانسانية في حالة وقوع زلزال هكذا زلزال مدمر ومميت.

ولم يقتصر المشهد على تخاذل الغرب في تقديم المساعدات للحكومة السورية، بل دخل الكيان الصهيوني المشهد لتكتمل مهام أعداء سوريا، حيث كان تقارب بعض الدول العربية وغير العربية من سوريا أحد أسباب هجوم الكيان الصهيوني على مطار حلب الذي كان يستقبل المساعدات الانسانية للمتضررين من الزلزال.

ختاماً، تعتبر إعادة إعمار المدن السورية المتضررة من الزلزال في ظل ظروف العقوبات القاسية على سوريا قضية مهمة تتطلب الدعم من قبل الأمم المتحدة والعديد من الدول من أجل رفع العقوبات عن هذا البلد.

كما أعاد الزلزال في سوريا وتركيا وآثاره المدمرة في هذين البلدين مرة أخرى فضح التسييس والإزدواجية لدى الغرب. سلوك أثار حفيظة وغضب أحرار العالم الذين أكدوا مع وسائل الإعلام ودول المقاومة على ضرورة دعم المتضررين من الزلزال في سوريا.

وبالتالي دفع الإعلام المقاوم، عدداً من دول العالم، عربية وغير عربية، إلى التأكيد على ضرورة إلغاء عقوبات قيصر المفروضة على سوريا، واجبار الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد ما في هذا الأمر، حتى تتمكن الدول من إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الزلزال في سوريا.

مجد عيسى

 المصادر:

https://jusoorpost.com/ar/posts/18576/

https://www.syria.tv/

https://jusoorpost.com/ar/posts/18576/

https://www.sana.sy/?p=1845726

https://www.almayadeen.net/news/politics/

https://baghdadtoday.news/

https://www.aljazeera.net/news/2023/2/23/

https://www.almayadeen.net/misc/