من لقاء ثلاثي إلى رباعي..طاولة روسية حول سوريا عنوانها العريض "المعارضة والأكراد"
عند أبواب أبريل يقف اللقاء المؤجل، فبعد أن كانت طاولة المشاورات الروسية ثلاثية أصبحت اليوم رباعية، فموسكو تستعد لاستئناف المشاورات السورية التركية، حيث من المزمع أن تعقد قمة بين إيران وروسيا وتركيا وسوريا في موسكو مطلع شهر نيسان/ أبريل القادم؛ حسبما أعلن مساعد وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، يوم الإثنين.
وذكر بوغدانوف أن "الاجتماع سيضم مساعدي وزارات الخارجية في الدول الأربع، وذلك لإجراء مشاورات بينهم بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وكان بوغدانوف قد أعلن في وقت سابق أن الجميع يسيرون باتجاه انعقاد الاجتماع بأسرع ما يمكن، حيث يتم إجراء التنسيق اللازم مع هذه الدول التي لها جدولها العملي والزمني الخاص.
وتوقع وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أن يعقد الاجتماع الرباعي على مستوى مساعدي وزراء الخارجية خلال الأيام القادمة.
وتابع "لقد كان من المقرر أن يعقد الاجتماع يومي 15 و19 آذار/ مارس الجاري، إلا أنه تم إرجاؤه إلى موعد آخر، وقد يعقد في غضون الأيام القادمة".
والهدف من الاجتماع بحسب الآراء هو تحضير الأجواء لعقد اجتماع آخر على مستوى وزراء الخارجية، حيث أعلن وزير الخارجية التركي في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني، أن اجتماعا سيعقد في موسكو بمشاركة هؤلاء الوزراء.
وكان مسؤولون من الحكومة السورية وتركيا قد التقوا لأول مرة في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي في العاصمة الروسية موسكو في أول اجتماع بين مسؤولين من البلدين بعد قطع العلاقات بين دمشق وأنقرة في عام 2011.
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، في اتصال هاتفي أجرياه السبت الماضي، الوضع في سوريا، وجرى التأكيد على أهمية استمرار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وجاء في بيان الكرملين: "تطرقنا إلى المشكلة السورية، وأكدنا أهمية استمرار عملية تطبيع العلاقات التركية السورية". وأكد الرئيس التركي في حديث مع بوتين "دور الوساطة البناء لروسيا في هذا الصدد".
وصرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في وقت سابق، أنّ الجانب الروسي اقترح تأجيل اجتماع وفود تركيا وروسيا وإيران وسوريا في موسكو، ووافقت أنقرة على الاقتراح.
من جانبها كشفت وسائل إعلام سورية عن مطالب لدمشق ترغب في تحقيقها قبل الإعلان عن موعد الاجتماع الرباعي المرتقب حول سوريا، حيث أوضحت صحيفة الوطن السورية، أنها علمت أن “المداولات لا تزال قائمة ومستمرة وجدية للوصول إلى عقد الاجتماع الذي قد يتقرر موعده في أي لحظة في حال وصلت تلك المداولات إلى نتائج إيجابية”.
وأكدت أن دمشق تسعى للحصول على ما تريده من “ضمانات من الجانب التركي بإعلان جدول انسحاب من الأراضي السورية ووقف الدعم المقدم للمجموعات الإرهابية”.
أما أنقرة تقول إن قواتها المتواجدة في شمالي سوريا تخدم "الأمن القومي التركي" عبر التصدي لحزب العمال الكردستاني الانفصالي والجماعات التابعة له، وتشدد على أنها ستنسحب عندما يزول هذا الخطر.
ورأت المصادر السورية أن تركيا "تبدو مستعجلة جدا لحصول هذا الاجتماع المرتبط بعناوينها الانتخابية، وعليه يمكن فهم إصرار الإعلام التركي على تسريب مواعيد محددة لانعقاد الاجتماع الرباعي".
وتلمح المصادر إلى ما ذهبت إليه تحليلات عديدة من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد، عبر تحقيق اختراق سياسي مع دمشق، أن يحرم المعارضة التركية قبل الانتخابات العامة المقبلة من استغلال ورقة اللاجئين السوريين.
ويعتقد العديد من الباحثين أن الكثير من التحديات جعلت من مسار التطبيع مسار محفوف بالمخاطر ويحتاج إلى وقت طويل حتى يتبلور، وأنه رغم تكثيف الاجتماعات، إلا أن مسار التطبيع يواجه جملة من العقبات وعلى رأسها المطالب التركية والمصالح الحقيقية في إعادة اللاجئين ومحاربة “قسد”.
وفي حال لم تتعثر ولادة هذا اللقاء وتنفيذ ما يحمله من أجندات وأوراق مرفقة مع الطلبات مسبقا قبل أن يتم الاجتماع، يرى بعض المحللين أن المعارضة السورية باتت ورقة مساومة في يد إردوغان. فتركيا لا تقوم فقط بتمويل المسلحين التابعين للجيش "الوطني السوري الحر"، الذين يحاربون ضدَّ الأكراد بالنيابة عن أنقرة، بل تستضيف أيضًا الائتلاف الوطني السوري، الذين يطالبهم إردوغان منذ صيف عام 2022 بالمصالحة مع دمشق .
ومع أنَّ الكثير من أعضاء الائتلاف الوطني فقدوا مصداقيَّتهم باعتبارهم تابعين لإردوغان، إلَّا أنَّ هذا الائتلاف قد رسَّخ وجوده باعتباره الصوت الرئيسي للمعارضة السورية. وفي حال إيقاف تركيا دعمها للائتلاف، فلن يكون هناك ممثِّل رسمي عن المعارضة في المبادرات الدبلوماسية المستقبلية.
من جهتها، تنظر قوات سوريا الديمقراطية بعين الشك والريبة إلى الاجتماع الرباعي الذي سيدور في موسكو ، وسبق لها أن شددت على ضرورة مواجهة هذا التحالف.
وبحسب رأي العديد من الباحثين في الشأن السوري أن الهدف المباشر للدول الأربعة هو إنهاء ملف قوات سوريا الديمقراطية، حيث تريد أنقرة، القضاء على التهديد الكردي قرب حدودها، بينما تسعى موسكو وطهران إلى تحييد حليف الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا.
ختاماً من الواضح أن التقارب السوري التركي ليس مكتملاً بالحد الأدنى المطلوب لأن هناك الانتخابات الرئاسية البرلمانية في تركيا بعد شهرين إضافة إلى ما سيحققه حزب العدالة والتنمية قبل الذهاب إلى الصناديق، وإلى ما هناك في الداخل التركي المرتقب أيضاً، ويبقى السؤال هل نشهد تذليلاً للعقبات بعد أن يتم هذا اللقاء، أم يؤجل الأمر إلى ما بعد انتخابات الرئاسية التركية؟
مجد عيسى
المصادر:
1-https://cutt.us/PfzfQ
2-https://cutt.us/hLiRG
3-https://cutt.us/GMObo
4-https://cutt.us/bShLe