ما لا يقوله الصهاينة عن أسباب سعيهم للتطبيع مع السعودية ...
منذ فترة زمنية يضغط الصهاينة على السعودية بطرق مختلفة وعبر وسطاء احيانا ومباشرة احيانا ايضا لجر الرياض نحو التطبيع مع تل أبيب وقد تحدث رئيس الوزراء الصهيوني المتطرف بنيامين نتنياهو قبل ايام ايضا عن أسباب سعيه للتطبيع مع السعودية، لكنه أخفى السبب الرئيسي وراء الاسباب التي قدمها.
نتنياهو قال يوم الثلاثاء الماضي في كلمة خلال مؤتمر "هارتوغ" للأمن القومي في تل أبيب إن "السلام مع السعودية سيشكل نهاية الصراع العربي الإسرائيلي" وان "توسيع اتفاقيات التطبيع مع جيراننا، سيكون بمثابة درع ضد إيران"، واضاف "أعتقد أنه يمكننا الوصول إلى اختراق إذا قررت القيادة السعودية أنها تريد أن تكون جزءًا من ذلك رسميًا، وبطريقة غير رسمية، هُم بالفعل جزء منه" حسب زعمه، كما تحدث نتنياهو ان اسباب اقتصادية وتجارية وما شابهها ايضا.
لكن في الحقيقة فان السبب الرئيسي لمحاولة التطبيع الصهيوني مع السعودية ليس ما يذكره نتنياهو وباقي المسؤولين الصهاينة بل الامر الحقيقي شيء آخر ، فالجميع يعلمون بأن التحالف العضوي بين الكيان الصهيوني واميركا لم يردع ايران ولم يقلل من خطرها على وجود كيان الاحتلال فكيف بالتحالف مع السعودية؟ فايران اليوم تشكل خطرا اكبر من أي وقت مضى على المشاريع العدوانية الصهيونية في المنطقة رغم كل الدعم الذي يتلقاه الصهاينة من اميركا والمحاولات الاميركية لاظهار الوقوف الى جانب الصهاينة، والحقيقة ان اميركا خسرت تواجدها العريض في المنطقة ولا يمكن للسعودية والقدرات السعودية ملء الفراغ الاميركي لحماية الصهاينة وردع ايران، كما يصف نتنياهو.
أما قول نتنياهو بأن التطبيع مع السعودية سينهي الصراع العربي الصهيوني فهذا ايضا كذب وتحايل لأن التطبيع مع مصر وما قيل حين توقيع اتفاقية كمب ديفيد، عن حل الصراع العربي الصهيوني، لم يكن صحيحا، وثقل السعودية الان اقل بكثير من ثقل مصر في السبعينيات، فجوهر هذا الصراع هو القضية الفلسطينية التي لا تحل الا بازالة الاحتلال عن ارض فلسطين ولو وقعت السعودية و10 بلدان معها دفعة واحدة على التطبيع لن ينتهي الصراع العربي الصهيوني لسبب وحيد وهو ان الفلسطينيين لايركعون امام الاحتلال ولا يتنازلون عن أرضهم والأمة الاسلامية ايضا لا تتنازل عن فلسطين والمقدسات الاسلامية فيها.
أما سّر محاولة الصهاينة للتطبيع مع السعودية فهو الاستشعار الخطر المتعاظم الآتي من اليمن نحو الصهاينة والذي يهدد مصيرهم بالاضافة الى الاخطار الاخرى التي تهدد مصيرهم.
نعم، لقد خرج المارد اليمني من القمقم ، واليمن اليوم قوة اقليمية كبرى في المنطقة مرغت أنف الكثيرين ممن كانوا يعتبرون انفسهم قوى اقليمية كبرى في المنطقة بالتراب، واكبر شعار لليمنيين هو الموت لليهود وتحرير فلسطين.
ان قرب اليمن من فلسطين المحتلة والتكتيكات الحربية التي استخدمها اليمنيون في الحرب مع السعودية والامارات والتحالف العربي الظالم، وصواريخ اليمنيين بعيدة المدى وطائراتهم المسيرة ، والأهم من هذا ، بأسهم وثباتهم حين البأس وارادتهم التي حطمت كبرياء اكبر الطواغيت يشكل خطرا كبيرا جدا وقادما على الكيان الصهيوني يضاف الى الخطر الذي يهدد مصير الصهاينة من داخل فلسطين المحتلة ومن لبنان ومن سوريا والعراق ومن الجمهورية الاسلامية الايرانية، وفي الحقيقة فان الصهاينة يريدون دفع الخطر اليمني المتعاظم، بالسعودية والتحالف مع السعودية.
لقد اعلن اليمنيون عدة مرات استعدادهم الفعلي للدخول على خط العمليات العسكرية ضد الصهاينة اثناء الاشتباكات الصهيونية مع الفلسطينيين، كما انهم يؤكدون بانهم طرف فعلي في اية حرب قادمة في المنطقة ضد الصهاينة.
فلا فتح الاسواق والتجارة مع دول الخليج الفارسي هو سبب محاولات الصهاينة للتقرب الى هذه الدول (الصهاينة لا ينقصهم المال والاقتصاد) ولا حاجة هذه الدول الى منظومات الدفاع الصاروخي والرادارات الصهيونيةالفاشلة ، بل على العكس فان الصهاينة هم من يحتاجون الى هذه الانظمة من اجل درء الخطر اليمني الذي يهدد وجود الصهاينة.
ولنكن واثقين بان الصهاينة والاميركان لن يتركوا السعودية تحل مشكلة عدوانها على اليمن عبر التفاوض والحل السلمي مع اليمنيين، وكل ما يقوله اليمنيون بأن اميركا وبريطانيا هم وراء عرقلة الحل هو صحيح مئة بالمئة لان تل أبيب لا تريد الحل في اليمن لكي تأمن من بأس اليمنيين، حسب ظنها.
من المؤكد ان التطبيع مع السعودية لن يقي الصهاينة من بأس اليمنيين الذين اثبتوا قدراتهم في المواجهة ، لكن هذا التطبيع هو حفرة أخرى حفرها الصهاينة امام السعودية لكي يستخدموها أداة لخدمة مشاريعهم واذا وقعت السعودية في هذه الحفرة فستصبح وقودا لنيران يريد الصهاينة اشعالها، فهل تغير السعودية سياستها وتنقذ نفسها مما ورطتّها فيه باليمن وتتجنب الوقوع في الفخ الصهيوني أم ستقع فيه ؟ سؤال تجيب عليه الايام القادمة.
فريد عبدالله