لبنان أمةُ المقاومة
يمكن اعتبار تاريخ 26 يناير 2024 تاريخًا وطنيًا يُكمل انتصار لبنان وتحريره للمرة الثالثة من قبضة النظام الصهيوني. في هذا اليوم تجمع العشرات من المواطنين اللبنانيين عند مداخل القرى وأماكن سكنهم في جنوب البلاد ليعودوا إلى منازلهم في ظل انتهاء المهلة المحددة البالغة 60 يومًا على الرغم من تحذيرات جيش الاحتلال الصهيوني.
يمكن اعتبار تاريخ 26 يناير 2024 تاريخًا وطنيًا يُكمل انتصار لبنان وتحريره للمرة الثالثة من قبضة النظام الصهيوني. في هذا اليوم تجمع العشرات من المواطنين اللبنانيين عند مداخل القرى وأماكن سكنهم في جنوب البلاد ليعودوا إلى منازلهم في ظل انتهاء المهلة المحددة البالغة 60 يومًا على الرغم من تحذيرات جيش الاحتلال الصهيوني.
خلال فترة وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، عاد سكان مناطق جنوب لبنان إلى أماكنهم وبيوتهم ولكن قُتل عدد منهم جراء إطلاق النار من جنود الاحتلال وانتهاك وقف إطلاق النار كما أصيب البعض. النظام الصهيوني يرفض الانسحاب من المناطق المحتلة في جنوب لبنان (1) لكن الشعب اللبناني أيضًا لا يرضخ لاستمرار وجود قوات الاحتلال في جنوب بلدهم.
خلال هذه الفترة لم يتمكن المستوطنون في الشمال من العودة إلى منازلهم وقد انتهك الاحتلال الصهيوني اتفاقات الهدنة المتكررة إلا أن هذه المحاولات لم تمنع تكرار مشاهد تحرير لبنان في عام 2000. في الواقع يمكن القول إن العودة الجماعية لشعب جنوب لبنان إلى قراهم في مواجهة العدو المُتعهد بنقض الاتفاقات الصهيونية تحمل عدة رسائل مهمة:
1. رسالة إلى المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
2. رسالة من المقاومة؛ مفادها أن المقاومة إيمان راسخ في قلوب الشعب اللبناني ولا تقتصر فقط على قوات حزب الله.
3. وحدة أراضي لبنان كاملة وغير قابلة للتجزئة.
4. تثبيت معادلة الحفاظ على مصالح لبنان من خلال الجيش والشعب والمقاومة.
5. المقاومة تعتمد على إدراك مشترك من قبل الشعب اللبناني وصمودهم في استعادة حقوقهم.
لكن الأهم والأقوى من هذه الرسائل يتعلق بالمجتمع الدولي، الذي يجب أن يقنع النظام الإسرائيلي بالخروج والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. إن هذا النظام يسعى و بدعم من الولايات المتحدة على الرغم من معارضة الحكومة والمقاومة في لبنان إلى إبقاء قواته في لبنان.
لا يُظهر الأمريكيون أي تراجع عن استمرار وجود القوات الصهيونية في بعض النقاط داخل الأراضي اللبنانية، مما سيؤثر على مسار تنفيذ القرار 1701، إذ لا يمكن من جهة تغطية استمرار الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان ومن جهة أخرى تصر المقاومة على ثبات مواقفها.(2)
تم اعتماد القرار 1701 في عام 2006 لإنهاء الحرب التي دامت 33 يومًا بين إسرائيل ولبنان، وقد حافظ على نوع من الاستقرار النسبي في المنطقة على مدى ما يقرب من عقدين. وقد نص القرار 1701 على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وأن القوات المسلحة الوحيدة المتواجدة بجنوب نهر الليطاني يجب أن تكون الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.(4)
استمرّت هذه الحالة حتى مابعد السابع من أكتوبر الماضي ولكن بعد الإعلان الرسمي من حزب الله لدعم غزة في حربها ضد النظام الإسرائيلي، تم انتهاك هذا القرار. خلال الأشهر الماضية وقبل اتفاق وقف إطلاق النار أعاد الأمريكيون التأكيد على ضرورة عودة لبنان والنظام الصهيوني إلى تنفيذ بنود هذا القرار.
ومع ذلك عقب الحركة التاريخية لشعب جنوب لبنان في العودة إلى منازلهم، شنّ النظام الصهيوني هجمات على مدينة النبطية في جنوب لبنان بهدف وقف هذه التحركات في 27 يناير. كما أصدرت قيادة الجيش اللبناني بياناً أعلنت فيه أن النظام الإسرائيلي قام بإطلاق النار على الجيش والمدنيين في منطقة يارون ومارون الراس أثناء مرافقة الجيش لعائلات النازحين الذين كانوا في طريقهم للعودة إلى مناطقهم على الحدود الجنوبية.(4)
الواقع أن الهدف من هذا القصف هو منع سكان قرى الجنوب من العودة إلى أوطانهم. كما يسعى النظام الإسرائيلي تحت ذريعة التصدي لعمليات نقل الأسلحة، للبقاء في مناطق أكبر من لبنان ما يُعد انتهاكًا صريحًا لوقف إطلاق النار. يعتقد الخبراء أن النظام الصهيوني يسعى أيضًا للحصول على الدعم الأمريكي في هذا السياق ليسمح له بالبقاء في لبنان لفترة أطول.(5)
في نهاية المطاف يجب القول إن النظام الإسرائيلي يدرك تمامًا أنه قد هُزم في المعركة ضد لبنان، لأنه لم يتمكن من احتلال هذه المنطقة بطريقة تتيح له المطالبة بالبقاء فيها، وليس لديه أي مبرر للوجود في هذه المنطقة، حيث يجب عليه في أي حال من الأحوال مغادرتها على الرغم من سعيه لإيجاد طرق للبقاء.
في الواقع إن أيام تحرير لبنان التي بدأت منذ الأحد الماضي، الموافق 25 يناير أكدت للنظام أن شعب لبنان لن يترك هذه القرى رغم أن تكاليف النظام خلال هذه الفترة للحفاظ على وجوده في جنوب لبنان كانت مرتفعة للغاية إلا أن اللبنانيين من خلال مقاومتم المستمرة تمكنوا ببسالة من الانتصار في الميدان واستعادة المناطق المحتلة من قبل النظام الصهيوني.
1. https://www.mehrnews.com/news/6358552
2. https://fa.alalam.ir/news/7160353
3. https://www.asriran.com/fa/news/1016920
4. https://fa.alalam.ir/news/7162298
5. https://fa.alalam.ir/news/7162418