التأخير في المساعدات السعودية الإغاثية إلى غزة.. وتساؤلات التوقيت

تتواصل النداءات الدولية، منذ بدء الحرب الصهيونية الهمجية على قطاع غزة لإنقاذ الفلسطينيين، وإرسال المساعدات العاجلة إليهم، في ظل الحصار والغارات الإسرائيلية المكثفة، التي أدت إلى استشهاد الآلاف، ودمار هائل في القطاع، وفي مرافقه الحيوية.

نوفمبر 14, 2023 - 07:17
التأخير في المساعدات السعودية الإغاثية إلى غزة.. وتساؤلات التوقيت
التأخير في المساعدات السعودية الإغاثية إلى غزة.. وتساؤلات التوقيت

تتواصل النداءات الدولية، منذ بدء الحرب الصهيونية الهمجية على قطاع غزة لإنقاذ الفلسطينيين، وإرسال المساعدات العاجلة إليهم، في ظل الحصار والغارات الإسرائيلية المكثفة، التي أدت إلى استشهاد الآلاف، ودمار هائل في القطاع، وفي مرافقه الحيوية.

وقد باشر العديد من الدول الداعمة للقضية الفلسطينية بإرسال شحنات المساعدات فور بدء العدوان، في محاولة لتلبية احتياجات الفلسطينيين الملحّة، إذ ما زالت المساعدات المقدمة كما وصفتها وكالات أممية غير كافية، فدعم الفلسطينيين في القطاع يحتاج للكثير من تلك الشحنات.

وأعلن الهلال الأحمر المصري أن 27 دولة أرسلت مساعدات إغاثية إلى غزة منذ بدء الحرب الشهر الماضي، ويواصل مطار العريش بشمال سيناء استقبال تدفق المساعدات الدولية لقطاع غزة، حيث تهبط بالمطار يومياً طائرات تحمل مساعدات ومواد إغاثة إنسانية عاجلة يتسلمها فرع الهلال الأحمر المصري ويعيد نقلها مشحونة على قاطرات إلى بوابة معبر رفح لتعبر إلى الجانب الفلسطيني.

ويزداد بشكل يومي عدد الدول التي ترسل المساعدات للفلسطينيين، بعد الوحشية الإسرائيلية في هذا العدوان، والكارثة الحقيقية التي تعرض لها سكان القطاع، ولا سيما الدول العربية الخليجية التي تنساق وفق رؤية أمريكيا للمنطقة، وتسير تحت مظلتها السياسية والعسكرية، إذ تربطها بها علاقات سياسية وعسكرية متينة، تفرض عليها التوجه في المسار الأمريكي.

ففي 23 أكتوبر أقلعت أولى طائرات الجسر الجوي الإغاثي من الكويت، مُحملة بالمساعدات للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهي متأخرة عموماً لتلبي حاجات عاجلة وطارئة، وكذلك السعودية التي أرسلت أول طائرة مساعدات بعد مرور 35 يوما من بدء الحرب إذ كان تأخرها واضحاً، ومثيراً للجدل.

التطبيع.. وتأخر المساعدات

طبّع الكيان الإسرائيلي علاقاته في عام 2020 مع كل من الإمارات والبحرين، وعزز روابطه بكل من المغرب والسودان، رغم أن مفاوضات السلام بينه وبين الفلسطينيين متوقفة منذ سنوات، كما كان هناك مفاوضات بين الكيان الإسرائيلي والسعودية، بوساطة أمريكية، بغرض تطبيع العلاقات، فإبرام "اتفاق سلام تاريخي" مع السعودية، كما وصفه رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، سيكون ذا أهمية كبيرة لبلاده نظرا للثقل السياسي والاقتصادي للمملكة، فضلا عن أهميتها الرمزية في العالمين العربي والإسلامي.

وقد أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل الحرب على غزة بأيام أن المملكة "تحقق تقدماً" باتجاه التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وتقترب كل يوم أكثر فأكثر من التطبيع، قائلا: بالنسبة لنا فإن القضية الفلسطينية مهمة للغاية، ولدينا مفاوضات متواصلة حتى الآن، نأمل أن تصل إلى مكان تسهل فيه الحياة على الفلسطينيين وتدمج "إسرائيل" في الشرق الأوسط.

وتؤكد الأوساط السعودية أن التطبيع استجابة لطلب أمريكي بهذا الخصوص ورغبة سعودية لتصفير المشاكل في المنطقة بدءاً من القضية الفلسطينية، فلدى السعودية مشاريع للمنطقة والرؤية 2030 والتي تحتاج إلى استقرار وأمن، وهناك أيضاً مسار البخور الذي تشترك فيه مع الهند والإمارات والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية مروراً بفلسطين المحتلة.

لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة جاءت في وقت كثر خلاله الحديث عن اقتراب السعودية من تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال، فبعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أصدرت الخارجية السعودية بيانا دعت فيه إلى "الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين وحماية المدنيين وضبط النفس".

فقد فرضت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضاءات وأنماطاً جديدة لعلاقات الدول مع الكيان الإسرائيلي، ولا سيما المتجهة منها إلى التطبيع، وأبرزها السعودية، إذ نقلت رويترز عن مصدرين مطلعين قولهما إن السعودية ستجمد خططها الهادفة إلى تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل"، ما يشير إلى سعيها لإعادة التفكير في أولويات سياستها الخارجية في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ومن جهة أخرى أوقع العدوان السعودية في مأزق الموقف الحقيقي، بين التصريح والفعل، فتصريحاتها تدين كيان الاحتلال وتحمله مسؤولية العدوان، لكن وقوفها الإغاثي إلى جانب أهل غزة كان متأخراً بشكل يثير التساؤل، فما الذي أخر مساعداتها الاغاثية؟

مؤخرا كتبت صفحة دورون بيسكين العبرية: غريب بعض الشيء، لكن بعد مرور أكثر من شهر على بداية الحرب، اليوم فقط غادرت أول رحلة جوية من المملكة العربية السعودية إلى مطار العريش في سيناء المصرية، محملة بالمساعدات الإنسانية لسكان غزة. وبحسب التقارير فإن الطائرة كانت تحمل 35 طنا من المساعدات.

ويدعي السعوديون أنهم سيقيمون في الأيام المقبلة جسرا جويا لمساعدة سكان غزة. ومن أجل المقارنة فقط مع التأخير السعودي في تقديم المساعدات، فقد أرسلت الكويت، وهي دولة خليجية أخرى، 14 طائرة مساعدات إلى العريش لسكان غزة.

تحاول السعودية اتباع نهج براغماتي يحافظ على مصالحها، ويضمن الوصول إلى مطامحها، وفي الوقت نفسه يقدمها بصورة الراعي للشأن العربي ولقضاياه المصيرية انطلاقا من مركزية الدور العربي والإسلامي لها، إذ ترغب السعودية في مساعدة الولايات المتحدة لها في تطوير برنامجها النووي السلمي الوليد، إضافة إلى رغيتها بإبرام اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن تضمن ذود الولايات المتحدة عنها في حال تعرضها للهجوم وهذان المطلبان لا يحظيان بترحيب الجميع في الولايات المتحدة وكيان الاحتلال.

وربما عقد القمة في السعودية دليل واضح على البراغماتية السعودية، فمن غير المنطقي عقد القمة على أرضها، وإخراج بنود تدعو لإرسال مساعدات عاجلة إلى غزة، دون أن تكون قد باشرت بالفعل بخطوة كهذه، أسوة بالغالبية العظمى من المشاركين في هذه القمة.

 مجد عيسى

 

المصادر:

1- https://cutt.us/E0QXo

2- https://cutt.us/ew0Zk

3- https://cutt.us/9zO4N

4- https://cutt.us/7oD3S

5- https://cutt.us/d8TUj