في يوم القدس العالمي: “الضفة درع القدس”
لإيران الدور الفعّأل في نصرة المستضعفين وتقديم الدعم والدفاع عن الشعوب المظلومة في العالم، وخصوصا إلتزامها الدائم بدعم القضية الفلسطينية العادلة.
تمرّ علينا الذكرى السنوية الـ 44 لإعلان يوم القدس العالمي هذا العام، ونحن نعيش في ظروف صعبة للغاية ومتفجرة جدا الى حد نشوب حرب كبرى، مع استمرار عدوانية الكيان الصهيوني الغاصب المحتل وإعتداءاته واعتقالاته وبطش جنوده وقمع قواته للفلسطينيين المصلين الصائمين المعتكفين للعبادة في المسجد الاقصى في القدس الشريف، واقتحامه وانتهاك حرمته وتدنيس قدسيته من قبل المستوطنين الصهاينة المحتلين. اليوم الضفة بعد غزّة تشكل سيف ودرع القدس، وأهلها والمقاومون فيها هم المدافعون الاوائل عن مقدساتها والحفاظ على تراثها ووجودها.
نذكّر العالم بأن يوم القدس العالمي هو النداء الذي أطلقه قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني (رض) في أخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك عام 1979، بعد أربعة أشهر فقط من قيام نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي كان لها الدور الفعّأل في نصرة المستضعفين وتقديم الدعم والدفاع عن الشعوب المظلومة في العالم، وخصوصا إلتزامها الدائم بدعم القضية الفلسطينية العادلة.
لذا، يعتبر هذا اليوم هو يوم عظيم في تاريخ الامة العربية والإسلامية لأنه يجسّد ثورة الحق على الباطل، وثورة المظلوم على الظالم، وثورة المستضعفين على المستكبرين، وهو يوم قيامة الإنسان للتحرر من الظلم والعبودية والطغيان والاستبداد والاحتلال، وهو يوم السعي الجاد والمثابرة الدؤوبة لبثّ روح المقاومة الفاعلة والعمل الكفاحي والجهاد لإستعادة الحقوق المغتصبة للشعوب المقهورة ومساعدتها لنيل حريتها وإستقلالها، ولنشر قيم العدل والعدالة والمساواة، وتعزيز قيم الحضارة والمبادىء الإنسانية، وتحقيق إستقرار الأمن والرخاء المستدام وإفشاء الأمان والسلام في المجتمعات البشرية.
إن بلورة الأهداف السامية لهذا اليوم المجيد لا يتمّ إلا من خلال بناء مشروع حضاري إستراتيجي تحرري نواته بناء قوام الانسان وإحتضانه عقيدة الإيمان والقوة والصبر والثبات، وتشكيل منظومة عالمية ثورية تعمل على رفع مستوى الوعي السياسي الثوري وإستيقاظ الشعوب وتعبئة الجماهير وشحنها بالطاقة الثورية والجهادية، وغرس عقيدة “النصر أو الشهادة” في نفوس الثائرين والمقاومين والمجاهدين المستوحاة من ثورة الإمام الحسين (ع) الخالدة التي أنتصر فيها الدم على السيف.
واقعيا، الاحتفاء بيوم القدس العالمي يشكل محطة زمنية لاستحضار القدس الشريف والقضية الفلسطينية وجعلها في قمة أولويات قضايا الامّة العربية والإسلامية، وأن تبقى حاضرة حيّة في نفوس وقلوب ووجدان شعوبهم وعند جميع أحرار العالم. كما إن إحياء يوم القدس العالمي يعتبر من احدى المرتكزات الاساسية لتوحيد الجهود العالمية والطاقات الشابة والنخب الناشطة وتحشيد القوى الفاعلة من أجل تكريس التضامن والتأييد والدعم لنصرة القدس والشعب الفلسطيني المظلوم، وتعميم ثقافة المقاومة وخيار الكفاح المسلح في استرجاع أرض فلسطين الى أهلها لان ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، وتعزيز الاعتقاد بحتمية زوال “اسرائيل” من الوجود، التي تشكل “غدة سرطانية” في جسد الامّة يجب إستئصالها، وكونها العدو الحقيقي للعرب والمسلمين لأنها تكرّس سياسات الاحتلال والاستيطان بمنطق القوة والقتل وهدم البيوت وفرض الغطرسة العسكرية والهيمنة الامنية لتهويد القدس وإغتصاب فلسطين.
ويشكل يوم القدس العالمي كل عام مناسبة عظيمة لتجديد العهد والولاء والقسم بأن تبقى القدس هي محور وحدة العالم الإسلامي وفلسطين هي القضية المركزية الأولى، وأن يبعث الأمل من جديد في وجدان الاجيال الناشئة المتعاقبة، كما يساهم في إستنهاض طاقاتهم وهممهم لتزيدهم قوة وأقتدارا وعزيمة وأرادة أصلب وبصيرة أبصر وثقة عالية بإمكانياتهم القتالية، ومواصلة نهج المقاومة وتوسيعه، وتوجيه البوصلة والقبلة وحرف الانظار نحو تحرير القدس وفلسطين من البحر الى النهر.
كما يشكل هذا اليوم العظيم منبرا لتجديد الخطاب الثوري بتبني الخيار الاستراتيجي المقاوم والاستمرار بإعداد القوة في كل المجالات، والتركيز على أهمية تراكم قوة محور المقاومة وإقتداره وإكتساب الخبرات العالية وتطوير المهارات، وضرورة مواصلة دعم حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة من قبل الصهاينة الغزاة المحتلين، والوقوف بقوة الى جانب قضيته العادلة، وحفظ خط الإيمان والثبات والعزم والتصميم على المواجهة والصمود والتصدي والتحلي بالصبر الاستراتيجي، وضمان استمرارية وحدة المسير والمسار على نهج المقاومة والجهاد، وتفعيل وحدة الساحات وترابط الميادين وتنسيق الفعاليات والمناورات والعمليات، والاقتداء بدرب الثائرين والشهداء وبذل الارواح والتضحيات وكل غالٍ ونفيس في سبيل تحقيق الهدف المنشود: أما نيل الشهادة أو تحقيق النصر والتحرير وبناء دولة فلسطين وعاصمتها الـقدس الشريف، إيمانا وإعتمادا على قول الله تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، وما النصر إلا من عند الله العليّ القدير الجبار.
د. أحـمـد الزيـن