علاقة السوادن واليمن بإيران
في هذا السياق يبرز دور إيران كحليف استراتيجي لليمن حيث يمكن أن تكون إيران تمامًا كما كانت مع اليمن في الحرب قادرة على مساعدة السودان في إدارة التوترات.

توجد هناك علاقة بين الأوضاع التي تحدث في السودان وبين الحرب في اليمن وقد تشكلت من خلال رسم خريطة التحالفات والظروف السياسية والجغرافية في المنطقة، حتى أنه قيل إن الحرب والصراع في السودان هما استمرار للحرب في اليمن، لكن لا يمكن القول بوجود تطابق كامل بينهما. فقد أرسل جنرالات في زمن عمر البشير قوات لمكافحة التمرد في اليمن، وتعد تلك القوات الآن عائدة من الحرب في اليمن وبدأت منذ حوالي عام في الاشتباك مع بعضها البعض داخل السودان. هنا القتال يدور بين مجموعتين كانتا مشغولتين في اليمن، والآن هما تتقاتلان معًا. قد يكون القاسم المشترك بينهما هو معاناة الشعب السوداني من نقص المياه وإغلاق المستشفيات وهو الحال ذاته في اليمن حيث تتأثر كلا الجهتين من النزاع مما يؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين العاديين.
في هذا السياق يبرز دور إيران كحليف استراتيجي لليمن حيث يمكن أن تكون إيران تمامًا كما كانت مع اليمن في الحرب قادرة على مساعدة السودان في إدارة التوترات.
في ديسمبر 2015 عقب الهجوم الذي شنه المحتجون على السفارة السعودية في طهران وإضرام النار فيها قطعت السلطات السعودية علاقاتها مع إيران. ومنذ ذلك الحين أعلنت دول البحرين والسودان والصومال وجيبوتي ومالديف وجزر القمر (كومور) عن قطع علاقاتها مع طهران دعمًا للرياض. وبعد البحرين كانت السودان هي الدولة الأهم في هذه المجموعة، حيث قامت بإغلاق السفارة الإيرانية في بلادها وطردت السفير الإيراني.
وفي فبراير 2023 وبعد مرور 8 سنوات على تلك الحادثة وعقب تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية بوساطة الصين (في مارس 2022)، تم استعادة العلاقات بين إيران والسودان.
وعادت إيران إلى السودان لأربعة أسباب:
1. دعم الحكومة والشعب السوداني والحفاظ على وحدة الأراضي وسيادة هذا البلد؛
2. إضعاف قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات التي كانت سابقًا تقاتل ضد الجيش الشعبي في اليمن وهذا الإضعاف كان له تأثيرات على الأمن العسكري في اليمن أيضًا؛
3. إضعاف النفوذ الإماراتي في السودان واليمن وهو ما تعتبره إيران لمصلحة الكيان الإسرائيلي مثل السيطرة على المجلس الانتقالي اليمني بدعم من الإمارات وإضعاف الجماعات المسلحة المدعومة من الإمارات في السودان إذ تسعى الإمارات من خلال ذلك إلى السيطرة على البحر الأحمر وإضعاف اليمن
4. استبعاد السودان من معادلة الكيان الإسرائيلي لتطبيع العلاقات
5. حرمان الكيان الإسرائيلي والإمارات من الاستيلاء على ذهب السودان وهو ما يعتبره العديد من المحللين سببًا رئيسيًا لدعم القوى العالمية والإقليمية.
في الأيام الأخيرة قام علي يوسف أحمد الشريف وزير الخارجية السوداني بزيارة طهران للتشاور مع المسؤولين الإيرانيين حيث التقى مساء يوم الاثنين بالسيد عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني.
خلال المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية إيران والسودان تم تبادل تصريحات جيدة ربما كان أهمها التصريحات الواضحة والشفافة للسيد عباس عراقجي بشأن دعم إيران للجيش السوداني في مواجهة "المتمردين". هذه التصريحات الصريحة والواضحة التي تعكس ثقة إيران بالنفس في موضوع السودان. وقد اكتملت بمواقف أخرى للوزير الإيراني، حيث أكد عراقجي أنه "نحن ندعم الحكومة والجيش السوداني في مواجهة المتمردين ونعتقد أن الحل لمشاكل السودان يكمن في وقف التدخلات الخارجية في هذا البلد وتوفير السبل لإجراء حوارات وطنية".
كما أشار إلى أن "واحدة من القضايا التي سيتم مناقشتها في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين هي تهيئة الظروف لمشاركة الشركات الإيرانية في إعادة إعمار السودان". حيث تضررت بعض البنية التحتية في السودان خلال النزاعات الداخلية، وتستطيع الإمكانيات الفنية والهندسية الإيرانية أن تلعب دورًا في إعادة إعمار السودان كما ستتم صادرات البضائع الإيرانية إلى السودان وتلبية احتياجات البلدين في هذا الإطار.
من جهة أخرى يجب أن نشهد قريبًا رحلات جديدة للطائرات الإيرانية التي تحمل الأسلحة والمعدات اللازمة للطائرات المسيرة مهاجر 6 باتجاه ميناء السودان.
في النهاية يبدو أن هذه الزيارة تأتي في ظل تحليل يربط الوضع في السودان بمصالح إيران في اليمن، وهناك صلة بين هذين المشهدين يتم عرضها في اتجاه واحد إذ إن المعارضين في السودان يتلقون الدعم من نفس الأحزاب الداعمة للمخالفين في اليمن وهذا يعكس في السياسة وحدة المصالح والأهداف في هذين الملفين.
حكيمة زعيم باشي