ضعف أمريكا في التعامل مع البالون الصيني
في الأسبوع الماضي تسبب ظهور منطاد صيني فوق سماء الولايات المتحدة إلى غضب وارتباك واشنطن وتسبب ذلك في إلغاء الزيارة التي كان مخططا لها مسبقا لأنتوني بلينكين وزير خارجية الولايات المتحدة إلى الصين، على الرغم من أن كلا البلدين كان يأملان في أن تتحسن العلاقات المتوترة بين بكين و واشنطن بعد القيام بهذه الرحلة.[1]
يعتقد الأمريكيون أن هذا البالون تحرك في مسار قطري من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي للولايات المتحدة وقد دمرته طائرة من طراز F-22 بالقرب من ساحل ساوث كارولينا. بالطبع في بداية دخول الأراضي الأمريكية شوهد في ولاية مونتانا في الشمال الغربي وهي منطقة توجد بها مراكز نووية حساسة.
في الحقيقة دخل البالون الصيني من الحدود الكندية ونزل في ولاية مونتانا لدرجة أنه كان مرئيًا بالعين المجردة. كما تدعي أمريكا أنها كان من الممكن أن تدمره في نفس اللحظة التي دخل فيها سماء هذا البلد لكنها لم تكن تريد إلحاق الضرر بمواطنيها فلم تتخذ أي إجراء للسماح للمنطاد بالمرور فوق المحيط.
لكن رواية الصين مختلفة عن هذا الادعاء. وتعتقد بكين أن هذا البالون ذهب إلى تلك المنطقة لأسباب بيئية وجوية ولم يكن لديه أي هدف للتجسس. وعبرت بكين بعد سقوط هذا البالون عن استيائها وقالت إن الشركة المصنعة لهذا البالون ستقدم شكوى في المحاكم الأمريكية.[2]
بعد هذه الحادثة لا يبدو أن الأمريكيين يبحثون عن مواجهة جادة مع الصين. لأن الموقف الحاسم والمتشدد في هذه الحالة لم يأخذه مسؤولو بايدن بكامل جديته. وفي الظاهر تم اتخاذ سلسلة من المواقف السطحية وقيل أيضًا أن نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان أبلغت حوالي 150 دبلوماسيًا أجنبيًا في 40 سفارة، وفي بكين وعلى مدى يومين جمعت الولايات المتحدة دبلوماسيين أجانب من أجل عرض نتائج واشنطن حول هذا البالون.
وفقًا لرويترز تم الإبلاغ عن اجتماعات شيرمان لأول مرة من قبل صحيفة واشنطن بوست لكن وزارة الخارجية لم ترد بسرعة على طلب عرض النتائج.[3]
كما صرح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين بأن خطوط الاتصال بين بكين وواشنطن ستبقى مفتوحة وأن الولايات المتحدة والصين ستسعيان إلى "إدارة مسؤولة" لخلافاتهما.[4]
النقطة المثيرة للاهتمام في هذه القصة هي أن ظهور هذا البالون في سماء الولايات المتحدة لم يكن أول مرة. فقد أعلنت مجلة بیزینس اینسایدر في تقرير لها أن الجمهوريين الآن في محيط السياسية الأمريكية يوجهون اللوم إلى جوبايدن على السماح لبالون تجسس للحكومة الصينية بدخول سماء الولايات المتحدة، ولكن وفقًا لبعض الأخبار أكد مسؤولون عسكريون أمريكيون إن هذا حدث ثلاث مرات خلال عهد ترامب.
وثقت المجلة تقريرها بناءً على خبر جاء من وكالة أسوشيتيد برس ونقلاً عن مسؤولين كبار في البنتاغون وأعلن أن بالونات المراقبة الصينية المشبوهة دخلت الولايات المتحدة ثلاث مرات على الأقل خلال إدارة ترامب ومرة أخرى خلال إدارة بايدن. كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت البالونات التي شوهدت خلال إدارة ترامب قد أُسقطت مثل هذه المرة أما لا.[5]
لكن دونالد ترامب رد على نبأ "بالون التجسس الصيني على وسائل التواصل الاجتماعية الخاصة به " تروث سوشيال" وكتب: "هذه القصة مروعة مثل الانسحاب من أفغانستان وكل ما حدث في إدارة رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ". وقال ردا على مزاعم البنتاغون أن بالونات صينية دخلت المجال الجوي للولايات المتحدة الأمريكية خلال رئاسة ترامب: "هذا لم يحدث قط. احترمتني الصين كثيرا. "هذه كلها معلومات خاطئة".[6]
والحقيقة أن حادث البالون الصيني أحدث ارتباكًا وقلقًا غريبًا للسلطات الأمريكية. لم يكن لديهم القدرة على اتخاذ قرار فوري، بينما جال هذا البالون الولايات المتحدة لمدة أربعة أيام وحتى الأمريكيون أعلنوا في الأيام الأولى أن هذا البالون لايشكل خطرًا أمنيًا وغير محدد الهوية، لكنهم بعد ذلك أغلقوا ثلاثة مطارات أمامه. وأسقطوه أخيرًا بمقاتلتهم الأكثر تقدمًا وتطوراً ولم تستخدم نظام دفاعها الأرض – جو الذي طالما أظهرته للعالم. يجب القول إن كل هذا كشف عن ضعف القوات الجوية الأمريكية وأنظمة الرادار والطائرات بدون طيار في هذا البلد. بالإضافة إلى ذلك أظهر مدى هشاشة العلاقة بين الصين وأمريكا. لكن يبدو أنه على الرغم من الاختلافات العديدة بين البلدين ابتداءاً من سباق التكنولوجيا والتجارة حتى الوضع في جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها. الأمريكيون لا يبحثون عن مواجهة مباشرة أو حتى حرب باردة مع الصين وهذا يظهر أيضا ضعف أمريكا وتعلم أنه إذا استمرت قصة البالون فإنها ستفقد هيبتها أمام الرأي العام المحلي وعلى المستوى الدولي.