الثنائية القطبية تخيم على فرنسا!

لم تمر أسابيع قليلة على انتخابات البرلمان الأوروبي، حتى طلب السيد ماكرون حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. وقد حدث هذا الأمر بسبب هزيمة حزب الرئيس هزيمة كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي. وبعد الخسارة التي مني بها الرئيس ماكرون في انتخابات البرلمان الأوروبي، قام بمقامرة كبيرة وأجرى الانتخابات الوطنية قبل الموعد المحدد لها.

يوليو 8, 2024 - 10:41
الثنائية القطبية تخيم على فرنسا!
الثنائية القطبية تخيم على فرنسا!

لم تمر أسابيع قليلة على انتخابات البرلمان الأوروبي، حتى طلب السيد ماكرون حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. وقد حدث هذا الأمر بسبب هزيمة حزب الرئيس هزيمة كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي. وبعد الخسارة التي مني بها الرئيس ماكرون في انتخابات البرلمان الأوروبي، قام بمقامرة كبيرة وأجرى الانتخابات الوطنية قبل الموعد المحدد لها.

نتيجة الانتخابات؟

في الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة عام 2024، تمكن حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان من الفوز بنسبة 34% من الأصوات. وحصل ائتلاف اليساريين على 24% وحزب "النهضة" بزعامة إيمانويل ماكرون على 16% فقط من الأصوات. وفي هذه الانتخابات ونظراً لعدم تمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات، أي أكثر من 50%، تم تأجيل الانتخابات إلى الجولة الثانية. ومن المقرر أن تجرى الجولة الثانية من الانتخابات الأسبوع المقبل [1].

 فرنسا المتغيرة

تظهر نتائج الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين بوضوح التحول والتغيير الواسع النطاق في البنية الاجتماعية لهذا البلد. وأظهرت عودة انتصار اليمين المتطرف أن المجتمع الفرنسي يتجه أكثر نحو القطبية الثنائية، وبالطبع يتجه نحو التطرف. كما إن التجمع الليلي الكبير لمعارضة المتطرفين بعد إعلان النتائج يظهر بوضوح خوف شعب هذا البلد من هيمنة اليمين المتطرف. ويشعر المعارضون لليمينيين المتطرفين بأمل كبير في الجولة الثانية من الانتخابات، معلنين أنهم لن يسمحوا لليمين المتطرف بالفوز في الانتخابات.[2]

بشكل تقليدي، عندما تصل الانتخابات في فرنسا إلى الجولة الثانية، عادة ما تكون فرصة اليمين المتطرف للفوز أقل لأن الأحزاب الأخرى تشكل ائتلافات مع بعضها البعض ضد اليمين المتطرف. ومع ذلك يبدو أنه في هذه الفترة من الانتخابات، تتمتع الأحزاب اليمينية بفرصة أفضل للفوز بمقاعد أكثر في البرلمان. ويعني هذا الحدث أن دورهم في الحكومة سيصبح أقوى وستزداد سلطة اتخاذ القرار في مختلف المجالات على مستويات الإدارة المختلفة في فرنسا لصالح اليمين.

اليمين المتطرف في فرنسا يغذي القطبية الثنائية في المجتمع الفرنسي. وقد فعلوا ذلك بشكل واضح من خلال التركيز على القضايا الاجتماعية والثقافية الحساسة مثل الهجرة والأمن والهوية الوطنية. ويعمل سياسيو هذا الفصيل على تكثيف الاختلافات الاجتماعية من خلال التأكيد على التهديدات الخارجية والداخلية واستخدام لغة مثيرة للانقسام والتفكك. كما أنهم من خلال انتقادهم الشديد للنخبة السياسية والاتحاد الأوروبي، يقوضون ثقة الجمهور في النظام القائم ويزيدون من الدعم للسياسات المتطرفة والمناهضة للنظام. وقد أدت هذه الأساليب إلى إضعاف التماسك الاجتماعي وتكثيف الاستقطاب السياسي في هذا البلد.[3]

في الواقع، يبدو أن نهج اليمين المتطرف هو الفوز وتشكيل ثنائية قطبية واسعة في المجتمع حتى يتمكنوا من البقاء في قمة الفضاء السياسي الفرنسي. لقد حققوا نجاحا كبيرا في هذا المجال، وبطبيعة الحال، فإن الأداء السلبي لحكومة السيد ماكرون لم يكن ذو فعالية في هذا الشأن ليتم السيطرة عليه. لقد كانت سياسات الحكومة الفرنسية حذرة ومتوافقة مع أهداف الاتحاد الأوروبي، وقد خلقت هذه القضية فرصة لليمين المتطرف لإرجاع كل مشاكل البلاد إلى عوامل مختلفة مثل الهجرة، وحرب أوكرانيا، والمشاكل الداخلية و عدم الكفاءة وهو موضوع نجحوا في التسويق له بشكل جيد بين مختلف فئات الشعب.

المستقبل القادم؟

يبدو أن دور الدوق في الانتخابات لن يتزامن أو يترافق مع الفوز الساحق لليمين المتطرف. لأن قسماً كبيراً من الشعب ما زال يعتبرهم خطراً كبيراً كما إن الأطراف والأحزاب الأخرى تتوح للتعامل معهم. بالإضافة إلى ذلك، سيستخدم السيد ماكرون كل سلطته للبقاء في السلطة وعدم السماح لليمين والسيدة لوبان بالفوز. ولكن في هذه الأثناء، يجب عليك الانتباه إلى بعض النقاط المهمة. أولاً، أصبح موقف ماكرون غير مستقر إلى حد كبير، ولم يعد قادراً على امتلاك زمام السلطة اللازمة لتنفيذ سياساته المنشودة. يمكن أن يجلب هذا الحدث تحديات لهم في لعب فرنسا لدورها الهام سواء في أوروبا أو على مستوى النظام الدولي لأنهم لا يتمتعون بالقبول والدعم الشعبي الكافي في الداخل وقد تكون هذه القضية مكلفة بالنسبة لهم. إضافة إلى ذلك فإن هذا الحدث يشكل إنذارا كبيرا لفرنسا وحتى للاتحاد الأوروبي الذي يجب أن يفكر في حل لمنع تشكيل تحالف اليمين في أوروبا، لأن تشكيل هذه العلاقة يعني نهاية الاتحاد الأوروبي و فقدان الاستقرار و ضعف القوة الأوروبية وربما تشكيل فوضى واسعة النطاق في القارة الخضراء.

امین مهدوی


[1] reuters.com

[2] politico.eu

[3] Theconversation.com