التعاون النفطي بين إيران والسعودية.. ما هي آفاق الاستثمار في الحقول المشتركة؟

التعاون النفطي بين إيران والسعودية.. ما هي آفاق الاستثمار في الحقول المشتركة؟

يوليو 3, 2023 - 12:34
التعاون النفطي بين إيران والسعودية.. ما هي آفاق الاستثمار في الحقول المشتركة؟
التعاون النفطي بين إيران والسعودية.. ما هي آفاق الاستثمار في الحقول المشتركة؟

عقب استئناف العلاقات بين إيران والسعودية في 10 آذار/مارس الماضي، يمكن الحديث عن بدء التعاون النفطي المشترك بين هذين البلدين، تعاون ربما يتحقق في مجال الاستثمار في الحقول المشتركة، مما سيعود بالآثار الإيجابية على البلدين.

ومؤخرا أكّد المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خجسته مهر، بدء الأعمال التمهيدية للتعاون النفطي بين إيران والسعودية.

وقال خجسته مهر للصحفيين، الثلاثاء الماضي، إنّه "تم استلام الخطط والموافقات اللازمة لزيادة الإنتاج والحفاظ على الطاقة الإنتاجية لجميع الحقول المشتركة بين إيران والسعودية".

وأضاف :"في حقل فروزان النفطي المشترك بين إيران والسعودية، تعمل شركات بتروبارس والمنشآت البحرية على جبهتين، وقريباً سيتم الإعلان عن أنباء إيجابية بشأن زيادة إنتاج هذا الحقل.

كذلك تم توقيع عقد إنشاء حقل غاز فرزاد (ب)، ويجري حالياً إنشاؤه من جانب شركة بتروبارس".

وأوضح خجسته مهر: "هناك استعدادات كاملة لبدء الحفر في حقل آرش النفطي المشترك، وقد اعتمدنا موارد كبيرة لتنفيذ خطة تطوير هذا الحقل في مجلس إدارة شركة النفط الوطنية الإيرانية، وعندما تصبح الظروف جاهزة، سنبدأ الحفر في حقل آرش".(1)

وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التوجه نحو نموذج مشترك لإدارة حقول النفط، التي كانت محل خلاف في السابق بين إيران ودول الخليج الفارسي، سيعتمد على تكرار الصيغة التي طبقتها إيران وقطر في حقل الشمال (بالنسبة لقطر أو الجنوب بالنسبة لإيران)، والذي يعد أحد أكبر حقول الغاز في العالم ويمثل أحد أهم أشكال التعاون الإيراني الخليجي.

ويلفت عايش إلى أهمية الحقول المشتركة لإيران مع دول الخليج الفارسي، إذ تحوي 20% من احتياطي النفط و30% من احتياطي الغاز الخاص بالجمهورية الإسلامية، ما يفتح المجال لحوار بشأن الطاقة في المنطقة، خاصة بعد تحسين العلاقات الدبلوماسية بين مختلف دولها، ما يعني إمكانية استثمار الحقول المشتركة لصالح جميع الأطراف.

ومن شأن ذلك تحقيق الاستفادة من ثروة قديمة، يعود اكتشافها إلى ستينيات القرن الماضي، ولم يُستثمر بعضها بالشكل المطلوب، وبعضها تأجل الاستثمار فيه بسبب النزاع على ملكيته، وبالتالي فالاتفاق السعودي الإيراني يمثل بوابة لاستثمار حقول النفط والغاز المعطلة وإيجاد حلول بشأن الملكية المتنازع عليها.

و"قطاع النفط والغاز في إيران بحاجة ماسة إلى استثمارات ضخمة تقدر بنحو 140 مليار دولار، إذ تخلفت الجمهورية الإسلامية كثيرا عن التطور في هذا المجال طوال السنوات الماضية نتيجة العقوبات الدولية، والسعودية هي الأجدر بتوفير هذا الحجم الاستثماري"، حسب عايش.

ويلفت عايش إلى أن السعودية وإيران بلدان عملاقان في قطاع الطاقة، إذ بلغ الاحتياطي السعودي من النفط، العام الماضي، 267.2 مليار برميل، فيما بلغ الاحتياطي الإيراني في العام ذاته 208 مليارات برميل.

كما يبلغ حجم الاحتياطي من الغاز في إيران 34 تريليون متر مكعب، بينما يبلغ احتياطي الغاز في السعودية 8.5 تريليونات متر مكعب، ما يعني أن المجال مفتوح لاستثمارات سعودية واسعة في قطاع الطاقة الأحفورية الإيراني، وهو ما تدعمه الإيرادات المرتفعة التي حققتها المملكة نتيجة ارتفاع أسعار النفط العام الماضي، بحسب عايش.(3)

وبصفة عامة، تشترك إيران في 28 حقلًا للنفط والغاز مع الدول المجاورة، وتحتوي هذه الحقول المشتركة على 20% من احتياطي النفط الإيراني و 30% من الغاز الطبيعي، أشهرها حقل بارس الجنوبي الذي تشترك فيه إيران مع قطر (يسمى الجزء القطري حقل الشمال)، وفق بيانات شركة هيرت إنرجي (Hart Energy).(4)

ويمكن لاستئناف العلاقات بين إيران والسعودية أثار إيجابية في مختلف القطاعات، على سبيل المثال، الاستثمار المشترك في الحقول النفطية، لأن هذين البلدين لديهما 4 حقول نفطية مشتركة - اسفنديار، فروزان، فرزاد أ (فارس 1) وفرزاد ب (فارس 2) - ويمكن أن يساعد في التطوير المتكامل للحقول النفطية.

التطوير المتكامل للحقول أي بمعنى أنه يجب اعتبار الحقل بأكمله الذي يقع بين الحدود لدولتين أو أكثر "وحدة متكاملة"، وبدلاً من استخدام كل دولة مستفيدة جزءا من الحقل داخل حدودها بشكل مستقل، يمكنهم التوافق على تطوير الحقل بأكمله كوحدة متكاملة من قبل شركة واحدة معتمدة من جميع الأطراف، وسيتم توزيع الفوائد المستمدة منه، وكذلك تكاليف الاستثمار وتطوير الحقل، بما يتناسب مع الحصة المتفق عليها.

طريقة التطوير هذه تقابل تماماً اتفاقية التنمية المشتركة، وهي نوع من الاتفاق بين دولتين أو أكثر للتنمية المشتركة والاستثمار بما يتناسب مع الحصة المتفق عليها من موارد النفط والغاز المكتشفة في منطقة معينة.

التطوير المتكامل للحقول المشتركة في الشرق الأوسط هي قضية لم يتم القيام بها على الرغم من الحجم الكبير لاحتياطيات النفط والغاز في هذه الجغرافية من العالم، وقد أدى هذا الموضوع إلى استخراج غير وقائي للحقول المشتركة، مما أدى إلى حبس الموارد الجوفية وخسارتها إلى الأبد.

يأتي إهمال التطوير المتكامل للموارد المشتركة في الشرق الأوسط، في حين أن معظم الحقول المشتركة في الدول الأوروبية، بما في ذلك الحقول المشتركة في بحر الشمال، يتم تطويرها دائما بطريقة متكاملة والذي من شأنه خفض تكاليف الإنتاج من الحقول، وارتفاع الحد الأقصى لاستخراج النفط والغاز.(4)

يوجد حاليا 28 حقلاً للنفط والغاز تقع بشكل مشترك على حدود إيران والدول المجاورة مثل الكويت وقطر والإمارات والسعودية. ووفقا لخبراء دوليين، هناك احتمال أن تتوصل إيران والسعودية إلى اتفاقيات تعاون لضمان الاستثمار المستدام والمربح لهذه الحقول. ومن المحتمل أن تستفيد الرياض من تحسين علاقاتها مع طهران في تخفيف التوترات في المنطقة، وتقليل التكاليف العسكرية والأمنية، ودخول السوق الإيرانية الكبيرة.

يمكن للتطوير المتكامل للحقول تحقق أعلى معدل إنتاج مع الحفاظ على خاصيتين؛ الأولى، يجب أن يكون هذا الإنتاج قابلاً للتخطيط على أمد بعيد، وفي المرحلة التالية، يجب أن يكون قادرا على استعادة أقصى قدر من خزانات النفط. كما أن من بين فوائد التطوير المتكامل للحقول زيادة معدل إعادة التدوير النهائي، ومنع مضاعفة تكاليف التطوير، ومنع الحفر التنافسي غير الضروري والإنتاج الوقائي من الخزان أو الحقل، وتوفير الأرضية اللازمة لتعزيز العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتبادلات الفنية بين الأطراف.

ختاماً يمكن القول إن على إيران والسعودية الاعتماد على التعاون المشترك من أجل ضمان حيوية التبادل التجاري خاصة في المجال النفطي، ويمكن أن يكون هذا الاتفاق بداية لحل قضايا مثل ملكية الحقول النفطية والاستثمار المشترك بين هذين البلدين. والآن ما علينا إلا أن نترقب ما إذا كان استئناف العلاقات بين إيران والسعودية يمكن أن يكون بداية للتطوير المتكامل لحقول النفط المشتركة.

 مجد عيسى

 

المصادر

1-https://cutt.us/LVkgf

2-https://cutt.us/XzQpB

3-https://cutt.us/oyy9T

4- https://cutt.us/6zubq