أطفال غزة.. جحيم العدوان
شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانا حربيا واسعا وغير مسبوق عبر الجو والبر والبحر على قطاع غزة، ارتكبت خلاله مجازر مروعة بحق المدنيين، إذ قتلت وأصابت الآلاف، بما في ذلك عمليات الإبادة والقتل الجماعي في المستشفيات والكنائس ومراكز الإيواء، ودمرت آلاف الوحدات السكنية، وهجرت 70 % من السكان من منازلهم، مع سعي كيان الاحتلال إلى قطع إمدادات الكهرباء والغذاء والمياه والوقود.
شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانا حربيا واسعا وغير مسبوق عبر الجو والبر والبحر على قطاع غزة، ارتكبت خلاله مجازر مروعة بحق المدنيين، إذ قتلت وأصابت الآلاف، بما في ذلك عمليات الإبادة والقتل الجماعي في المستشفيات والكنائس ومراكز الإيواء، ودمرت آلاف الوحدات السكنية، وهجرت 70 % من السكان من منازلهم، مع سعي كيان الاحتلال إلى قطع إمدادات الكهرباء والغذاء والمياه والوقود.
جرائم مروعة.. وأرقام مهولة
لم تعد تتمكن دوائر الإحصاء من وضع إحصائيات دقيقة ونهائية للشهداء والجرحى في القطاع، بسبب تزايد أعداد الضحايا يومياً، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وقد أعلنت الأمم المتحدة أنه لا يوجد في غزة أي مكان آمن، إذ وفق تحليل صحيفة "وول ستريت جورنال لأرقام سلطات غزة الصحية، فإن ما يقرب من 40 بالمئة من الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء الضربات الجوية الإسرائيلية على القطاع، هم من الأطفال، حيث يعد سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، من بين السكان الأصغر سنا في العالم، ونصفهم تقريبا تحت سن 18 عاما.
ودمر العدوان الإسرائيلي كل شيء، وأزهق أرواح الآلاف، في جو من الرعب ومستوى من الإجرام غير مسبوق، ولعل الأكثر تأثراً بهذه الحرب هم الفئات الأكثر هشاشة في المجتمعات عموماً، وهم الأطفال والنساء، وكبار السن، إذ إنهم غير قادرين على التعايش مع وضع بحجم الكارثة يحيط بهم، فهم فاقدو الحيلة، وعاجزون عن مواجهة وضع كهذا، لذا كانت هذه الفئات المتأثر الأكبر والأول بهذه الحرب الإجرامية، فكانت أكبر أعداد الشهداء من الأطفال، والقسم الأكبر من الجرحى والمصابين من الأطفال، هذا على مستوى الأذية المباشرة، أما الأذية غير المباشرة الناجمة عن التهجير وفقدان المنازل، وموت الأهل، ونقص المستلزمات الحياتية، فكان المتأثر الأول بها هم الأطفال أيضاً.
وقال مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" الخيرية في الأراضي الفلسطينية جيسون لي: إن "غزة أصبحت مقبرة للأطفال"، مع مقتل أو إصابة "أكثر من 400 طفل كل يوم"، مضيفاً: "الأرقام مروعة، ولا يزال العديد من الأطفال معرضين لخطر جسيم مع استمرار العنف في غزة".
إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت ما لا يقل عن 4500 طفلا، جراء عدوانها المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إذ تستقبل مستشفيات القطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي كل ساعة قرابة 50 شخصا بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال، بسبب شراسة القصف.
أما منظمة "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة فذكرت في بيان لها أن مليون طفل في القطاع يواجهون مصيرا مجهولا، ولا سيما الذين يعانون من حروق مروعة، وجروح بالقذائف، وبتر للأطراف، في غياب المستشفيات الكافية لعلاجهم، وتقطع السبل أمام الإمدادات الصحية لهم.
وفي السياق ذاته أكدت تقارير من قطاع غزة أن هناك 900 طفل من أصل 1500 شخصا في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في مختلف أنحاء غزة.
وبينت أن الأطفال الفلسطينيين الذين نجوا حتى الآن من القصف الإسرائيلي المكثف في جميع أنحاء قطاع غزة يعانون من أزمة إنسانية كبيرة، ما يؤدي إلى تفاقم الصدمات العصبية والنفسية القائمة منذ 16 عاما من الحصار والهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع.
ومن جهة أخرى وقع الأطفال في غزة ضحيةً من جراء الحرب وآثارها إذ إن الصدمة التي يعانون منها تمتد إلى ما هو أبعد من المعاناة الشخصية، فرؤية مقتل أطفال آخرين تؤدي إلى تفاقم محنتهم، ما يترك ندوبا لا تمحى على سلامتهم العقلية، وإبادة عائلات بأكملها في غمضة عين، يؤدي إلى تحطيم أسس هذه الأسر، فالأطفال، الذين كانوا يجدون الأمان والراحة في أحضان عائلاتهم، أصبحوا الآن أيتاما، فهم لا يعانون فقط من آلام الوضع الحالي ولكن أيضا مع التحدي الشاق المتمثل في كيفية إكمال حياتهم دون الدعم الأساسي من أسرهم.
أطفال غزة.. جحيم العدوان
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون فلسطيني في غزة نزحوا، من ضمنهم أكثر من 600 ألف شخص توجهوا إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
ما زال الاحتلال الإسرائيلي يقصف المستشفيات، ويقطع عنها الوقود والأدوية، والمستلزمات الطبية، والكهرباء، والماء لتكون النتيجة الموت المحقق للمرضى، إما عطشاً، أو حرقاً، أو نقصاً للدواء، أو قصفاً بالأسلحة الفتاكة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فمستشفيات قطاع غزة وصلت إلى وضع غير مسبوق بتاريخ البشرية، باستهداف المستشفيات، والطواقم الطبية، ومركبات الإسعاف.
أما الحصار والقصف الإسرائيلي فقد فاقما التام الأزمة الإنسانية المزمنة بسبب الإغلاق الإسرائيلي غير القانوني لغزة منذ 16 عاما، حيث يعتمد 80% من السكان على المساعدات الإنسانية، إذ يقول أطباء إنهم لا يتمكنون من رعاية الأطفال ومرضى آخرين بسبب اكتظاظ المستشفيات بضحايا الغارات الإسرائيلية، فنقص المعدات والإمدادات الطبية والأدوية مقابل الأعداد المهولة للضحايا يسبب حالات وفاة، ووفق مدير عام وزارة الصحة في غزة د. مدحت عباس لـ هيومن رايتس ووتش فإن أكثر من 60% من المرضى هم أطفال.
وحذر المدير الإقليمي لـ "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في 11 أكتوبر/تشرين الأول من أن قطع الكهرباء "يعرض حديثي الولادة في الحاضنات، والمرضى كبار السن على الأكسيجين للخطر، فقد تتحول المستشفيات إلى مشارح".
ومن جهة أخرى يواجه جميع سكان قطاع غزة، الذين يبلغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، نقصاً حاداً ومُلحاً في المياه، ما يشكل عواقب وخيمة على الأطفال، الذين يشكلون حوالي 50 بالمئة من السكان، ففي 15 أكتوبر/تشرين الأول توقفت آخر محطة تحلية مياه، ما دفع الفئات السكانية الأكثر هشاشة للجوء إلى مصادر مياه غير صالحة للشرب، وما لذلك من آثار كارثية على الأطفال.
فقد حذرت "الأونروا" من أنه "سيبدأ الناس بالموت بسبب الجفاف الشديد" إن لم يُستأنف ضخ المياه، ما قد يسبب أمراضا مثل الكوليرا، تحديدا بين الأطفال دون 5 سنوات.
يقوم فكر الكيان الصهيوني على إبادة سكان جميع المدن المحاصرة وقت الحرب، وهذا ما يحدث الآن في فلسطين، فجنود الاحتلال يواصلون قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ولا يضبط سلوكهم قواعد أخلاقية ولا قيما إنسانية، ولا سيما مع تصاعد اليمين المتطرف الذي أسفر عن قدوم حكومة صهيونية متطرفة تسير على نهج الإبادة بحذافيره.
وما سفك دماء الأطفال إلا لأن كيان الاحتلال متخوف من سير هؤلاء الأطفال على نهج آبائهم في الدفاع عن الأرض، إذ سيعملون على استعادة فلسطين عندما يصبحون رجالاً، فلن تنتهي بذلك عاصفة المقاومة لاسترجاع الحقوق، وسيبقى هذا الكيان يعيش رعبا وجوديا، وقلقا على مصيره.
المصادر:
1- https://cutt.us/1lceL
2- https://cutt.us/VzyMJ
3- https://cutt.us/cqGQu
4- https://cutt.us/VNmic
5- https://cutt.us/sivKx