معاداة الإسلام في فرنسا

معاداة الإسلام في فرنسا

اکتوبر 1, 2023 - 15:37
معاداة الإسلام في فرنسا
معاداة الإسلام في فرنسا

عشية بداية العام الدراسي الجديد في فرنسا، واجه إعلان حظر ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية انتقادات عديدة. في السنوات الأخيرة، كانت فرنسا تتحرك بسرعة باتجاه معاداة الإسلام السياسي؛ وتسببت هذه العملية في انتهاك فاضح لحقوق المسلمين في هذا البلد، والذين يصل تعدادهم إلى خمسة ملايين نسمة من سكان فرنسا.

وبعد إعلان "غابرييل أتال" وزير التعليم الفرنسي قبل أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي الجديد في هذا البلد عن منع ارتداء الحجاب في هذه المراكز، تحول هذا الموضوع إلى نقاش جدلي وأدى إلى جدل واسع النطاق أدى إلى اتخاذ مواقف من قبل السلطات الفرنسية في هذا الشأن. وكان "آتال" قد زعم أن الطلاب يحاولون تعكير أجواء المدارس من خلال ارتداء ملابسهم التقليدية الخاصة بهم؛ وبحسب قوله فإن نحو 513 مدرسة ينطبق عليها قانون حظر الحجاب.[1]

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المدارس العامة الفرنسية ستطبق قانون حظر الحجاب ولن يُسمح للطلاب المخالفين لهذا القانون حتى بالدخول للمدارس. وبحسب قوله، يتم إرسال موظفين خاصين إلى المدارس التي وصفها "إيمانويل ماكرون" بأنها حساسة، لمساعدة الإداريين والمعلمين إذا لزم الأمر ليتم التحدث مع الطلاب وعائلاتهم لتطبيق هذا القانون.

أصبحت مسألة منع الحجاب في المدارس الفرنسية الآن محل جدل جدي بين السياسيين في البلاد؛ وبينما يدعم السياسيون اليمينيون والمحافظون هذا القانون، يشير السياسيون اليساريون إلى قانون حظر الحجاب في المدارس باعتباره إهانة للحريات الأساسية ويعارضونه. وتؤكد أحزاب اليسار الفرنسي أن "ماكرون" دخل في منافسة جدية مع حزب "مارين لوبان" اليميني المتطرف على أمل الفوز في الانتخابات المقبلة.[2]حتى أن هذا الحظر رفع صوت الأمم المتحدة، وانتقدت الأمم المتحدة قرار فرنسا بحظر ارتداء الحجاب على الفتيات في المدارس الابتدائية والثانوية الفرنسية، معتبرة أنه مخالف لقوانين حقوق الإنسان.

ينتقد بعض السياسيين الفرنسيين القانون المذكور ويقولون إن قضية التماسك الاجتماعي في فرنسا معرضة للخطر الشديد بافتراض دعم العلمانية، وتشير التقارير إلى أن الأقلية المسلمة في فرنسا هي واحدة من أكثر المجموعات السكانية تعرضًا للتمييز في هذا البلد؛ إنهم لا يعانون من التمييز الحكومي فحسب، بل يعانون أيضًا من الهجمات والمواقف العنصرية. ومن أهم مظاهر التمييز العنصري ضد المسلمين في فرنسا هي تلك القوانين التي أقرتها حكومات هذا البلد ونفذتها خلال العامين الماضيين لتضييق الحياة الاجتماعية على المسلمين.

وفي عام 2004 منعت فرنسا الفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس. وعلى الرغم من ذلك، فإن ارتداء العباءة الإسلامية كملابس متوافقة مع المعتقدات الدينية الإسلامية لم يتم حظره بعد في فرنسا. وبعد حظر الحجاب للفتيات في المدارس عام 2004، أقرت فرنسا حظرا على النقاب في الأماكن العامة عام 2010، الأمر الذي واجه ردود فعل خطيرة من المسلمين في البلاد. منذ عام 2015، أصدرت الحكومة الفرنسية قوانين مختلفة لتقييد الحريات الدينية للمسلمين، بما في ذلك قانون صدر في عام 2016 يحظر ارتداء الحجاب في أماكن العمل. وفي عام 2017، صدر قانون في فرنسا يضع المسلمين والمساجد تحت رقابة حكومية صارمة.[3]

وفي حادثة أخرى، أثار نشر فيديو ترويجي لشركة سيفورا لمستحضرات التجميل بحضور نساء محجبات، غضب اليمين المتطرف الفرنسي. وردا على ذلك، دعا بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين اليمينيين إلى مقاطعة سيفورا واتهموها بالترويج لـ"أسلمة فرنسا".[4]

ويرى بعض المحللين الفرنسيين أن هناك أجندة أخرى وراء الجدل الحاصل حول منع العباءات في المدارس الحكومية الفرنسية ومقاطعة سيفورا. فبعد فشل النقابات في العام الماضي في مقاومة مشروع حكومة ماكرون بشأن تعديلات قانون رفع سن التقاعد، ستزداد احتمالات حدوث موجة جديدة من إضرابات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس بداية العام الدراسي الجديد.

وتحاول حكومة ماكرون، وخاصة وزارة التربية الوطنية الفرنسية، التستر وراء حظر العباءات لتحويل انتباه الرأي العام عن قضية رفع سن التقاعد إلى قضايا أخرى من أجل تحقيق أهدافها. وفي احتجاجات العام الماضي ضد رفع سن التقاعد، كانت نقابات المعلمين ونقابات النقل هي القوة الدافعة وراء الاحتجاجات والإضرابات، ومع إصرار الحكومة على رفع سن التقاعد، لا تزال بعض النقابات تعتقد أنه يجب اللجوء إلى الإضرابات المشلولة لكن حيلة الحكومة فيما يتعلق بحظر العباءات قد تكون ناجحة في تعطيل دور النقابات وإبعاد تأثيرها.

من ناحية أخرى، يرى البعض أن غابرييل أتال، وزير التربية الوطنية والشباب في حكومة ماكرون، سيكون على الأرجح البديل الرئيسي للحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية في إبريل 2027[5] ، وهذا الحظر جعله نجماً بارزاً في الساحة السياسية خلال مرحلة الحرب ضد الإسلاموية. يعتبر أتال أصغر وزير للتربية الوطنية في الجمهورية الفرنسية الخامسة (34 عاما)، ويحاول ركوب موجات الإسلاموفوبيا في الجزء المحافظ والتقليدي من المجتمع الفرنسي بقرارات مثيرة للجدل من أجل تحسين فرصه في الفوز بمقعد الرئاسة المقبلة أمام اليمين المتطرف (مارين لوبان وإيريك زيمور). ولذلك فمن المتوقع أن تستمر الأعمال المناهضة للإسلام من قبل رجال الدولة الفرنسيين كما كانت في الماضي وتتسع أبعادها، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط على الجالية المسلمة الفرنسية.

 محمدصالح قربانی

[1] tasnimnews.com

[2] Yjc.ir

[3] mizanonline.ir

[4] middleeasteye.net

[5] hammihanonline.ir