مسلخ الديمقراطية
عندما تدخل إلى محرك البحث وتبحث عن مصطلح (حقوق الإنسان في الشرق الأوسط)،فإن أول موقع مقترح يخبرك أن الديمقراطية الكاملة الوحيدة في الشرق الأوسط هي إسرائيل.
بعد قراءة هذه الجملة قد تغضب أو حتى تضحك بصوت عالٍ ولكن هناك حقيقة غريبة، فهذه الجملة صحيحة وخاطئة في نفس الوقت.
الحقيقة أن الکیان الحاكم في الأراضي المحتلة له وجهان فهم لديها سياستان منفصلتان تماما فيما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان.
1_ في مواجهة المواطنين الإسرائيليين واليهود الذين هم في الغالب مهاجرون وأبناء المهاجرين الأوائل والذين يحملون جنسية هذا الکیان سيئ السمعة، فإنهم يتعاملون مع الحد الأقصى من الالتزام بأحكام حقوق الإنسان.
ولكن عندما تتدخل أقدام المواطنين الفلسطينيين وأصحاب الأرض الفلسطينية الأصليين، يصبح الکیان الإسرائيلي أكبر کیان فصل عنصري في التاريخ
لهذا السبب، في نفس الوقت الذي تحدث فيه أكبر إبادة جماعية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية في غزة، ينظم المواطنون الإسرائيليون مسيرات احتجاجية في الشوارع.
وهذا يعني أنه إذا كانت المساواة، والحق في الحياة الآمنة، والحق في الاحتجاج، وحظر التعذيب، وعدم الفصل العنصري على أساس العرق والجنسية، هي مؤشرات قياس مستوى حقوق الإنسان، فقد بذلت إسرائيل عبر التاريخ كل جهد لتحقيق هذه المبادئ للمواطنين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه تستخدم كل قوته لحرمان الفلسطينيين من هذه الحقوق.
حتى هذه اللحظة، "أجبر" الكيان الصهيوني على أن يكون ديمقراطياً تجاه مواطنيه لأنه يعلم جيداً أن كل مواطن إسرائيلي لديه جوازي سفر في درج متعلقاته الشخصية وأن إقامتهم في أرض إسرائيل المعلنة والمقترضة مرهونة على امتيازات خاصة وفي هذه الأيام، أصبحت هذه الديمقراطية الانتقائية في خطر أيضًا
ويعتبر العديد من الأكاديميين الإسرائيليين، في تصريحاتهم ومقالاتهم، أن من أكثر النتائج المدمرة لحرب غزة خنق النقد الأكاديمي بحجة ظروف الحرب
تماشياً مع هذا القلق، يمكن اعتبار تقديم (مشروع قانون الصمت) بمثابة طلقة ضد حرية التعبير في الجامعات فبموجب هذا القانون، سيُطلب من مديري ورؤساء الجامعات التحقق من جميع بيانات أعضاء هيئة التدريس.
لأنه أصغر انتقاد في المنابر الأكاديمية يمكن اعتباره تعاوناً مع العدو ويؤدي إلى طرد المجتمع الأكاديمي أو حتى اعتقاله
حيث لا يوجد خبر عن أسطورة الديمقراطية الإسرائيلية حتى بالنسبة للمواطنين اليهود في هذا الكيان
الأمر الذي دفع العديد من المجتمع العلمي الإسرائيلي إلى مغادرة هذه الثكنة الكبيرة.
إلا أن الحرب أصبحت نعمة كبيرة لقادة إسرائيل الذين يواجهون أزمات اجتماعية حادة في السنوات الأخيرة
فهذه الهدية هي ذريعة جيدة لذبح كل الإدعاوات الورقية بحقوق الإنسان...