محاولة الكيان الصهيوني الهروب من هزيمة السابع من أكتوبر
ولد صالح محمد سليمان العاروري في 19 أغسطس 1966 في قرية "عارورة" التابعة لمحافظة رام الله. درس في المدارس الفلسطينية وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة الخليل. كان من أبرز القادة السياسيين والعسكريين في فلسطين.
ولد صالح محمد سليمان العاروري في 19 أغسطس 1966 في قرية "عارورة" التابعة لمحافظة رام الله. درس في المدارس الفلسطينية وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة الخليل. كان من أبرز القادة السياسيين والعسكريين في فلسطين. والعاروري هو أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ويعتبر العقل المدبر في ما يتعلق بأسلحة هذه الكتائب. وأطلق سراح العاروري عام 2007 بعد أكثر من عقد من الاعتقال، لكن إسرائيل اعتقلته مرة أخرى، وأطلق سراحه هذه المرة من السجن عام 2010. ومن داخل السجن قاد المفاوضات المتعلقة بجلعاد شاليط في مجال تبادل الأسرى. وبموجب هذا الاتفاق، تم إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا، من بينهم يحيى السنوار، الزعيم الحالي لحركة حماس في غزة، من السجون مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وانتخب زعيما لحركة حماس في الضفة الغربية عام 2021.
وكانت أفعاله وأنشطته تسبب دائما إزعاجا وغضبا لقادة النظام الصهيوني والمحتلين، وقد سعت أجهزة المخابرات والأمن التابعة للنظام الصهيوني لفترة طويلة لاغتياله. وأخيراً، في أعقاب هجوم إسرائيلي بطائرة بدون طيار على مكتب حركة حماس في الضاحية الجنوبية في بيروت اغتيل صالح العاروري، وهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وبعد إعلانها هذا الخبر، أوقفت حماس أي مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى مع تل أبيب.
كما أكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن اغتيال الشهيد العاروري وإخوانه الآخرين لن يؤثر على مسار المقاومة، وقال: إن اغتيال الشيخ صالح العاروري يذكرنا باغتيالات مماثلة شهدتها حماس. وأكد هنية أن الشعب الذي قدم عشرات الآلاف من الشهداء في قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان لديه القدرة على مواجهة هذا العدو.
قال السيد حسن نصرالله في كلمته بخصوص اغتيال الشهيد صالح العاروري: إن اغتيال الشيخ صالح العاروري جريمة خطيرة لن تمر دون عقاب. إن مرور الأيام والليالي وساحة المعركة هو الذي سيثبت ذلك.
وفي حديثه لوسائل الإعلام، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، دون الإشارة مباشرة إلى اغتيال صالح العاروري: "نحن نركز على قتال حماس وسنظل مركزين على ذلك... نحن على استعداد تام لأي سيناريو".
النظام الصهيوني يسعى لتعويض فشله في غزة / لماذا اغتال الصهاينة الشهيد العاروري؟
محاولة التعويض عن هزيمته في يوم 7 أكتوبر
يحاول النظام الصهيوني القضاء على كبار قادة حماس خارج غزة، في حين أن القادة الرئيسيين الذين يديرون المعارك الميدانية موجودون في مكان ما داخل غزة. والسؤال هو: لماذا يحاول النظام الصهيوني اغتيال وإلحاق الأذى بقادة المقاومة خارج فلسطين بدلاً من التركيز على معركة غزة؟
كانت هزيمة السابع من أكتوبر صعبة على الصهاينة لدرجة أن خبرائها أعلنوا أنهم لن يعودوا أبداً إلى ما كانوا عليه قبل السابع من أكتوبر. كما مرت ثلاثة أشهر على بدء عملية طوفان الأقصى، ورغم كل ادعاءات الصهاينة بتدمير المقاومة الفلسطينية واحتلال غزة، فإن الصهاينة لم يتمكنوا حتى الأن من السيطرة على جزء من غزة، ولن يكونوا قادرين على ذلك. ولم يتمكنوا حتى من الوصول للقادة الميدانيين الذين يديرون ساحة المعركة في غزة. وفي هذه الأثناء وكنتيجة لحرب غزة، قُتل من الصهاينة عددًا كبيرًا منهم وتم تدمير عدد ضخم من معداتهم المدرعة والعسكرية. ومن ناحية أخرى، لم يتم العثور حتى الآن على أي من أسرى النظام الصهيوني من قبل جيش هذا النظام، ولم يفشل الجيش في إطلاق سراح الأسرى فحسب، بل قُتل العديد من الأسرى على يد الجيش الصهيوني نفسه، وهي مشكلة زادت من الضغوط والهجمات الشعبية على نتنياهو.
والآن بعد أن أُذِلت صورة النظام الصهيوني أمام العالم وبعد ثلاثة أشهر من الحرب، لا يوجد حتى الآن أي إنجاز ميداني لجيش النظام الصهيوني رغم كل الخسائر البشرية والأضرار التي سببها الصراع مع مقاتلي المقاومة. ويبحث بنيامين نتنياهو عن فرصة لتقليص هزائمه في الميدان والتقليل منها. والجيش الذي كان يعتبر جيشاً حديثاً مدرباَ وقوياً في أذهان العالم قبل 7 أكتوبر 2023، يواجه الآن تنظيما عسكرياً صغيراً مجهز بأسلحة غير متطورة جداً، يصيبه بجلطة دماغية كل في ساعة في ميادين القتال.
الوضع الداخلي متوتر
المسألة الأخرى هي الخلافات الداخلية والحملات الانتقادية لنتنياهو عليه وعلى حكومته. بعد الفضيحة التي وقعت يوم 7 أكتوبر وأحداث الحرب في الأشهر الثلاثة الأخيرة، أصبحت هجمات معارضي نتنياهو ومنتقديه أقوى وأشد، ويواصل يائير لابيد زعيم معارضة نتنياهو، قرع طبول الحرب بشكل مستمر عليه ويؤكد على ضرورة استقالة نتنياهو، ومعارضوه أيضاً بمن فيهم إيهود أولمرت وإيهود باراك وليبرمان وغيرهم، يؤكدون على عدم فعاليته المطلقة.[1] وتشير نتائج الاستطلاعات أيضاً إلى أن نتنياهو وحكومته الائتلافية في أدنى مستويات القبول. في حين أن التيار المعاكس يحظى بقبول أكبر، وهذا يعني قرب النهاية لنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة. هناك أيضًا صراعات داخل مجلس الوزراء الحكومي، الأمر الذي جعل الوضع أسوأ بالنسبة لنتنياهو.[2]
محاولة استعادة السمعة المفقودة
قضية أخرى هي فقدان هيبة الجيش والأمن للكيان الصهيوني. ويقدم الصهاينة أنفسهم دائمًا كأحد المنافسين في مجال القضايا الأمنية والاستخباراتية والعسكرية في العالم. وهم يتفاخرون بقوتهم وما يسمى بالردع، ويعتبرون جيشهم وبنيتهم الأمنية والاستخباراتية نموذجاً متميزاً. إلا أن فشلهم في 7 أكتوبر وفشل الأشهر الثلاثة الأخيرة قد شكل تحدياً عميقاً وصادماً لصورة الصهاينة عن أنفسهم في العالم، بحيث يحاول الصهاينة الآن التعويض عن هذه القضية.
وبينما كانت بعض دول المنطقة تحاول إقامة علاقة مع النظام الصهيوني من أجل تحسين قدراتها العسكرية والاستخباراتية، أظهرت هذه الحرب أن النظام الصهيوني أضعف من أن يعالج المشاكل الأمنية لهذه الدول.
عدم الإكتراث بتهديدات حزب الله في لبنان داخله وخارجه
يعتقد النظام الصهيوني أنه بسبب المشاكل الموجودة داخل لبنان، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، فإن حزب الله اللبناني غير قادر على الدخول بجدية في الحرب وغير جاهز لاستخدام كل قوته العسكرية في الوضع الحالي. من ناحية أخرى، هدد الأمين العام لحزب الله اللبناني بأن اغتيال أي شخص في لبنان، بغض النظر عن جنسيته، سيؤدي إلى رد فعل شديد من حزب الله. لا تتفق الحكومة والسلطات والفصائل اللبنانية المختلفة على ضرورة امتداد الحرب في غزة إلى الأراضي اللبنانية. لذلك، ومع اغتيال صالح العاروري تحاول تل أبيب التشكيك في مصداقية تهديدات حزب الله داخل لبنان وعلى المستوى الإقليمي.[3]
الخاتمة
كل العوامل المذكورة تظهر أن النظام الصهيوني قد توصل الآن إلى نتيجة مفادها أن محاولة تحقيق إنجاز في حرب غزة كانت عديمة الجدوى. ووفقاً للصهاينة أنفسهم فإن الأهداف التي خططوا لها من حرب غزة لا يمكن أن تتحقق. يتفق الخبراء الصهاينة ومسؤولو الأمن الحاليون والسابقون في نظام الاحتلال على أنه من المستحيل على إسرائيل تحقيق هدفيها الرئيسيين المعلنين في هذه الحرب، أي تدمير حماس وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
أعلن رازي بركاي، الخبير العسكري الصهيوني وأحد المسؤولين السابقين في جيش هذا النظام، أنه لا يمكن تنفيذ مهمة تدمير حماس وتحرير الأسرى الإسرائيليين في نفس الوقت. بدوره أعلن تسافي يحزقيلي، محلل الشؤون العربية في القناة 13 الصهيونية، أن حماس ليست في ورطة ولا يمكن العثور على كبار قادة هذه الحركة في أي مكان، ولا حتى تحت مستشفى الشفاء. وقال جيورا آيلاند، وهو جنرال احتياط في الجيش الصهيوني والرئيس السابق لدائرة العمليات في هذا الجيش، إن حماس كمنظمة لا يمكن تدميرها؛ ليس فقط لأن قادتها ومقاتليها صامدون، بل لأن حماس تهدف إلى الصمود والاستمرار.[4]
ومن ناحية أخرى، لا يستطيع نتنياهو إنهاء هذه الحرب دون ما يسميه إنجازاً، لذلك يحاول النظام الصهيوني تعويض فشله في غزة باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة، حتى يقلل من فضيحة فشله وهزيمته. لكن التجربة أثبتت أن أسلوب الإرهاب، الذي كان دائما إحدى الأدوات الرئيسية للكيان الصهيوني للعمل ضد محور المقاومة وقادته، لم ينجح معهم أبدا.
[1] https://www.haaretz.co.il/opinions/2023-10-10/ty-article-opinion/.premium/0000018b-14af-df09-a9db-5dbf0b5b0000
[2] https://www.farsnews.ir/news/14021015000046
[3] https://www.mehrnews.com/news/5985438
[4] https://www.tasnimnews.com/fa/news/1402/08/27/2991242/