ما هدف السعودية من زيادة انتاج النفط خلف الكواليس؟
ما هدف السعودية من زيادة انتاج النفط خلف الكواليس؟
يرى عدد من المحللين أن هناك العديد من القيود المتنوعة التي تمنع المملكة العربية السعودية من الحفاظ على نقطة سعر النفط المطلوبة في المستقبل (فوق 80 دولارا للبرميل) لأن هناك كمية أكبر من النفط تدخل السوق العالمية.
وعلى الرغم من أن السعودية وروسيا تعملان معا لتمديد تخفيضات الإنتاج والحفاظ على أسعار النفط ، فإن استيعاب الأخيرة الممتد لحصة السوق نظرا لخياراتها الضيقة يعمل ضد المملكة.
ويقول محللون إن روسيا يمكنها التصدير إلى ستة مستهلكين رئيسيين بشكل أساسي، مع كون تركيا والهند والصين هم الثلاثة الرئيسيين، مما يؤثر على الإيرادات المستقبلية للمملكة العربية السعودية.
لذلك من المحتمل أن يكون هناك بعض القلق من وجهة نظر السعودية من أن حصة السوق في المتوسط التي كانت ستحصل عليها عادةً قد تبدأ في الواقع في الانخفاض على المدى الطويل، أو على الأقل تصل إلى الذروة، حيث أصبحت روسيا أكثر حماية لعملائها.
وفي السياق، كشف تقرير لموقع “أويل برايس”، ان هناك مخزون مظلم يباع خلف الكواليس، دون أن يمثل كسرا لحصة السعودية في (أوبك+)، حيث تبيع المملكة نفطا إضافيا فوق حصة إنتاجها الرسمية، رغم خفضها مليون برميل يوميا.
وذكر التقرير، إن الإنتاج السعودي الإضافي يأتي من المنطقة المحايدة مع الكويت، لا سيما أن حقولها بعيدة عن الأنظار.
وأكد التقرير إن السعودية لديها تاريخ طويل في القيام بذلك، حيث نقل عن مصدر رفيع من مجمع أمن الطاقة بالاتحاد الأوروبي، كشفه أنها تعمل على هذه السياسة منذ شهور.
وعلى الرغم من أن البيان المشترك الصادر عن السعودية والكويت، في 9 يوليو ، قال إن الجهود المتسارعة لإكمال المشاريع النفطية المشتركة في المنطقة المحايدة يأتي لتلبية الطلب المحلي على الطاقة، إلا أن المصدر الأوروبي أشار إلى أن ذلك يزود السعودية بـ”مخزون مظلم” يباع خلف الكواليس بطرق مختلفة دون أن يمثل كسرا لحصة المملكة في “أوبك+”.
وأضاف المصدر: “تُظهر بيانات صناعة النفط أنه لم يتم إجراء أي تخفيضات في الإنتاج من أي نوع – بما في ذلك تلك التي فرضتها أوبك بلس على السعودية أو الكويت – من الحقول في المنطقة المحايدة حتى الآن هذا العام”.
وتغطي المنطقة المحايدة بين البلدين الخليجيين مساحة تبلغ 5,775 كيلومترا مربعا، حيث تلتقي الحدود الشمالية الشرقية للسعودية مع الحدود الجنوبية الشرقية للكويت.
ويُعتقد أن المنطقة تحتوي على احتياطيات تبلغ حوالي 30 مليار برميل من النفط، و60 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهي موطن للحقول البرية مثل الوفرة والفوارس، إضافة إلى الحقول البحرية مثل الخفجي والحوت.
والاتفاق الأساسي بين السعودية والكويت هو أن عائدات النفط والغاز في المنطقة المحايدة يتم تقسيمها بالتساوي بين البلدين. وكان الإنتاج في هذه المنطقة المحايدة متوقف لمدة 5 سنوات بسبب خلافات بين البلدين.
وفي 2019، وقعت السعودية والكويت مذكرة تفاهم تقضي باستئناف إنتاج النفط من حقلين مشتركين في المنطقة المشتركة التي تسمى أيضا المنطقة المقسومة.
وكانت السعودية قد أعلنت، في يونيو الماضي، أنها ستقوم بتنفيذ خفض طوعي إضافي في إنتاجها من النفط الخام مقداره مليون برميل يوميا خلال يوليو الماضي، قبل أن تمدده مرتين حتى نهاية سبتمبر المقبل. ووفقاً لقرار السعودية، يستمر معدل الإنتاج لشهر سبتمبر، عند مستوى 9 ملايين برميل يومياً.
وتضاف تخفيضات السعودية الطوعية، إلى خفض طوعي أخر قدمته ضمن مجموعة من دول تحالف “أوبك+” بواقع 500 ألف برميل نفط يومياً بدأت في مايو الماضي، وتمتد حتى نهاية العام المقبل.
ويرى محللون ووسائل إعلام غربية أن السعودية ترغب في الحفاظ على أسعار الخام مرتفعة فوق 80 دولارا لتجنب العجز في موازناتها، بهدف تمويل مشاريعها التحولية الضخمة.
كما أعلنت السلطات السعودية، رفع جميع أسعار نفطها تقريباً لشهر سبتمبر/ أيلول إلى آسيا وأوروبا، وتثبيته إلى الولايات المتحدة، إذ أدت قيود العرض وتزايد الطلب إلى شح سوق النفط الخام.
ووفق بيان صادر عن “أرامكو”، فقد رفعت الشركة السعودية سعر برميل النفط السعودي لشهر سبتمبر/ أيلول المقبل، لتصبح الزيادة الثالثة للشهر الثالث على التوالي.
وجاءت الزيادة إلى آسيا، بمقدار 30 سنتًا أمريكيًا إلى 3.50 دولارًات للبرميل، فوق متوسط أسعار سلطنة عمان/ دبي.
كما قررت أرامكو السعودية رفع أسعار بيع الخام العربي الخفيف إلى شمال غرب أوروبا بعلاوة 5.80 دولارات، فوق سعر برنت في بورصة إنتركونتيننتال.
وأعلنت كذلك عملاقة النفط السعودي تثبيت سعر الخام العربي الخفيف إلى الولايات المتحدة عند 7.25 دولارًات فوق مؤشر أرغوس للخام عالي الكبريت.
وسبق أن حذر تقرير صادر عن شركة “كابيتال إيكونوميكس”، في لندن، من توقعات متشائمة لنمو الاقتصاد السعودي، جراء انخفاض إنتاج النفط، على الرغم من مرونة الاقتصاد غير النفطي للمملكة.
وتوقع التقرير أن ينكمش اقتصاد المملكة بنحو 0.5% على مدار عام 2023 بأكمله، وهو ما يمثل أسوأ أداء للناتج المحلي الإجمالي السعودي منذ أكثر من عقدين، باستثناء تأثير الأزمة المالية العالمية والوباء.
في تحديث لتقديراته، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي، مشيرًا إلى التأثير المستمر لتخفيضات إنتاج النفط.
ويتوقع الصندوق، وفي التقدير المحدث، أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمملكة لعام 2023 إلى 1.9%، ما يعكس التحديات التي يفرضها الانخفاض المستمر في إنتاج النفط. ويعد خفض التصنيف الائتماني للسعودية عام 2023 انعكاسًا لتخفيضات الإنتاج التي تم الإعلان عنها في أبريل ويونيو.
وبحسب عمرو عبده، وهو خبير استراتيجي في مجال الطاقة والخدمات المالية، فإن "هدف المملكة هو إبقاء أسعار النفط فوق 80 دولارا للبرميل".
وزاد بأن "استهلاك الصين (من النفط) لم ينتعش على الإطلاق كما كان متوقعا، ولذلك فإن السعوديين قلقون من أن (سعر) النفط قد ينخفض بسرعة كبيرة ويؤخر خططهم للإنفاق المحلي والمالي في قطاعاتهم غير النفطية".
والمملكة تأمل في جمع عائدات أكبر من النفط للاستمرار في تمويل استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة، بينها السياحة والثقافة والرياضة، تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
وتفوقت روسيا على السعودية كأكبر مورد للنفط الخام للصين في النصف الأول من العام الجاري، إذ استوردت بكين 2.13 مليون برميل يوميا من موسكو خلال تلك الفترة، بينما استوردت 1.88 مليون برميل يوميا من الرياض.
وعملت التطورات الأخيرة لصالح السعودية، إذ تستعد الصين للحصول على حوالي 40٪ من النفط الخام من المملكة في سبتمبر/ أيلول المقبل، إذ تنفذ شركة تكرير صينية عملاقة صفقة جديدة، بحسب "بلومبرج".
إن انخفاض أسعار النفط واحتمال استمرار تخفيضات إنتاج النفط قد يؤدي إلى مزيد من تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية التي تحملت ظاهرياً عبء الحفاظ على أسعار النفط لصالح الدول المنتجة للنفط من خلال خفض الإنتاج الطوعي، إلى جانب روسيا، لكن السعودية توصلت إلى قناعة أن الاستمرار في القيام بذلك سيكون حلاً مكلفاً لها ولجأت منذ شهور لمخزون المناطق البعيدة عن الأنظار الذي يباع خلف الكواليس.
المصادر:
1- https://cutt.us/mbuD4
2- https://cutt.us/oQi0C
3- https://cutt.us/fumZs
4- https://cutt.us/uYjmj
5-https://cutt.us/luJUD