قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سورية، التداعيات والتحديات

فاجأ الرئيس ترامب العالم بقرار غير متوقع وهام خلال زيارته للسعودية، حيث شهدت الساحة السياسية تغيّرات جذرية بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن نيته رفع العقوبات المفروضة على سورية خلال زيارته إلى الرياض ولقائه برئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع.

مايو 26, 2025 - 02:59
 80
قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سورية، التداعيات والتحديات
إعلان الرئيس الأمريكي عن نيته رفع العقوبات المفروضة على سورية خلال زيارته إلى الرياض

فاجأ الرئيس ترامب العالم بقرار غير متوقع وهام خلال زيارته للسعودية، حيث شهدت الساحة السياسية تغيّرات جذرية بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن نيته رفع العقوبات المفروضة على سورية خلال زيارته إلى الرياض ولقائه برئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع. يُنظر إلى هذا القرار على أنه خطوة استراتيجية تعكس رغبة بعض الأطراف الإقليمية والعالمية في إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية والسياسية مع سورية بعد نهاية عهد الرئيس بشار الأسد. وفي ذات الوقت يثير القرار تساؤلات حول التداعيات القانونية والسياسية والردود الداخلية في ظل نظام سياسي متأزم بالإضافة إلى بعض التحديات، حيث يتداخل التأثير التنفيذي للرئاسة مع تشريعات الكونغرس والقوانين الأساسية مثل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية. يهدف هذا المقال إلى تحليل التداعيات السياسية والقانونية لرفع العقوبات الأمريكية عن سورية، مع تسليط الضوء على الأطر القانونية والتنفيذية لهذا القرار، وكذلك ردود الفعل الداخلية في سورية.

الإطار القانوني لرفع العقوبات الأمريكية عن سورية
يستند قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سورية إلى مجموعة من الصلاحيات القانونية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي بموجب تشريعات مثل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) وتفويضات من الكونغرس الأمريكي. وفي هذا السياق يمكن تلخيص الجوانب القانونية الرئيسية كما يلي:

1- السلطات التنفيذية للرئيس الأمريكي: يتمتع الرئيس بصلاحية تحرير بعض العقوبات التنفيذية عبر إصدار أوامر تنفيذية، كما يظهر من إعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سورية خلال زيارته إلى الرياض.(1) تُعرف هذه الصلاحيات بأنها تنظم عبر تفويضات من الكونغرس لكنها تخضع لمراقبة ومراجعة تشريعية في بعض الحالات المهمة.
 
2- القيود التشريعية والرقابة البرلمانية: رغم السلطة التنفيذية الواسعة، فإن بعض العقوبات تخضع أيضًا لإجراءات تشريعية تتطلب موافقة البرلمان أو الكونغرس، ما يجعل رفعها ممكنًا فقط بعد الحصول على تصويت مشترك بالتوافق ينهي المنازعات والخلافات بين مؤيدين و معارضين للسياسة الخارجية الأمريكية اتجاه سورية.

3- المفاهيم القانونية المترابطة: ترتبط العقوبات الأمريكية بمجموعة من الأنظمة القانونية التي تشمل فرض قيود على الصادرات والمساعدات الاقتصادية ورفع الحصانة الدبلوماسية. ويتضح أن رفع العقوبات لا يعني التنازل عن هذه القيود وإنما تعديل مواقفها بما يتناسب مع التحول السياسي في سورية.

التداعيات السياسية للقرار
يأتي رفع العقوبات الأمريكية عن سورية في سياق سياسي معقد يشمل عدة مستويات من التأثير وأولها في الولايات المتحدة، فرغم الضغط السياسي من الجانب التنفيذي فإن مثل هذا القرار قد يثير انقسامات داخل الكونغرس الأمريكي حيث يعتبر بعض النواب أن العقوبات كانت تعد أداة ضغط أساسية على النظام السوري السابق، وأن رفعها دون مقابل سياسي واضح قد يؤدي إلى تقويض الموقف الأمريكي في مواجهة تطورات النظام السوري الجديد. وقد قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ماكس بلوستاين: "العقوبات على سورية عبارة عن شبكة معقدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي يجب تفكيكها بعناية وحذر". وأضاف بلوستاين، لوكالة أسوشيتد برس، أن إدارة ترامب "تُحلل حالياً الطريقة المثلى للقيام بذلك" على أن يتم إصدار إعلان عن ذلك في وقت قريب.(2)
 
- دعم الأطراف المؤيدة للتغيير: ينظر إلى ذلك كخطوة إيجابية من قبل حلفاء النظام السوري الجديد في الشرق الأوسط خاصة السعودية وتركيا الذين يعتبرون أن رفع العقوبات سيساهم في إعادة بناء الاقتصاد السوري وتحقيق الاستقرار السياسي. وفي المقابل تُعتبر هذه الخطوة محاولة لتعزيز العلاقة الاقتصادية والسياسية مع الأطراف المؤيدة لإعادة بناء سورية بعيدًا عن حلفاء النظام القديم.

- تحفظ في الموقف الإسرائيلي: يلفت القرار انتباه إسرائيل التي أعربت عن مخاوفها من تأثير رفع العقوبات على الأمن الإقليمي واستقرار الموقف السياسي في دمشق.(3) وتخشى إسرائيل من أن يُسهّل هذا القرار لتيار الإخوان المسلمين أو القوى الإسلامية المتطرفة تولي مناصب سياسية في سورية وهذا بالفعل بات واقعاً ملحوظاً. كما يشير بعض المراقبون إلى أن رفع العقوبات قد يؤدي إلى فقدان رافعة ضغط سياسية على النظام السوري مما يجعل من الصعب إجبار النظام على تبني إصلاحات شاملة تشمل تضمين كل مكونات الشعب السوري في العملية السياسية وأيضًا ضمان احترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات.

الالتزامات والتعهدات الأمنية 
- بالتأكيد التغيرات السياسية والأمنية ضرورية جداً في المرحلة القادمة، فمن المحتمل أن يشترط الأمريكيون إجراء تغييرات داخلية خاصة ضمن أجهزة الدولة فيما يخص التعهدات الأمنية التي تعهد بها الشرع، وأهمها أن لا تكون سورية جار يهدد أمن إسرائيل بالإضافة إلى وقف دعم الجماعات المسلحة المناهضة لإسرائيل وكافة الفصائل الفلسطينية عموماً وضبط التوترات مع بعض "الدول الإقليمية" والمقصود هنا الإلتزام بعدم التعرض للكيان الإسرائيلي. بالإضافة للضغوط الإقليمية من دول مثل السعودية والإمارات فقد تُكونان وسيطان لضمان الإصلاحات الهيكلية خاصة في إصلاح الهياكل الداخلية وتعزيز الأمن الإقتصادي والاستقرار السياسي.

التداعيات الداخلية
لا يقتصر تأثير قرار رفع العقوبات على الساحة الدولية فحسب، بل يمتد إلى الداخل السوري أيضاً، ويُعتبر قرار رفع العقوبات خطوة مهمة للنظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، الذي يرى في ذلك تعزيزًا لقدراته على إعادة بناء الاقتصاد المحلي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. إلا أن هناك مخاوف من أن الارتياح الاقتصادي قد لا يرافقه إصلاح سياسي حقيقي، مما يؤدي إلى استمرار الانقسامات الطائفية والمشاكل الأمنية في البلاد.

ومن الناحية الاقتصادية، يُنظر إلى رفع العقوبات على أنه عامل محفز للاستثمارات الأجنبية في سورية مما قد يسهم في إعادة اندماج البلاد في النظام المالي العالمي. ومع ذلك يبقى هناك تحدٍ كبير يتمثل في كيفية مراقبة توزيع هذه الاستثمارات لضمان عدم استخدامها في دعم الأنظمة القمعية أو تمويل الجماعات المتطرفة.

الخلاصة
في الحقيقة لاينبغي النظر إلى قرار ترامب أنه قرار عابر وعادي في عالم السياسة، وهذا يعني أن أمريكا قد تضحي بلحظة بمواقف تاريخية مقابل مصالحها السياسية وتحقيق نفوذها الحقيقي على الأرض، حيث يشكل هذا القرار تحولاً في نهج السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وينبغي موازنته بتنسيق دولي يضمن شفافية التطبيق، ويُعد قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سورية خطوة استراتيجية تنطوي على فرص وتحديات في آن واحد. فالنجاح في تحويل هذه الخطوة إلى دافع للتغيير الإيجابي يعتمد على كيفية تحقيق التوازن بين الضغوط السياسية والإصلاحات الداخلية والتنسيق الدولي مما يجعلها موضوعاً محوريًا يستحق متابعة دقيقة في الأشهر والسنوات القادمة.

محمد يزن الحمادي 

1-   https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/05/13/trump-iran-saudi-arabia-lift-sanctions-syria
2-  https://l8.nu/-12L
3-  إسرائيل-أرادت-استمرار-العقوبات-على-سوريا/www.syria.tv