الفالق الإجتماعي في الكيان الصهيوني

الفالق الإجتماعي في إسرائيل

Aug 15, 2023 - 09:32
الفالق الإجتماعي في الكيان الصهيوني
الفالق الإجتماعي في إسرائيل

لقد مرت عدة أسابيع منذ بدء الاحتجاجات في النظام الصهيوني، لكن مازال العرب بلا دورٍ في هذه التطورات. ومع ذلك يتجنب المنظمون قدر الإمكان أي شيء قد يزيدُ الإختلاف في وجهات النظر. موقف المجتمع العربي من الاحتجاجات معقد، لأنهم بالكاد استفادوا من فتات الديمقراطية في إسرائيل حتى يومنا هذا. ولم تحمي المحكمة العرب من الإهمال الممنهج، وانعدام القانون عند الشرطة، والتميّيز في تقسيم الميزانية، ومصادرة الأراضي، وغرامات البناء، وهدم المنازل وقانون الدولة اليهودية. لذا فإن هذه الاحتجاجات لا تحتوي على أي من القضايا الملحة المتعلقة بالجمهور العربي على أجندتها، ولم يتمكن منظمو الاحتجاجات من إقناع العرب بأن وقف مشروع القانون سيفيدهم، وكان هذا خطأ استراتيجياً لقادة المعارضة.

 في حين أنه إذا كان العرب يعارضون الاحتجاجات أيضا ، فإن تدفق الآلاف من العرب إلى الشوارع والساحات والتقاطعات والجسور يمكن أن يكثف الاحتجاجات ويعززها، وقد يكون تأثيرها الرئيسي في صناديق الاقتراع على المدى الطويل.لكن زعماء المعارضة يقولون إنهم سيلغون القوانين المناهضة للديمقراطية بعد عودتهم إلى السلطة. بالطبع يتجاهلون حقيقة أنه بدون وجود العرب، الذين لديهم القدرة على تخصيص 20 مقعدا في الكنيست، ليس لديهم فرصة "للفوز"في الانتخابات أو تشكيل ائتلاف. وبات من الواضح أنه بدون تقديم رؤية تعد بمستقبل أفضل للجمهور العربي، سيكون هناك شك في القدرة على إقناعهم وتحفيزهم للحضور إلى مراكز الاقتراع في الانتخابات المقبلة. [1]

لذلك يظهر سلوك المجتمع العربي في الأسابيع الماضية أنهم يستجيبون فقط لاحتياجاتهم الأكثر موضوعية وإلحاحًا بدلاً من القلق بشأن التغييرات في بنية القوى الثلاث. لذلك في الأسابيع العديدة الماضية، نظمت مجموعات عربية مختلفة (نساء ، سياسيون ، أمهات ثُكالى) مسيرات احتجاجية على افتقار الحكومة إلى التعامل الجاد والفعال مع انعدام الأمن المنتشر في المناطق العربية. يشار إلى أنه منذ مطلع العام الجاري ، قُتل 133 شخصًا في مناطق عربية، وهو ما زاد عن العام السابق. في الوقت نفسه ، لم يكتف بن غوير، وزير الأمن الداخلي اليميني، بعدم تقديم حل لهذه المشكلة فحسب بل اقترح منذ فترة زيادة ميزانية طلاب مدارس يشيوا على حساب ميزانية تأمين الأمن للقطاعات العربية! في غضون ذلك، وجد استطلاع للرأي أن 84٪ من المواطنين العرب يعتقدون أن أحداث مايو 2021 العنيفة ستتكرر مجدداً، [2]ما يعني وجود فجوة اجتماعية كبيرة بل فالق اجتماعي في المجتمع الإسرائيلي، ويجب معالجة ذلك من زوايا مختلفة.

حاليا، يعيش مليوني عربي في الأراضي المحتلة التي لم تتفاعل بأي نشاط مع الاحتجاجات ضد مشروع قانون الإصلاح القضائي، في حين أن مختلف قطاعات المجتمع اليهودي بما في ذلك الأطباء والعسكريين ورجال الأعمال وشركات التكنولوجيا والمحامين والطلاب...الخ، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أعربوا عن قلقهم من عواقب الإصلاحات القضائية بطرق مختلفة ، في حين أن القطاع العربي يناقش القضية الوحيدة التي يناور عليها هي انعدام الأمن، وزيادة عدد جرائم القتل وإهمال الحكومة لمعالجة انعدام الأمن. في الواقع، يظهر هذا الوضع أن المجتمع الإسرائيلي ليس يداً واحدة بالإجماع فحسب، بل هناك فجوة كبيرة بين قطاعاته تتجلى بهذه الطريقة.

في الواقع، يفسر العرب الخلافات حول مشروع قانون الإصلاح القضائي على أنها نوع من "الخلاف بين اليهود أنفسهم" وهذه المسألة مهمة من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي. لأنه يؤكد عدم وجود روابط متينة بين المواطنين ، فإن أي اندفاع بين العرب واليهود يمكن أن يخلق انقسامات كبيرة لا يمكن إصلاحها.

وفي ذات السياق، كتبت إسرائيل هيوم في تقرير لها: "إن لامبالاة المواطنين العرب متجذرة في عملية الإبتعاد المستمرة وتجنبهم لانتخاب الحكومة ومؤسساتها". على سبيل المثال لم يكن لديهم الكثير من المشاركة في انتخابات الكنيست. يبدو الأمر كما لو أن النظام الإسرائيلي لا ينتمي إليهم، وكأن الحكومة الإسرائيلية، سواء كانت حكومة بينيت لابيد أو حكومة نتنياهو، هي حكومة أجنبية، وبالتالي فإن الظروف المذكورة كفيلة بأن تخلق نضالاً مدنياً مشروعاً وعادلاً من أجل تحقيق المساواة والحقوق ضد الحكومة الإسرائيلية. [3]

لذلك، أظهر مشروع قانون الإصلاح القضائي بوضوح مدى اختلاف اهتمامات المجتمع العربي واليهود في القضايا السياسية والاجتماعية وحتى الأمنية. هذا يدل على أنه لا يوجد تماسك اجتماعي في المجتمع الإسرائيلي. أخيرا، يجب القول إن المجتمع الإسرائيلي يواجه حاليا مشاكل مثل تقليص الإحساس بالأمن الداخلي ، والاتجاه التصاعدي في تكاليف المعيشة، وتصاعد المواجهة بين العلمانيين والحريديين ، الأمر الذي أثر أيضا على جزء من البنية العسكرية، وعلى الرغم من الاحتجاجات المستمرة تشمل عدة آلاف من الناس في الشوارع وتهديد قوات الاحتياط العسكرية برفض الخدمة إذا تم تمرير مشروع قانون الإصلاح القضائي، نرى أن حكومة نتنياهو الراديكالية لا تريد التخلي عن التغييرات القضائية. في الوقت الحالي، ويخاطر النظام بتحديات داخلية أكثر من التحديات الخارجية، ويستغرق التعامل مع هذه التحديات وقتا طويلاً و تكلفة باهظة الثمن.

 حکیمه زعیم باشی

 

1.        https://www.ynet.co.il/news/article/sjci00dgjh

2.       https://zoha.org.il/121411/

3.         https://jahanemoaser.ir/the-gaps-in-israeli-society/