السعودية على رأس الدول العربية في حيازة السندات الأمريكية.. ماذا لو بيعت؟
السعودية على رأس الدول العربية في حيازة السندات الأمريكية.. ماذا لو بيعت؟
بلغت حيازة الدول العربية من السندات الامريكية، أكثر من 256 مليار دولار خلال العام 2023. وقالت الخزانة الامريكية في أحدث جدول لها لأعلى 40 دولة امتلاكا للسندات الامريكية، ان "حيازة الدول العربية من السندات الامريكية بلغت 256.4 مليار دولار خلال العام 2023"، مشيرة إلى أن "هذه السندات موزعة على السعودية والإمارات والكويت والعراق".
واضافت ان "السعودية جاءت على راس هذه الدول بامتلاكها 111.3 مليار دولار، وتأتي بعدها الامارات بامتلاكها 69 مليار دولار، وتأتي بعدها الكويت بامتلاكها 41.4 مليار دولار، ويأتي العراق بعدها بامتلاكه 32.7 مليار دولار".
واضافت ان "مجموع السندات لدى دول العالم بلغت 7.527.4 ترليونات دولار".
وسندات الخزانة الأمريكية، هو سند حكومي يتم إصداره بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية عن طريق مكتب الدين العام. وإن سندات الخزانة هي صكوك دين مالي للحكومة الفدرالية الأمريكية، ويشار إليها عادة باسم خزانات.
وتوجد أربعة أنواع شائعة من سندات الخزانة وهي: أذون الخزانة، أوراق الخزانة، سندات الخزانة، والسندات المالية المحمية من التضخم سند خزانة (TIPS).
والسندات نوع من الاستثمار القائم على الديون حيث تقوم بإقراض المال الى الحكومة مقابل معدل فائدة متفق عليه تستخدمها الحكومات لجمع الاموال التي يمكن انفاقها على البنية التحتية او المشاريع الجديدة .(1)
وبحسب ما قاله خبراء لـCNN، فإن إقدام المملكة على بيع ما تمتلكه من سندات خزانة في السوق سيؤدي إلى زيادة المعروض منها، وبالتالي ارتفاع عوائدها بشكل حاد، مما سيرفع كلفة الاقتراض على المستهلكين الأمريكيين، سواء بالنسبة لقروض الرهن العقاري أو للأغراض الأخرى، كما ستزيد تكلفة الفائدة التي تسددها الشركات المدينة للبنوك الأمريكية.
إلا أن محللان استبعدا أن تؤدي هذه الخطوة، في حالة لجوء السعودية إليها، إلى هذه التأثيرات السلبية، وأكدا أن هناك مستثمرين آخرين سيصطفون لشراء تلك السندات التي سيبيعها السعوديون.
ورغم ضخامة المبلغ الذي تستثمره السعودية في الديون الأمريكية، إلا أنه يبقى ضئيلا بالنظر للصين، التي تستثمر أكثر من السعودية بقيمة تريليون دولار.
ورجحت ليزا هورنبي، مديرة محفظة أدوات الدخل الثابت بشركة شرودرز في تصريحات لـ CNN، أن تزيد حيازة السعودية للسندات عما تعلنه وزارة الخزانة الأمريكية، فبعض الدول الكبرى، مثل الصين والسعودية قد تحتفظ بالمزيد من سندات الخزانة في الدول التي تعرف بأنها صديقة الضرائب، ومنها إيرلندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وسويسرا وجزر كايمان.
لكن هورنبي تشككت في إقدام السعودية على عرض ما في حوزتها من سندات خزانة أمريكية للبيع بالسوق، فقد يؤدي زيادة أسعار النفط إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة، مما سيقلل من قيمة محافظ السعودية الاستثمارية، فلا يزال معظم النفط مقومًا بالدولار الأمريكي، لذا من المنطقي أن تستمر المملكة في الاستثمار في الولايات المتحدة.
وأضاف بروس مونراد، رئيس مجلس إدارة نورث إيست انفستورز ترست، أن هناك العديد من العوامل الجيوسياسية التي تؤثر على سوق السندات الأمريكية في الوقت الحالي، مما سيسهل ملاحظة أي مبيعات سعودية كبيرة.
وتساءل مونراد عن الوجهة التي ستتجه لها تلك الأموال السعودية في حالة التخارج من سوق السندات الأمريكي، إذ تتمتع الولايات المتحدة بأكثر اقتصاد جاذبية في العالم حاليا، ما يجعل الصين واليابان من كبار الداعمين للديون الأمريكية.(2)
وكانت السعودية قد حذرت العام الماضي من أنها قد تتخلص من سندات الخزانة الأمريكية، التي تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار، إذا أقر الكونغرس الأمريكي تشريعا ضد منظمة "أوبك".
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين السعوديين قالوا سرا إن المملكة يمكن أن تبيع سندات الخزانة الأمريكية التي تحتفظ بها الرياض إذا أقر الكونغرس تشريعا مناهضا ضد منظمة "أوبك".
ووفقا للصحيفة فإن هذه الورقة هي أحد الخيارات الجذرية المطروحة على الطاولة فيما يتعلق بإعادة تقييم العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر، أن السعوديين يعلمون أنهم لا يستطيعون استبدال الولايات المتحدة كشريك أمني بين عشية وضحاها، وأشارت إلى أن مسؤولين من الرياض التقوا بمراكز الفكر والمسؤولين الأمريكيين، وقالوا إن واشنطن قللت من تقدير مدى مساعدة السعودية لأوكرانيا وفوجئوا برد الفعل الأمريكي على قرار "أوبك+".(3)
ويقول موقع Investopedia إن إقدام مالك للسندات على بيع كميات كبيرة منها سيرفع الفائدة المستحقة على تلك السندات، مما يعني خسائر للحكومة الأميركية.
وتمتلك الصين على سبيل المثال سندات خزانة بنحو ترليون دولار، وهي المالك الأكبر عالميا لسندات الخزانة الأميركية، ويثير امتلاكها لهذا الكم الكبير من السندات القلق من "تسليحها".
لكن حجم السندات الذي تمتلكه السعودية أصغر بكثير، ما يعني أن الضرر المتوقع سيكون أخف غالبا.
وفي حالة الصين، سيضر انخفاض قيمة الدولار، المتأتي عن ارتفاع قيمة الفوائد، بالتجارة التي تمتلكها مع الولايات المتحدة، والتي تستفيد بشكل كبير من انخفاض قوة عملة بكين مقابل الدولار.
لكن في حالة السعودية، فقد بدا واضحا انخفاض التبادل التجاري بين البلدين، حيث يبيع السعوديون أقل من 500،000 برميل نفط يوميا للولايات المتحدة، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، مقابل نحو مليوني برميل في الماضي.
وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إنه بالنسبة للسعوديين، فإن هزة مع الولايات المتحدة من شأنها أن تعرض الأمن القومي وإصلاحات المملكة الاقتصادية الطموحة للخطر. كما أن التجارة المتبادلة والاستثمارات بقيمة مئات المليارات من الدولارات هي أيضا على المحك.
وطوال عقود، كان الاقتصاد والأمن أهم ما يميز الحلف القوي بين الرياض وواشنطن، في علاقة استمرت خلال فترات رئاسة وحكم 15 رئيسا أميركيا وسبعة ملوك سعوديين.
فمنذ الأربعينات نمت علاقة واشنطن مع الملوك السعوديين ضمن فهم بأن الولايات المتحدة ستضمن سلامة أراضي السعودية وأن المملكة ستحافظ على تدفق النفط إلى اقتصاد عالمي تهيمن عليه أميركا.
وقد تغيرت هذه الحسابات بمرور الوقت، حيث تنقل الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم إن العلاقة من منظور النفط والأمن فقط أصبحت "قديمة"، وأن للرياض أجندتها السياسية التي تريد تحقيقها.
وكانت السعودية أبلغت إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وأعضاء الكونغرس أنها ستبيع أصولا أميركية بمئات المليارات من الدولارات تحتفظ بها المملكة، إذا أقر الكونغرس حينها مشروع قانون من شأنه أن يجعل الحكومة السعودية مسؤولة أمام المحاكم الأميركية بشأن هجمات 11 سبتمبر 2001.
وحينها، ضغطت إدارة أوباما على الكونغرس لمنع تمرير القانون، وفقا لمسؤولي الإدارة ومساعدي الكونغرس من كلا الحزبين، وكانت التهديدات السعودية موضوع مناقشات مكثفة حينها بين المشرعين والمسؤولين من وزارة الخارجية والبنتاغون. وحذر المسؤولون أعضاء مجلس الشيوخ من تداعيات دبلوماسية واقتصادية من التشريع.
وفي ذلك الوقت، سلم، عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، رسالة المملكة بشكل شخصي في مارس 2016 خلال رحلة إلى واشنطن، حيث أخبر المشرعين أن السعودية ستضطر إلى بيع ما يصل إلى 750 مليار دولار من سندات الخزانة، والأصول الأخرى في الولايات المتحدة قبل أن تقع تحت خطر التجميد من قبل المحاكم الأميركية.(4)
وشكك العديد من الاقتصاديين في أن السعوديين سينفذون تهديداتهم في ذلك الوقت، قائلين إن مثل هذا البيع سيكون من الصعب تنفيذه، وسيؤدي في النهاية إلى شل اقتصاد المملكة. لكن التهديد الذي اطلقته الرياض في 2016 اعتبر حينها علامة على التوترات المتصاعدة بين السعودية والولايات المتحدة.
المصادر:
1-https://cutt.us/dyNZn
2-https://cutt.us/GL9ul
3-https://cutt.us/74RZ5
4- https://cutt.us/IRX2s