الدنمارك والتوجه نحو تغير المناخ
تعد الأزمات البيئية وتغير المناخ من بين أهم المخاوف حول العالم اليوم. لقد أصبح هذا الموضوع أهم شاغل للشعب في الدنمارك. وفقا لبنك الاستثمار الأوروبي يعتقد 79 ٪ من الدنماركيين أن تغير المناخ وعواقبه هي أكبر تحد للبشرية في القرن الحادي والعشرين.
تعد الأزمات البيئية وتغير المناخ من بين أهم المخاوف حول العالم اليوم. لقد أصبح هذا الموضوع أهم شاغل للشعب في الدنمارك. وفقا لبنك الاستثمار الأوروبي يعتقد 79 ٪ من الدنماركيين أن تغير المناخ وعواقبه هي أكبر تحد للبشرية في القرن الحادي والعشرين. يزيد تغير المناخ من خطر الفيضانات ومن هطول الأمطار في البحر والمناطق الساحلية أو احتمال حدوث عواصف للدنمارك وينطوي على مخاطر أكبر لسكان البلاد ومقاطعاتها ، وخاصة المناطق الساحلية. شهدت الدنمارك ارتفاعا في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية منذ عام 1873 بينما زاد هطول الأمطار بنسبة 15 ٪ خلال نفس الفترة.[1]من المتوقع أن تكون الدنمارك أكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ ، وإذا ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 2 متر، فسيضطر جزء كبير من السكان على ساحل البلاد إلى مغادرة منازلهم، وإلى جانب فقدان البنية التحتية وتدميرها يجب الإهتمام بموضوع انخفاض الاستثمار في البلاد، مما قد يؤدي إلى خسائر واسعة النطاق لاقتصاد البلاد في المستقبل.
وفي عام 2023، حددت الدنمارك هدفًا لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 70 بالمائة بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990. ترجع سياسات الدنمارك في مجال الحد من تغير المناخ إلى الامتثال للالتزامات المناخية الدولية نوعاً ما، و إلى تحقيق الأهداف الوطنية في قطاع الطاقة ولو جزئياً، وهو المصدر الرئيسي لانبعاثات الغازات الدفيئة وانتشارها في الدنمارك. تم تحديد الإطار التنظيمي لسياسة المناخ الدنماركية في قانون المناخ الدنماركي، والذي يتم تحديثه سنوياً أو مرتين سنوياً. تنبع أهداف سياسة المناخ في الدنمارك جزئيًا من القرارات المتعلقة بطموحات وطنية محددة إلى حدٍ ما من التزامات الدنمارك بالامتثال لمجموعة من الاتفاقيات الدولية بشأن الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. حددت الدنمارك هدفًا طويل الأمد لتصبح مجتمعًا أخضرًا وصديقًا للبيئة بحلول عام 2050 على أبعد تقدير. [2]
تلتقي الأهداف والاستراتيجيات الرئيسية للحكومة الدنماركية في إطار وثيقة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة واتفاقية باريس ، وقد صاغت حكومة الدنمارك خطة وثيقة شاملة لسياسة المناخ بناء على هذا الإطار. أهم بنود هذه الوثيقة هي: عالم أخضر ومستدام يسعى إلى تحقيق انخفاض 1.5 درجة في درجة حرارة الهواء العالمية وينظمه اتفاق باريس، وستقدم الدنمارك المساعدة المالية والتقنية لعدد من البلدان التي تسعى إلى تحقيق هذا الهدف. يعد الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية هدفاً آخر للبلاد ، والذي يسعى إلى القضاء على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050، وتوجيه التدفقات المالية والاستثمارات في الطاقة الجديدة والمتجددة، والعمل مع الشركات الخاصة والشركات الناشئة نحو الطاقة الخضراء والمتجددة وبرامج الحكومة الدنماركية الأخرى.[3]
يمكن للحكومة الدنماركية اتخاذ قرارات صعبة وجريئة بناءً على الثقة العامة التي تحظى بها من شعبها وحقيقة أن قضية تغير المناخ هي الأولوية الأولى والرئيسية لغالبية الناس في هذا البلد، قرارات مثل زيادة الضرائب على المنتجات التي تزيد من التلوث أو زيادة عدد القطارات ومرافق السفر البري مقارنة بالهواء، كلها من بين الأشياء التي يمكن للحكومة القيام بها بدعم عام للوصول إلى أهدافها في عام 2050.
وبالإضافة إلى هذه القضية، تجدر الإشارة إلى أن الدنمارك تسعى لأن تصبح اللاعب الرئيسي في دبلوماسية المناخ على المستوى العالمي، ويمكنها استغلال هذه الفرصة لتحسين مكانتها في النظام الدولي. وفي الواقع، فإن الجانب الآخر من نهج الدنمارك المناخي هو الترويج لقيمها ونماذجها المرغوبة لدى الناس في جميع أنحاء العالم، والتي على أساسها يمكنها زيادة نفوذها الاقتصادي والثقافي. كما يمكن لهذه الدولة من خلال هذه الدبلوماسية أن تصل إلى نموذج الحوار لمناقشة التحديات وحل المشاكل والتوترات بين الدول المختلفة، وبالطبع فإن هذه القضية تعتمد على نجاحها وفعاليتها في الدول التي تتعاون وتتفاعل معها الدنمارك. ولذلك، لجأت الدنمرك، استناداً إلى احتياجاتها وقدراتها، إلى نهج قادر على تحقيق الأمن لشعبها والتحول إلى لاعب مهم في التفاعلات الدولية، وهي القضية التي استثمرت فيها بكثافة وتحاول تغييرها من دور هامشي لتصبح لاعباً رئيسياً ومهماً في النظام الدولي.
[1] eib.org
[2] unfccc.int
[3] . um.dk