التقارب بين طهران والرياض بعد سنوات من المنافسة الشديدة
لطالما كانت جمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية البلدين والقوتين المؤثرتين في العالم الإسلامي ، في منطقة غرب آسيا وضمن المجمع الأمني للخليج الفارسي، ولكل منهما لسبب ما دورٌ بارزٌ في عملية التطورات الإقليمية.
لطالما كانت جمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية البلدين والقوتين المؤثرتين في العالم الإسلامي ، في منطقة غرب آسيا وضمن المجمع الأمني للخليج الفارسي، ولكل منهما لسبب ما دورٌ بارزٌ في عملية التطورات الإقليمية. ومع ذلك كانت العلاقات بين البلدين متقلبة و ندية دائما منذ زمن الملك رضا بهلوي الأول.[1]
لطالما شهدت منطقة غرب آسيا الكثير من المنافسة الإقليمية. تتمتع تنافسات القوة الإقليمية والعالمية بالقدرة على تجنب التحديات العالمية والإقليمية عندما تكون بطبيعتها التنافسية وتحت السيطرة، ولكن إذا فقدت السيطرة على المنافسة أمام الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان العديد من المصالح الجماعية في صراع هذه التنافسات. لذلك فإن التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية له أهمية خاصة لأسباب أيديولوجية وجيوسياسية، حيث سعى البلدان دائما إلى لعب دور نشط وفعال، وبعبارة أخرى القيادة في المنطقة.[2]جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية هما أيضا من أكثر الدول نفوذاً في مجال الطاقة في المنطقة.
منذ عام 2015، عندما تولى محمد بن سلمان منصبه، قرر الضغط على إيران لتغيير السياسات الإقليمية لديها مثل دعم الرئيس بشار الأسد في سورية والحوثيين في اليمن و دورها الفاعل في العراق. ولهذه الغاية، استخدمت المملكة العربية السعودية مجموعة من السياسات مثل خلق ضغوط دولية، وعزل إيران في العالم الإسلامي، والحرب بالوكالة في سورية واليمن و ممارسة أقصى الضغوطات عن طريق خفض أسعار النفط.
في الواقع كانت السعودية تحاول تحقيق الفوائد المرجوة من خلال الاعتماد على" اللعب غير العقلاني والعاطفي " لوقف نجاحات إيران، مما أدى إلى العديد من المشاكل الاقتصادية لكل من إيران والسعودية كلاعبين مهمين في المنطقة في مباحثات أسعار النفط الخام، و أدى إلى العديد من المشاكل الاقتصادية في إيران والسعودية وكذلك الدول الأخرى المنتجة للنفط في أوبك.[3]
بطبيعة الحال يمكن للدولة ذات الإقتصاد الأقوى أن تقدم مطالبها السياسية بشكل أفضل. ولكل من إيران والمملكة العربية السعودية العديد من الانتماءات الاقتصادية وأوجه التشابه. المملكة العربية السعودية هي دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 34.8 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 700 مليار دولار ، بينما يبلغ عدد سكان إيران 80 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يبلغ 400 مليار دولار، وهذا هو سبب انخفاض دخل الفرد في إيران عن دخل الفرد في المملكة العربية السعودية.
تعتمد المملكة العربية السعودية اعتماداً كبيراً في تأمين مواردها على دولارات النفط ، حيث تمول 30 في المائة فقط من ميزانيتها عن طريق فرض الضرائب، ومعظم مواردها المالية العامة تعتمد على بيع النفط، تقريباً مثل إيران حيث يتم تمويل 50 في المائة فقط من الميزانية السنوية من الضرائب. من حيث مؤشرات سوق العمل، إيران والمملكة العربية السعودية قريبتان جداً من منظورين. حيث يتمتع كلا البلدين بمعدل مشاركة منخفض في العمل يبلغ حوالي 40 في المائة للنساء في سوق العمل ، والذي يقدر بحوالي 20 في المائة أقل من المتوسط العالمي. من ناحية أخرى فإن معدل البطالة بين إيران والمملكة العربية السعودية متشابه و يقدر حوالي 10 في المائة وذلك خلال السنوات الأخيرة.[4]
إن التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية في المجال الاقتصادي يمكن أن يؤمن طرق عبور مهمة وطرق رئيسية لنقل الطاقة مثل قناة السويس ومضيق باب المندب، وهذا لا يضمن أمن الطاقة في غرب آسيا فحسب ، بل يغطي أيضا أمن الطاقة في العالم ، وبالتالي فإن الدول الكبيرة مثل روسيا والولايات المتحدة ستستفيد أيضا من هذا التقارب.
الآن خلصت الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية إلى أنه بعد سنوات من المنافسة الإقليمية الخارجة عن السيطرة ، يجب أن تبدأ حقبة جديدة من العلاقات والتعاون. ومن المؤكد أن استمرار التنافس والتوترات بين إيران والسعودية سيسبب الكثير من الضرر ليس فقط للبلدين ولكن أيضا للمنطقة وحتى العالم ، فالتحركات الأخيرة ، وخاصة الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى المملكة العربية السعودية والاجتماع مع بن سلمان واستئناف العلاقات ، يمكن أن يكون لها فوائد سياسية واقتصادية وأمنية لكلا الجانبين، في ظل إظهار الطرفين لحسن النية وتقبلا بعضهما البعض، واحترام كل منهما لموقف الآخر ومصالحه والتعامل بصدق .
في الواقع يمكن أن تكون أهمية التقارب وإقامة العلاقات بين طهران والرياض مهمة من ناحية بسبب تقليل التوترات وزيادة الأمن في منطقة غرب آسيا ، وزيادة الاستقرار والأمن، وخاصة أمن الطاقة، ومن ناحية أخرى، يكون لها تأثير مباشر على زيادة مستوى الرفاهية والتنمية لدول المنطقة. والمسألة التي حاولت الجمهورية الإسلامية دائما معالجتها هي مكافحة الحرب وعدم الاستقرار في المنطقة. من ناحية أخرى، يعد استئناف العلاقات بين طهران والرياض نجاحاً كبيراً للعالم الإسلامي. إن جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية ستحل العديد من مشاكل العالم الإسلامي إذا استطاعت أن تصل بعلاقاتهما إلى المستوى المطلوب.
1. https://pir.shahreza.iau.ir/article_555576_e0b46ded445394e7ee674117c58a743c.pdf
2. خضری، احسان و همکاران (1394)،«ریشهیابی منازعات ایران و عربستان؛ مطالعه موردی عراق، بحرین و یمن»، فصلنامه تحقیقات سیاسی و بینالملی، شماره بیست و سوم.
3. کریمی و همکاران (1397)، « برجام و تأثیر آن بر کنشهای اقتصادی عربستان سعودی در مقابله با ایران»، فصلنامه پژوهشهایراهبردیسیاست،سالهفتم،شماره62.
4. https://bourseon.com/XwP5).