التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا

تواجه فرنسا منذ فترة وجيزة موجة من الاضطرابات والاحتجاجات الداخلية التي اتخذت شكلا عنيفا إلى حد المواجهة العنيفة بين المتظاهرين و رجال الشرطة، وقد تسببت هذه القضية باعتراف السلطات الفرنسية "بالتعب والقلق" الذي يواجه جهاز الشرطة والبوليس. ومنذ وقت ليس ببعيد، قال دارمانن، وزير الداخلية الفرنسي، قبل لقائه مع ممثلي قوات الشرطة: أريد أن أقول إنني أتفهم هذا التعب والحزن والعواطف، لكن يجب ألا تنسى الشرطة إحساسهم بالمسؤولية.

اکتوبر 1, 2023 - 08:18
التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا
التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا

تواجه فرنسا منذ فترة وجيزة موجة من الاضطرابات والاحتجاجات الداخلية التي اتخذت شكلا عنيفا إلى حد المواجهة العنيفة بين المتظاهرين و رجال الشرطة، وقد تسببت هذه القضية باعتراف السلطات الفرنسية "بالتعب والقلق" الذي يواجه جهاز الشرطة والبوليس. ومنذ وقت ليس ببعيد، قال دارمانن، وزير الداخلية الفرنسي، قبل لقائه مع ممثلي قوات الشرطة: أريد أن أقول إنني أتفهم هذا التعب والحزن والعواطف، لكن يجب ألا تنسى الشرطة إحساسهم بالمسؤولية. وسبب الإدلاء بمثل هذا الاعتراف من جانب وزير الداخلية هو أن الحكومة الفرنسية استخدمت دائمًا عددًا كبيرًا من قوات الشرطة للتعامل مع الاحتجاجات التي حدثت في الأشهر والسنوات الأخيرة، وقد أدى هذا الوضع إلى تأجيج استياء المواطنين من تعامل قوات الشرطة، ولم تتمكن الحكومة حتى الآن من إخماد غضبهم.[1]

في مثل هذا الوضع الذي تشهد فيه قوات الأمن الفرنسية عبء عمل غير مسبوق، نشأت العديد من التحديات لضمان أمن هذا البلد، خاصة في الأسبوع المقبل. حيث يتوقع أن تشهد فرنسا في الأيام المقبلة أحداثًا من شأنها أن تجعل قوات الأمن في هذا البلد تواجه ظروفًا أكثر صعوبة. أولاً  "تشارلز الثالث"، ملك إنجلترا، الذي بدأ زيارته الرسمية الأربعاء بعد تأجيل دام ستة أشهر بسبب الأوضاع الأمنية المتأثرة بالاحتجاجات ضد إصلاحات المعاشات التقاعدية في فرنسا، التي تستغرق ثلاثة أيام إلى فرنسا للقاء البابا فرانسيس يوم السبت في مرسيليا ليحتفلون بالعشاء الرباني. [2]

من ناحية أخرى، ستستضيف فرنسا كأس العالم للرجبي في نفس توقيت زيارة ملك إنجلترا لهذا البلد، ونظرا للتهديدات القائمة والظروف السائدة في هذا البلد، فمن المتوقع أن تواجه قوات الأمن الفرنسية أوقات وظروفاً صعبة. ويقال إن 8000 من قوات الأمن كانوا يعملون في باريس فقط يوم الأربعاء عندما وصل تشارلز الثالث إلى فرنسا، وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية نشر 30000 من قوات الشرطة والدرك لضمان أمن هذه الأحداث.[3]

إن تزامن هذه الأحداث مع تهديدات تنظيم القاعدة لفرنسا جعلها تواجه صعوبات في تأمين هذا البلد. وفي هذا الشأن كتبت صحيفة الوفيجارو نقلاً عن بيان تنظيم القاعدة أن أعضاء هذه الجماعة هددوا بمهاجمة السفارة الفرنسية والسفارة السويدية. ولهذا السبب حذر جيرالد دارونين، وزير الداخلية الفرنسي، السلطات الفرنسية من أن "التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا" وأن "مستوى عال من الحيطة الحذر" ضروري جداً في هذه المرحلة من الوضع الحالي. [4]

إن زيادة إجراءاتها الأمنية بهذه الطريقة من أجل إقامة وتجهيز الأحداث المقبلة يثير التساؤل حول السبب الذي يجعل إدارة فرنسا للأزمة الأمنية صعبة إلى حد نشر المزيد من قوات الأمن بشكل واضح من أجل استضافة بعض الأحداث المهمة!

ويبدو أن السبب المهم والرئيسي لاتخاذ مثل هذه الإجراءات ضد الاحتجاجات والاضطرابات الأخيرة التي شهدتها فرنسا، والتي يمكن اعتبار سياسة "ماكرون" عاملاً مهماً في ظهورها، هو أنه بدلاً من حل المشاكل الموجودة مثل العنف والتمييز العنصري وإلغاء قانون معاقبة ضباط الشرطة في هذا البلد، ذهبوا إلى مواجهة الشعب و استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضدهم. وما زاد من حدة نيران هذه الاحتجاجات أسباب مثل دعم فرنسا لأوكرانيا في خضم تنفيذ سياسات التقشف الاقتصادي داخل هذا البلد، واحتياجات الفرنسيين وتغيير قانون التقاعد حيث كانت من أكثر الأمور الأساسية التي أججت غضب الشعب.

ومن ناحية أخرى فإن الشعب في هذا البلد غاضب بشدة من ازدواجية تصريحات وتصرفات مسؤولي هذا البلد لدرجة أن هناك فجوة كبيرة بين أصحاب القرار والشعب الفرنسي وسط وادعاءات تنفيذ القوانين مثل تغيير قانون التقاعد بسبب المشاكل الاقتصادية والمساعدات، وقد تم تخصيص مليارات الدولارات وإرسالها إلى أوكرانيا. [5]

في مثل هذا الوضع حيث يجتمع التمييز العرقي والعنصري مع المشاكل الاقتصادية والافتقار إلى العدالة الاجتماعية في فرنسا، تُظهر الطبيعة العنيفة للاحتجاجات أيضًا أنه كلما واجهت فرنسا مشكلة اجتماعية أو اقتصادية داخليًا، فإنها تمتلك القدرة اللازمة على تكثيف جهودها باستخدام العنف في هذا البلد، فمن ناحية، بسبب عدم ثقة الناس في الحكومة و عدم الرضا الموجود يجعلهم يلجأون إلى أساليب العنف ومن ناحية أخرى فإن استخدام الحكومة غير المشروط للقمع والعنف لإدارة الأزمات يضع أيضا قوة الشرطة أمام الشعب، وإعلان حالة الطوارئ خير دليل على عدم قدرة مسؤولي الحكومة الفرنسية على الإدارة والسيطرة على الاحتجاجات في ظل هذه التوترات الاجتماعية الموجودة في هذا البلد. [6]

مرضیه شریفی


[1] https://www.irna.ir/news/85182717/

[2] https://www.ilna.ir/fa/tiny/news-1399253

[3] https://thetimeshub.in/with-the-visits-of-king-charles-and-pope-francis-security-under-high-tension-in-france/4504/

[4] https://www.dailymail.co.uk/news/article-12539065

[5] https://www.mizanonline.ir/fa/news/4720911

[6] https://www.taghribnews.com/fa/note/598899