الإمارات تطعن القضية الفلسطينية.. لماذا سحب مشروع قرار حول الاستيطان في مجلس الأمن؟
أفادت وكالة رويترز بأن الإمارات أبلغت مجلس الأمن الدولي أنها لن تدعو للتصويت على مشروع قرار يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضحت الوكالة أن الإمارات أرسلت مذكرة للدول الأعضاء في مجلس الأمن، ذكرت فيها أنها تعكُف حاليا على صياغة بيان رسمي يسمى البيان الرئاسي، يتعين على المجلس الموافقةُ عليه بالإجماع.
وكانت الإمارات قد وزعت الأربعاء الماضي نص قرار على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، كانت قد صاغته بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن أصدرت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراخيص لتسعِ بؤر استيطانية عشوائية، وأعلنت بناء آلاف الوحدات في الضفة الغربية المحتلة.
ونقل موقع "والا" الإخباري العبري عن مصدرين إسرائيليين وصفهما بالمطلعين، قولهما إنه في ظل الضغوط الشديدة التي مارستها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، توصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني إلى تفاهم يقضي بعدم ترويج الفلسطينيين للتصويت في مجلس الأمن ضد المستوطنات يوم الاثنين.
وأضاف المصدران أنه في المقابل، ستعلّق إسرائيل مؤقتا الترويج لمزيد من البناء في المستوطنات بالضفة الغربية، وهدم المنازل وإخلاء الفلسطينيين.
ووفق الموقع الإخباري العبري، فإن واشنطن تريد وقف التصويت على مشروع قرار إدانة المستوطنات في مجلس الأمن، حتى لا تضطر إلى استخدام حقّ النقض (الفيتو) لوقف إصدار القرار، وهو ما سيكون عكس مواقفها المناهضة لقضية البناء في المستوطنات.
وفي سياق متصل، أفاد الموقع بأنه من خلال الوساطة الأميركية توصلت إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى تفاهم بشأن خفض التوترات في الضفة، حيث سيعلّق الطرفان الإجراءات الأحادية الجانب لبضعة أشهر.
وقال "والا"، نقلا عن مصادره، إن الأميركيين مارسوا ضغوطا شديدة لدفع التفاهمات للأمام، بسبب الخوف الشديد من اندلاع تصعيد في شهر رمضان المقبل (الذي يبدأ في الأسبوع الأخير من مارس/آذار المقبل) وعيد الفصح اليهودي، في حال استمرت التوترات الحالية.
وكان مشروع قرار مجلس الأمن الذي قدمته الإمارات سيؤكد من جديد على أن “إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس صحيحا من الناحية القانونية ويمثل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي”.
كما ندد مشروع القرار جميع محاولات ضم أراض فلسطينية، بما في ذلك القرارات والإجراءات التي تتخذها إسرائيل بخصوص المستوطنات.
وكانت السنوات الماضية شهدت ارتفاعا ملحوظا في أعمال الاستيطان، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة أن حكومته ستعطي دفعة أكبر للاستيطان.
ويتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبموجب القانون الدولي، تعتبر جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة "غير شرعية"، وقالت الأمم المتحدة إن توسيعها "ينتهك" قانون حقوق الإنسان.
يشار إلى أن انتخاب الإمارات بعضوية غير دائمة بمجلس الأمن الدولي منتصف العام الماضي قوبل بارتياح وترحيب إسرائيلي باعتبار الخطوة تساند تل أبيب في المحفل الدولي.
وفي حينه ذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل”، أن إسرائيل تأمل أن يساهم حصول الإمارات على عضوية مجلس الأمن في تبني الهيئة الأممية قرارات “أقل انحيازا ضد إسرائيل”.
وذكر الموقع أن الرهان الإسرائيلي على حدوث تحول على اتجاهات التصويت بشأن القرارات المتعلقة بإسرائيل، بعد انتخاب الإمارات عضوا في مجلس الأمن، جاء بعد أن تبنت تونس موقفا “عدائيا”، على حد وصفه، تجاه إسرائيل ودفعت بمشاريع قرارات ضدها.
وحسب الموقع نفسه، فإن تل أبيب مرتاحة أيضا إلى انتخاب كل من البرازيل وألبانيا وغانا والغابون أعضاء جددا غير دائمين إلى جانب الإمارات في مجلس الأمن، بسبب طابع العلاقة القوي الذي يربط هذه الدول بإسرائيل.
والاثنين، أعرب مجلس الأمن الدولي في بيان أصدرته رئاسته عن "بالغ قلقه واستيائه" إزاء قرار إسرائيل التوسع في بناء مستوطنات.
واعتبر المجلس بدعم من جميع أعضائه أن "استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يعرض خيار حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) للخطر".
وأعرب عن "معارضته الشديدة لجميع التدابير أحادية الجانب التي تعيق السلام، بما في ذلك قيام إسرائيل ببناء المستوطنات وتوسيعها ومصادرة أراضي الفلسطينيين وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد المدنيين الفلسطينيين".
وأدانت فصائل فلسطينية التراجع الفلسطيني الرسمي عن مشروع قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن الدولي واستبداله ببيان رئاسي لا قيمة له على أي صعيد.
وفي بيان أكدت الفصائل وهي "حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية والمبادرة والقيادة العامة والصاعقة" أن ما قامت به السلطة الفلسطينية من صفقة مقابل التراجع عن موقفها لا يعني إلا استمرارها في مسلسل بيع الأوهام لشعبنا والارتهان للإدارة الأمريكية المتواطئة مع الاحتلال ضد شعبنا وحقوقه على مدار عشرات السنين إضافة إلى الخضوع لحسابات أمريكا المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية في ظل الصراع الدولي الدائر.
وقالت الفصائل: لقد جاءت هذه الصفقة المرفوضة شعبياً ووطنياً وسياسياً في ظل تصاعد الحالة الكفاحية النضالية الفلسطينية ضد الاحتلال وحكومته اليمينية الفاشية وسلوكها المتوحش الهادف للقضاء بشكل كامل على الفلسطيني أينما كان، وفي ظل ما تتعرض له القدس من مشاريع تهويد وطرد وتهجير، وفي ظل التوحّش الصهيوني الاستيطاني ومُضيّه في تنفيذ مخططات الضم على أرض الواقع عبر شرعنة البؤر الاستيطانية، وفي ظل ما يتعرض له الأسرى من اعتداءات على كرامتهم وإنسانيتهم عبر تشديد ظروف اعتقالهم، ما يؤشر إلى خطورة النهج الذي تقوم به القيادة الرسمية وأثره المدمر على حقوق شعبنا وتضحياته.
إن القيادة الفلسطينية حصلت على صفر كبير، ومن واجب القيادة أن تشرح للشعب الفلسطينيي ما الذي يجري، ولا يجوز ترك الشعب يستقي أخباره من الإعلام الإسرائيلي حيث كان يجب على السلطة ألا تقبل بأي حال من الأحوال بأن تستبدل مشروع قرار ببيان رئاسي لا قيمة له، وكان يجب الاستمرار في تقديم القرار، خاصة أن الترتيبات التي قاموا بها لا تنص على إلغاء شرعنة تسع بؤر استيطانية وإنشاء أربع أخرى، بل كما أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه سيستمر في البناء الاستيطاني.
المصادر: