الأسد إلى الصين .. محور يتعزز
إذا صحت الأنباء التي تحدثت عن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين على رأس وفد رسمي خلال الأسابيع المقبلة، فأن طوراً جديداً من العلاقات بين البلدين ستفتح فصوله الاستراتيجية إيذاناً ببدء مرحلة جديدة لا تخص دمشق وبكين فحسب، بل ترتبط بمجمل التطورات العالمية والاصطفافات الدولية، خاصة مع توضح طبيعة المحاور على الساحة الدولية إذ تشترك سوريا والصين في المحور ذاته المناهض للهيمنة الأمريكية التي تعيش مرحلة الأفول التدريجية.
إذا صحت الأنباء التي تحدثت عن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين على رأس وفد رسمي خلال الأسابيع المقبلة، فأن طوراً جديداً من العلاقات بين البلدين ستفتح فصوله الاستراتيجية إيذاناً ببدء مرحلة جديدة لا تخص دمشق وبكين فحسب، بل ترتبط بمجمل التطورات العالمية والاصطفافات الدولية، خاصة مع توضح طبيعة المحاور على الساحة الدولية إذ تشترك سوريا والصين في المحور ذاته المناهض للهيمنة الأمريكية التي تعيش مرحلة الأفول التدريجية.
زيارة سياسية واقتصادية في نفس الدرجة من الأهمية، تحتاجها سوريا كما تحتاجها الصين. ففي السياسة تتقارب بكين ودمشق في التوجهات وفي الرؤى في مختلف القضايا والملفات الشائكة على الساحة الدولية، فالموقف الصيني من الحرب على سوريا كان موقفاً مبدئياً منسجماً مع مبادئ السياسة الخارجية الصينية وتوجّهاتها المتمثلة في رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول. لذا فقد سعت بكين إلى العمل على وقف الحرب في سوريا، وطرح العديد من المبادرات التي تهدف إلى إيجاد مخرج للصراع الدائر فيها.
ووقفت الصين جنباً إلى جنب روسيا في مجلس الأمن الدولي باستخدام الفيتو ضد القرارات الأمريكية الغربية التي استهدفت سوريا على مدار الحرب، وبالتالي رغبة الصين بتوسيع حضورها ودورها في الشرق الأوسط، بينما تمثل دمشق بالنسبة لبكين كما يرى محللون في الشأن رصيداً استراتيجياً، لا من حيث ثرواتها الطبيعية فقط، بل من زاوية ثقلها الجيو سياسي على صعيد الموقع الجغرافي والمكانة الحضارية، والدور الذي تؤديه في معادلات السياسة الشرق أوسطية.
إن موقف الصين من الحرب على سوريا، استند إضافة إلى اعتبارات المصلحة والأيديولوجيا، إلى اعتبار سعي الصين لحفظ وتعزيز نفوذها في معادلة توازنات القوى الدولية في منطقة الشرق الأوسط. فبكين باتت أحد الأقطاب الرئيسة في العالم، وما التطور في السياسة الخارجية الصينية تجاه سوريا إلا انعكاس لتصاعد مكانة الصين وقوتها.
ولابد من الإشارة هنا إلى مبادرة من أربعة محاور قدمتها الصين سابقاً لحل الأزمة في سوريا، تضمنت: احترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، من خلال ترك الشعب السوري هو الذي يحدّد مصير بلاده وبشكل مستقل. التسريع في عملية إعادة الإعمار ورفع جميع العقوبات عن سوريا وبشكل فوري، وهو الطريق لحل الأزمة الإنسانية في البلاد، مكافحة المنظمات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي، ودعم حل سياسي شامل وتصالحي للقضية السورية، وتضييق الخلافات مع جميع فصائل المعارضة السورية من خلال الحوار والتشاور.
في الاقتصاد سوريا تتعافى من حرب دمرت ما دمرته وبالتالي بحاجة لرافعة اقتصادية استثمارية والأهم بحاجة لإعادة الإعمار وهو ما ستساهم به الصين بشكل أو بآخر ولا سيما في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على دمشق ، وبالتالي فإن المساهمة الصينية في تحقيق عوامل الأمن والاستقرار ينعكس عليها لناحية مبادرة «الحزام والطريق»، إذ تمثل سوريا بالنسبة للصين أهمية جيوسياسية من حيث موقعها على أحد الخطوط المحتملة لهذه المبادرة الاقتصادية المهمة، فأحد أبرز طرق وصول «حزام وطريق» إلى أوروبا يمرّ بالبحر المتوسّط، ما يعني المرور بسوريا من العراق وإيران وقبلها أفغانستان وباكستان.
إذا ما ربطنا الزيارة بالأنباء التي تحدثت أيضاً عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بكين لحضور منتدى «الحزام والطريق» الثالث الشهر المقبل، وقبلها بأيام زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى بكين، فأننا أمام حلف سياسي اقتصادي يتعزز وينمو في عالم متحول بشكل متسارع، تفرض فيها سوريا رغم الحرب ومآلاتها وروسيا والصين وفنزويلا وإيران ومن إلى جانبهم الحضور والدور الفاعل ونرى كيف تسير التطورات بغير الركب الأمريكي، كما أن تزامن زيارة الأسد مع بوتين في الصين يرسم مسار جديداً في حل الأزمة السورية ولاسيما أن بكين تنتهج استراتيجية الحلول والجمع بين الأطراف.
وتربط بين الصين وسورية علاقات صداقة تضرب جذورها في أعماق التاريخ، حيث أقام البلدان العلاقات الدبلوماسية رسمياً في الأول من آب عام 1956، وكانت سورية ثاني دولة عربية، بعد مصر، أقامت جمهورية الصين الشعبية معها العلاقات الدبلوماسية.
ومنذ فترة طويلة، هناك تعاون جيد بين الصين وسورية في المحافل الدولية والإقليمية، إذ تؤيد الصين جهود سوريا لاستعادة الجولان المحتل وإقامة سلام شامل وعادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، في حين تؤيد سوريا موقف الصين في قضية تايوان وحقوق الإنسان وغيرها، ومنذ تولي الرئيس بشار الأسد الحكم زاد الاهتمام السوري بتطوير العلاقات الودية مع الصين، ولهذا يشهد التبادل والتعاون بين البلدين زيادة وتوسعاً يوماً بعد يوم.
وخلال زيارة الرئيس الأسد للصين عام 2004 طرح الرئيس الصيني هو جين تاو ثلاثة مقترحات لتطوير العلاقات الصينية السورية، تمثل المقترح الأول: تعزيز التبادل السياسي بين البلدين. الحفاظ على تبادل الزيارات والاتصالات الرفيعة المستوى، توسيع التبادل الودي بين البرلمانين والحزبين وأبناء شعبي البلدين، توثيق التشاور والتنسيق بين البلدين والأجهزة الحكومية في البلدين حول القضايا الهامة والشؤون الدولية.
في حين تمثل المقترح الثاني، بتوسيع التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، مع تواصل تحسين التعاون بين البلدين في المرافق الأساسية والغزل والنسيج والأجهزة الكهربائية المنزلية، إبراز تفوق البلدين المتكامل، واستكشاف مجالات تعاون جديدة، وتعزيز التعاون في البترول والاتصالات والزراعة والعلوم والتكنولوجيا، بين البلدين. أما المقترح الثالث فتمثل بدفع التبادل والتعاون بين البلدين في التعليم والثقافة والسياحة والصحة. تعزيز المعرفة والصداقة بين الشعبين، لإرساء أسس راسخة لتطوير العلاقات بين البلدين.
المصادر:
1-https://cutt.us/VTRhS
2- https://cutt.us/5fIPD
3- https://cutt.us/7XmyG
4-https://cutt.us/sSn8B
5- https://cutt.us/HjqEM