احتجاجات ضدّ الجولاني و مستقبل حكم الجماعات المسلحة
سقط نظام الأسد وجاء نظام الجولاني (حكومة الشرع)، والكثيرين يتساءلون ماهي المفارقات الجديدة التي جاءت بها جبهة تحرير الشام للشعب والبلد وماهو النهج الذي سيحكم سورية.
سقط نظام الأسد وجاء نظام الجولاني (حكومة الشرع)، والكثيرين يتساءلون ماهي المفارقات الجديدة التي جاءت بها جبهة تحرير الشام للشعب والبلد وماهو النهج الذي سيحكم سورية. مؤخراً ومن قلب حلب خرجت تظاهرة ضدّ قائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع الملقّب بـ"الجولاني" وسط المدينة في ساحة سعدالله الجابري للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون إدلب وكان معظمهم من النساء حيث طالبن بإطلاق سراح أزواجهن ورفعوا صوراً لمعتقليهم والمفقودين على يد هيئة تحرير الشام.
وقد تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصوّرًا يظهر فيه عدد من المسلحين في إدلب يهدّدون "الجولاني" في حال لم يتمّ إطلاق سراح 10 نساء اعتقلن من قبل "هيئة تحرير الشام" التي يترأسها عندما شهدت ساحة سعد الله الجابري في حلب تظاهرة ضدّ الهيئة، حيث طالب المشاركون بإخراج "المعتقلين" من سجون الهيئة في إدلب وقد رفع المشاركون صور المعتقلين مردّدين شعارات مناهضة لـ"الجولاني".(1)
في ظل هذا الوضع الذي بدأت تظهر فيه خفايا وملفات ضد الجولاني يسعى الشرع لإظهار أبهى صورة أمام المجتمع الداخلي والخارجي من أجل تلميع صورة الهيئة وإظهار أنها ذات أيادي بيضاء ومسالمة وليست إرهابية ولكي يقنعوا أمريكا والمجتمع الدولي لإخراجها من تصنيف المجموعات الإرهابية، ولكن لايمكن إخفاء كل شيء وخاصة أن تاريخ الهيئة والمجموعات المنطوية تحت ذراعها أو التي تحالفت معها مليء بالجرائم ضد الإنسانية، وفي حال لم تعمل على حلها أو إطلاق مسميات وتشكيلات جديدة عليها ذات أهداف سياسية فلن يعترف بها أحد.
لم ينسى العالم تاريخهم فمنذ سنة تقريبا، ومازالت مواقع التواصل الإجتماعي و الصفحات تضج بالفيديوهات التي تطالب بإعدام الجولاني والمظاهرات من قبل أهل أدلب في ظل القمع الذي تفرضه الهيئة في مناطق سيطرتها. فقد انتشرت تظاهرات كبيرة في بلدات وقرى جبل الزاوية و ريف ادلب مؤكّدةً مطالبها في إسقاط زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني وإنهاء الجهاز الأمني التابع له، وشملت التظاهرات مدينة إدلب وبلدات دركوش وأرمناز وحفسرجة، كما رفعت شعاراتٍ تطالب بتنفيذ حكم الإعدام بحقّ الجولاني، على خلفية الجرائم المرتكبة في سجون الهيئة. وشارك في التظاهرات رجال دين وأعضاء منشقين عن مجلس شورى هيئة تحرير الشام وجدّد المتظاهرون مطلبهم بإسقاط الجولاني، وركزت الهتافات في التظاهرات على رفض "الإصلاحات التي أعلنها الجولاني"، كما كشفت عن الجرائم التي ترتكب بحق المعتقلين في سجون الجولاني وهيئة تحرير الشام. (2)
نبذة عن هيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني
هيئة تحرير الشام التي يقودها أبو محمد الجولاني نشأت من خلال اندماج عدة فصائل مقاتلة في سورية وكان لها جذور في جبهة النصرة التي كانت تُعتبر الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سورية. بعد تغييرات عدة في الهيكلية والتوجهات أعلنت هيئة تحرير الشام عن استقلالها عن تنظيم القاعدة وبدأت تتبنى نهجًا أكثر توافقًا مع الواقع السوري الذي كانت تسيطر عليه في الشمال وتماشيا مع الظروف الإقليمية والدولية وخاصة التي تتعلق بدولتي قطر و تركيا.(3)
المعتقدات والأيديولوجيا
1- الإسلام السياسي: تتبنى هيئة تحرير الشام مزيجًا من الفكر السلفي الجهادي مع توجهات إسلامية أكثر اعتدالًا نسبيًا. و لكن أظهر الجولاني مؤخراً حرصه على فصل الهيئة عن تنظيم القاعدة مما يعكس ذلك سعيه لتوسيع قاعدة الدعم الشعبي والسيطرة على مناطق أكبر.
2- الموقف من الفصائل الأخرى: الهيئة تسعى إلى تعزيز قوتها العسكرية والسياسية من خلال تحقيق وحدة بين الفصائل المسلحة وخاصة بعد السيطرة على الحكم واستلامها القيادة العامة للبلاد، لكنها في نفس الوقت تتبنى سياسة قمعية تجاه الفصائل التي تعتبرها تهديدًا لسلطتها.
3- الشريعة والحكم الإسلامي: الهيئة تُظهر دعمها لتطبيق الشريعة الإسلامية ولكن كيفية تنفيذ هذا التطبيق وتجسيده في أرض الواقع يختلف بحسب الظروف والجولاني يؤكد على ضرورة الانخراط في الحياة السياسية وبناء المؤسسات؟
مصير الحكم في سورية تحت قيادة هيئة تحرير
التحديات السياسية: وجود الإخوان المسلمين في الحكم سيواجه عددًا من التحديات بما في ذلك الحاجة إلى توحيد الفصائل والمجموعات المختلفة في سورية بالإضافة إلى مواجهات محتملة مع الجماعات المسلحة الأخرى.
التحديات الخارجية من أجل تحقيق التوازن مع المجتمع الدولي: الحكومات الإخوانية قد تحتاج إلى إقامة علاقات مع القوى الإقليمية والدولية مما قد يدفعها إلى تبني سياسات أكثر اعتدالًا ومراعاةً للظروف الدولية وهي الأن أمام تحدي كبير من أجل تحقيق ذلك وإرضاء الدول التي ستبني معها مصالحها المشتركة.
الصراعات الداخلية: من غير المستبعد أن تندلع صراعات داخلية بين الفصائل الإسلامية المختلفة، مثل هيئة تحرير الشام والفصائل الإخوانية، وهو ما سيكون له تأثير كبير على استقرار الحكم في سورية.
الخلاصة
النهج الذي تتبناه هيئة تحرير الشام تحت قيادة أبو محمد الجولاني يعتمد على تحقيق السيطرة الميدانية وتعزيز قوتها في سورية مع محاولات للدمج بين الأيديولوجيا الإسلامية العمقية والاحتياجات المحلية. بينما يبقى مصير الحكم في سورية في حالة صعود القوى الإسلامية بما في ذلك الإخوان المسلمين أو من يتحالف معهم يعتمد على قدرتهم على توحيد الفصائل المختلفة والاستجابة لمتطلبات المجتمع السوري وللضغوط الدولية وتحقيق الحريات المدنية لجميع فئات المجتمع وفتح الباب أمام حياة سياسية جديدة تشارك فيها جميع القوى والأحزاب.
محمد يزن حمادي
1- www.alahednews.com.lb/article.php?id=77573&cid=116
2- بمشاركة-منشقين-عن--تحرير-الشام----التظاهرات-ضد-الجولاني-تتوا/www.almayadeen.net/news/politics
3- https://www.bbc.com/arabic/articles/cyv7vnldpq9o