إطلاق أول محطة للطاقة النووية في تركيا
نناقلت وسائل إعلام تركية في الأيام الأخيرة أخبار منقولة عن وزير الطاقة والموارد الطبيعية لهذا البلد، قوله إن المرحلة الأولى من محطة الطاقة النووية الأولى في تركيا الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بمحافظة مرسين جاهزة للتشغيل ومع نقل الوقود المطلوب لها ستدخل محطة الطاقة النووية المسماة "أكويو" مرحلة توليد و إنتاج الطاقة في 27 أبريل 2023م بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا. وفي هذا الصدد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضًا في برنامج تلفزيوني مباشر عن تحميل الوقود وافتتاح محطة الطاقة هذه في الموعد المحدد بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيًا أو عبر الإنترنت.[1]
وبحسب تصريحات رجب طيب أردوغان وكذلك بيانات وزارة الطاقة التركية ومدير المشروع "روساتوم" فإن محطة أكويو للطاقة النووية ستحتوي على أربعة مفاعلات، وستكون طاقة كل من هذه المفاعلات 1200 ميغاواط ، وفي الخطة النهائية ستبلغ طاقتها الإجمالية 4800 ميغاواط ، وستصل في عام 2026 إلى التشغيل الكامل،[2]وستلبي المفاعلات بحسب السلطات التركية عشرة بالمئة من احتياجات تركيا من الكهرباء. سيسمح أكويو لأنقرة بالانضمام إلى مجموعة الدول النووية، والتي يبلغ عددها حاليًا 32 دولة. وبحسب وسائل إعلام تركية فقد تم في غضون خمس سنوات الانتهاء من المرحلة الأولى من محطة الطاقة النووية هذه في جنوب تركيا و أصبحت جاهزة للتشغيل.[3]ومع ذلك بالإضافة إلى انتقادات التكلفة العالية للمشروع و المخاطر البيئية للمناطق المحيطة بها، إن أكبر إبهام بشأن محطة أكويو للطاقة النووية هو نوع العقد الخاص بهذا المشروع والذي سيكون فعلياً من نصيب موسكو، وهذا قد يؤدي إلى اعتماد تركيا بشكل أكبر في المنطقة على روسيا في مجالات الطاقة.
بالإضافة إلى ما ذكر عن جميع المواصفات والأبعاد الفنية لمحطة الطاقة النووية هذه وكذلك إعلان الحكومة التركية عن تنفيذ خطة طويلة المدى لإطلاق ما لا يقل عن 4 مشاريع نووية بحلول عام 2050، فإن تركيا بدأت ببناء محطتها الثانية للطاقة النووية في مقاطعة سينوب على ساحل البحر الأسود بالتعاون مع اليابان، كما سيتم بناء ثالث محطة للطاقة النووية بالتعاون مع الصين، لكن لم يتم الإعلان عن تفاصيلها. كما وردت تقارير عن اتفاقيات أولية بين تركيا وكوريا الجنوبية للمشاركة في بناء أربعة مفاعلات نووية في شمال تركيا.[4]
الآن السؤال الذي أثير على المستوى العالمي وتحول إلى تحدٍ جديد على المستوى الإقليمي هو الهدف النهائي لأردوغان والحزب الحاكم في تركيا من وراء هذا البرنامج الطموح والعظيم. و على الرغم من حقيقة أن حكومة أنقرة وخاصة أردوغان نفسه قد دعموا دائمًا حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية في المحافل الدولية، وأعلنت الحكومة بوضوح عن موقفها في هذا الصدد وأكدت أنها تنوي استخدام على الأقل 20٪ من الطاقة في فترة طويلة الأمد لتوفير الكهرباء لهذا البلد من خلال محطات الطاقة النووية. يمكن أن تشير هذه القضية إلى رغبة أردوغان والحزب الحاكم التركي في استخدام المزيد من الطاقة النووية لتركيا لأنه وبحسب موقع العربي الجديد الإخباري، فإن أردوغان كان قد أدلى بتصريحات حول الملف النووي قبل نحو عامين وأثار الكثير من الجدل في ذلك الوقت. وقال إنه يجب أن تمتلك تركيا أيضًا أسلحة نووية وقد بدأت الدراسات في هذا الخصوص، وكان رئيس تركيا قد أشار بطريقة ما إلى أن هدف تركيا وخطتها لدخول مجموعة الدول النووية مطروحان على الطاولة.[5]
وفي نفس السياق، ذكرت مجلة "تركي سكوب" المدعومة من مركز "موشيه ديان" التابع لجامعة تل أبيب في بحث حول هذا الموضوع أن هناك بوادر مهمة حول رغبة أنقرة في امتلاك قوة الردع، وهو أمر قد ظهر في تصريحات أردوغان لفترة طويلة.[6]
وتجدر الإشارة إلى أن استخدام الطاقة النووية دخل على جدول أعمال الحكومة التركية عام 1962، عندما تم إطلاق مفاعل تجريبي يسمى TR-1 بقوة 1 ميغاوات في منطقة كوجوك شكمجة بإسطنبول. يعتقد العديد من الخبراء أن مغامرة نصف قرن من الطاقة النووية لتركيا قد تقدمت خطوة بخطوة نحو هدفها النهائي، ويمكن توقع أنه بسبب تعطش أردوغان الشره لاكتساب المزيد من القوة والمكانة على المستوى الإقليمي وخارج الإقليمي، فالنتيجة النهائية لهذه المغامرة هي الوصول والانضمام إلى النادي النووي العالمي وسيكون العالم مليئ بسلة من المنتجات النووية المختلفة، حتى لو على حساب العطايا الثقيلة من أردوغان للغرب. ومع ذلك على الجانب الآخر، يعتقد خبراء ومحللون في تركيا وبعض قوى المعارضة التابعة لحكومة أردوغان أن الهدف القصير المدى لأردوغان وحزب العدالة والتنمية هو فتح وحدة تحويل واحدة فقط من محطة الطاقة النووية على عجل ليتم الانتهاء منها في أكويو ، وأيضًا لإدخال الوقود النووي من روسيا إلى هذه المحطة وبذلك يمكن أن يشك ضخاً دعائيًا واسعًا و طعماً حزبيًا وسياسيًا للفوز في الانتخابات المقبلة لتركيا، وأخيراً يمكن اعتباره هدف هام لأهداف تركيا بعيدة المدى وهي دخولها النادي النووي العالمي.
نوید دانشور
[1] https://www.anews.com.tr/turkish-politics/2023/03/29/putin-may-visit-turkiye-to-inaugurate-countrys-first-nuclear-plant-erdogan
[2] https://tr.euronews.com/2021/03/10/turkiye-nin-ilk-nukleer-santrali-olacak-akkuyu-ile-ilgili-neler-biliniyor
[3] https://www.dailysabah.com/business/energy/turkiye-to-join-countries-producing-energy-from-nuclear-sources-soon
[4] https://tr.euronews.com/2023/02/01/guney-kore-enerji-devi-kepco-turkiyede-nukleer-enerji-reaktoru-insa-etmeye-talip-oldu
[5] http://fna.ir/1r9yjy
[6] http://fna.ir/1qn8cr