ألمانيا واقتناص الفرص؟
أيام قليلة مضت على محادثات بخصوص اتفاقيات الغاز الثلاثية بين الدول الثلاثة ألمانيا وسويسرا وإيطاليا، حيث وافق فيها وزير الطاقة الألماني على هذه الاتفاقية التي تسمح للدول الثلاث بعبور الغاز بين حدود بعضها البعض، وأثناء أوقات الأزمات أو نقص مصادر الطاقة لكل دولة من هذه الدول، يمكن للأعضاء الآخرين نقل الغاز إليها. في الواقع هذا العقد لتوفير أمن الطاقة في هذه الدول وسيزيد بالطبع تكاليفها الاقتصادية.
أيام قليلة مضت على محادثات بخصوص اتفاقيات الغاز الثلاثية بين الدول الثلاثة ألمانيا وسويسرا وإيطاليا، حيث وافق فيها وزير الطاقة الألماني على هذه الاتفاقية التي تسمح للدول الثلاث بعبور الغاز بين حدود بعضها البعض، وأثناء أوقات الأزمات أو نقص مصادر الطاقة لكل دولة من هذه الدول، يمكن للأعضاء الآخرين نقل الغاز إليها. في الواقع هذا العقد لتوفير أمن الطاقة في هذه الدول وسيزيد بالطبع تكاليفها الاقتصادية.
آلية هذا التنسيق
سبق أن نفذت ألمانيا هذه الخطة مع دولتي الدنمارك والنمسا وكانت هذه الخطة كحل أخير للنقص الحاد في الغاز. ويعتقد الألمان أنه من خلال هذا التعاون المتعدد الأطراف، يمكن الاستعداد لمواجهة الأزمات، وهذه فرصة جيدة جدًا لزيادة التعاون بين الدول الأوروبية. وفي هذه الخطة الجديدة التي من المفترض أن تنضم إليها سويسرا، فإنه في حالة حدوث مشكلة في إمدادات الغاز في إحدى دول ألمانيا أو إيطاليا، تقوم الدولة الأخرى بنقل الغاز إلى الدولة الأخرى عبر سويسرا [1]. وهذه الخطة مهمة لألمانيا وإيطاليا لأنهما يجهزان نفسيهما للظروف الصعبة والسيناريو الأسوأ، كما أن نقل الغاز البري من سويسرا أسرع ويساعد على تحسين الأوضاع في أوقات الأزمات. والهدف الآخر لألمانيا من إبرام هذه الاتفاقية هو توسيع نطاق نفوذها في الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي[2].
أهداف ألمانيا
تسعى ألمانيا إلى زيادة دورها الفاعل في سياسة وبنية النظام الدولي، وتحاول في هذا الصدد زيادة علاقاتها مع مختلف الدول. في غضون ذلك، تعتبر سويسرا، باعتبارها دولة أوروبية ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، خياراً جيداً لزيادة تفاعل ألمانيا مع جيرانها، وتعتزم هذه الدولة ترسيخ نفسها كشريك موثوق للدول من خلال تقديم نماذج مختلفة للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي وإظهار المزيد من التعاون من شأنه أن يساعد الحكومة الألمانية بشكل كبير على توجيه اقتصادها نحو النمو بمعدل أسرع والاستفادة من فوائد التعاون الاقتصادي المتنوع.
وإلى جانب ذلك، تتطلع ألمانيا إلى تنويع مصادر الطاقة لديها. وهذه الدولة تعلم جيداً أن توفير الغاز الرخيص بعد الحرب الروسية أصبح يمثل مشكلة خطيرة وضعفاً بالنسبة لها، مما كان له آثار عميقة على هذا البلد في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وفي هذا الإطار تحاول ألمانيا زيادة خياراتها في مجال إمدادات الطاقة وتحديدها في إطار آلية التضامن. وفي هذا الإطار، على الرغم من أن ألمانيا يتعين عليها دفع تكاليف إضافية لإمدادات الطاقة، ترتبط هذه الزيادة في التكلفة بشكل مباشر بالمستويات المعيشية لشعب هذا البلد. ومع ذلك تتطلع ألمانيا إلى استغلال هذه الفرصة. في الواقع يمكن رؤية اغتنام هذه الفرصة في شكلين، أولا، أن ألمانيا وحدها تسعى إلى أن تصبح لاعباً مهما في مجال الطاقة في أوروبا، حتى تتمكن من اختيار وإدارة تكاليف الطاقة لديها بحرية على المدى الطويل، لتتمكن من الوصول إلى الغاز الرخيص. وفي المستقبل تحقيق خفض التكاليف للناس. إلا أن هذا الرأي سيكون عملية طويلة الأمد ولن تظهر آثاره على حياة الناس قريباً. وإذا فشلت هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها، فإنها ستؤدي بلا شك إلى زيادة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية ويمكن أن تتحول إلى اضطرابات اجتماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، تنظر ألمانيا إلى هذا النوع من التعاون في إطار الاتحاد الأوروبي. وضمن هذا السياق تسعى ألمانيا، باعتبارها أحد القادة الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، إلى زيادة نفوذ هذا الاتحاد في جميع أنحاء العالم، وستكون الشراكات المتعددة الأطراف مع مختلف البلدان فرصة جيدة للاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى خطة دخول البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي والاطلاع على جزء من أنشطة ألمانيا من هذا الإطار. وفي الواقع تسعى ألمانيا إلى تعريف نفسها كلاعب مهم ورئيسي في النظام الدولي، سواء بشكل مستقل أو في شكل الاتحاد الأوروبي، وتحاول تعويض تخلفها الاقتصادي والاجتماعي بدعم هذا الدور البطيء. وما زال يُنظر إليها على أنها قوة اقتصادية وسياسية عظيمة وينبغي لنا أن نرى الاتجاه الذي ستتخذه ألمانيا في المستقبل.
[1] reuters.com
[2] srnnews.com