أزمة الديون الوطنية الأمريكية
تشيرُ التوقعات الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونجرس والتي صدرت يوم الأربعاء، إلى أن رفع أسعار الفائدة وخطط الإنفاق المقترحة من قبل الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة قد أضافت إلى ميزانية البلاد عجزاً جديداً .
أعلن مكتب الميزانية بالكونجرس يوم الأربعاء أن الولايات المتحدة في طريقها لإضافة ما يقرب من 19 تريليون دولار إلى ديونها الوطنية خلال العقد المقبل، بزيادة قدرها 3 تريليونات دولار عن التوقعات السابقة.
تشير التوقعات الجديدة إلى وجود فجوة بقيمة 1.4 تريليون دولار هذا العام بين ما تنفقه الحكومة وما تحصل عليه من عائدات الضرائب. على مدى السنوات العشر القادمة سيبلغ متوسط عجز الميزانية 2 تريليون دولار سنويًا لأن الإيرادات الضريبية لا يمكنها مواكبة التكاليف المتزايدة لدفع الضمان الاجتماعي والمزايا الصحية لأولئك الذين ولدوا في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. والآن وصلوا إلى سن التقاعد.
لفهم هذه القضية بشكل أفضل يجب أن نقول إن المبلغ الإجمالي للدين العام في عام 2024 سيكون مساوياً لإجمالي الإنتاج السنوي للاقتصاد الأمريكي وسيصل إلى 118٪ من اقتصاد البلاد بحلول عام 2033.
ويتوقع هذا المكتب الذي يعمل كمحاسب ميزانية غير حزبي حالياً أن الاقتصاد الأمريكي بالكاد سينمو هذا العام بعد تعديل التضخم، وأن معدل البطالة سيرتفع فوق 5٪. يعزو الخبراء هذا التراجع في النمو إلى خطة البنك المركزي الأمريكي للحد من التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة.[1]
صحيفة واشنطن بوست تنتقد مسئولي الحكومة الأمريكية وتكتب: هذا التعتيم المتعمد للواقع من قبل صانعي السياسة تسبب في زيادة الدين الوطني إلى أكثر من 31 تريليون دولار. لقد وصلت البلاد إلى مرحلة خطيرة بحيث وصل الدين الوطني بالنسبة لحجم الاقتصاد الأمريكي بأكمله إلى أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية، وإذا لم يتغير شيء، فستجد الولايات المتحدة نفسها قريبًا في سيناريو غير معروف يقوض أمنها القومي ويهدد قدرتها على الاستثمار في المستقبل ويثقل كاهل الأجيال القادمة بشكل غير مرغوب، ويتطلب تخفيضات في البرامج الهامة مثل البرامج الاجتماعية و ...و ليس هذا هو المستقبل الذي يتمناه أي شخص.
حاليًا يمثل الدين 98٪ من حجم الاقتصاد وهو في طريقه للوصول إلى 118٪ في غضون عقد ويرجع ذلك إلى ارتفاع كبير في تكاليف المعيشة التقاعدية ومدفوعات الفوائد الضخمة، و وفقًا لمكتب الميزانية غير الحزبي في الكونجرس لا يتطلب الأمر درجة الدكتوراه في المحاسبة لرؤية علامات التحذير هنا: مع نمو الديون بشكل أكبر من الاقتصاد ستصبح تكاليف الفائدة باهظة للغاية بحيث لن يتبقى سوى القليل من المال للأمور الأخرى. بحلول عام 2033 ستنفق الدولة أكثر من كامل ميزانيتها الدفاعية لدفع ديون الدائنين.[2]
الدين الوطني الأمريكي البالغ 31.4 تريليون دولار هو نتاج قرارات سياسية وصدمات اقتصادية في بداية القرن الماضي. قبل ذلك التاريخ أنفقت الحكومة الفيدرالية أقل من عائداتها الضريبية، ولم تكن هناك أي مشكلة في مستوى سقف الديون. وخفضت الضريبية التي وقع عليها الرؤساء السابقون جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب الإيرادات الحكومية. وأيضا التكاليف الضخمة للحروب في العراق وأفغانستان في عهد إدارة بوش لم يتم تعويضها بزيادة الضرائب. و وقع أوباما وترامب وبايدن على قانون بقيمة تريليونات الدولارات كأموال طارئة لمكافحة الأزمة المالية لعام 2008 والركود الوبائي الناجم عن جائحة كورونا في عام 2020.[3]
نموذج لنسبة الميزانية الوطنية الأمريكية بالنسبة لحجم الاقتصاد بأكمله في هذا البلد من عام 1903 إلى عام 2023 وتوقعاتها حتى عام 2053 ، مما يدل على اتجاهها التصاعدي الرهيب.
محمد صالح قربانی
[1] https://www.tahlilbazaar.com/news/206757/%D8%AA%D8%A7-%DB%8C%DA%A9-%D8%AF%D9%87%D9%87-%DB%B1%DB%B9-%D9%87%D8%B2%D8%A7%D8%B1-%D9%85%DB%8C%D9%84%DB%8C%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D9%87-%D8%A8%D8%AF%D9%87%DB%8C-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D8%A7%D9%81%D8%B2%D9%88%D8%AF%D9%87-%D9%85%DB%8C-%D8%B4%D9%88%D8%AF
[2] https://www.washingtonpost.com/opinions/2023/03/09/us-debt-biden-budget-failure/
[3] https://www.bloomberg.com/news/articles/2023-03-10/us-budget-deficit-hits-723-billion-five-months-into-fiscal-year#xj4y7vzkg?leadSource=uverify%20wall