لماذا لم تقتد إدارة بايدن بسياسة فرانكلين روزفلت؟
على الرغم من أن عدداً كبيراً من الديمقراطيين أطلق على الرئيس جو بايدن لقب «فرانكلين روزفلت الجديد» بمعنى أنه سينقذ البلاد من الفوضى التي خلفها سلفه دونالد ترامب، إلا أن الأحداث الحالية تشير إلى أن جو بايدن قد يكون أقرب إلى الرئيس هربرت هوفر، الذي أدخل البلاد في الكساد العظيم عام 1929، من أن يكون روزفلت منقذ البلاد وصاحب سياسة «النيو ديل» التي أخرجت الولايات المتحدة من الكساد العظيم 1933.
لعل ما أعاد كل من روزفلت وهوفر إلى الذاكرة الآن هو إعلان مصارف أميركية عدة إفلاسها الأسبوع الماضي، ما يعتبر أكبر إفلاس بنكي منذ عام 2008، هذا الحدث دفع الإدارة الأميركية للتحرك لطمأنة الأميركيين على ودائعهم، وفي كلمة موجهة لهم قال بايدن: «إن الحكومة تضمن استعادة المودعين لأموالهم».
تساؤلات كثيرة ظهرت في الإعلام الأميركي لعل أهمها: هل ما يفعله بايدن من شأنه أن يحمي البلاد من الدخول في كساد قد يكون الأصعب منذ عقود؟ أم إن هناك دروسا أخرى كان على الإدارة الحالية أن تتعلمها من الرئيسين السابقين روزفلت وهوفر؟
ربما يكون الجواب في مقال رأي نشرته صحيفة «بوليتكو» الأميركية قبل أيام تقول فيه: إن «الرئيس روزفلت يستطيع تعليم صانعي السياسة والمنظمين الحاليين دروساً كثيرة عن كيفية التعامل مع الأزمات البنكية»، وتضيف الصحيفة: إن «الرئيس روزفلت كان مدركا خطر الحماية الحكومية للبنوك، إذ حل أزمة البنوك عام 1933 بسياسة تنظيمية ذكية وإشراف حكومي حقيقي وليس خطة إنقاذ كالتي تحدث الآن».
ترى الصحيفة أن نجاح الرئيس روزفلت في الخروج من الأزمة كان لسببن الأول «أنه وافق على تأمين الودائع ولكن بشكل محدود»، والثاني «أنه كان يعرف كيفية استعادة ثقة الجمهور في النظام المصرفي، ففي أسوأ لحظات الكساد العظيم التي تعتبر أصعب من المشكلات الراهنة، نجح في قلب الأحداث بشكل سريع، على حين يردد صانعو السياسة اليوم، بعض كلمات جوفاء وتدابير تضعف الثقة بالبنوك».
لم يتعامل فرانكلين روزفلت مع الذعر المصرفي من خلال تأمين الودائع أو من خلال الانتظار لإغلاق المزيد من البنوك من المودعين القلقين، بل قام أولا بإغلاق البنوك ثم أعاد فتحها على أسس جديدة ذات مصداقية تظهر قوتها، ما أعاد الثقة للنظام المالي وتمكنت العديد من البنوك من إعادة فتح أبوابها بسرعة، بهذه الطريقة عالج روزفلت مشكلة ضعف البنوك التي كانت تؤدي إلى تهافت المودعين لسحب أموالهم.
تتساءل الصحيفة: «ماذا لو قامت الإدارة الحالية باتباع سياسة مماثلة لحل الأزمة الحالية مع العلم أن الأزمة اليوم أقل خطورة؟».
«بوليتيكو» تتابع: «يوجد نحو 200 بنك أميركي معرض للخطر بسبب خسائر الأوراق المالية المماثلة لخسائر بنك وادي السيليكون، كان ينبغي على المنظمين أن يجتمعوا مع تلك البنوك بشكل فردي في نهاية الأسبوع الماضي وأن يطلبوا منهم إعادة رسملة ذات مصداقية أو وضعهم تحت الحراسة، وكان من الممكن وضع قيود على أنشطتهم، وأيضاً السماح لهم بدفع جميع الودائع المؤمن عليها ودفع جزء بسيط من الودائع غير المؤمن عليها، كان من شأن هذا أن يضغط على تلك البنوك لحل المشكلة بسرعة، ومن شأنه أن يحصر مشكلة عدم السيولة في جزء من الودائع غير المؤمن عليها في عدد صغير من البنوك فقط».
بدلا من ذلك لم تفعل إدارة بايدن شيئاً حيال المئتي بنك المعرضة للخطر ما شجع استمرار حالة الذعر، و«من الواضح أن الإجراءين اللذين تم اتخاذهما يوم الأحد الماضي قد فشلا في تهدئة الأسواق، كما أن إنشاء الاحتياطي الفيدرالي تسهيلات إقراض خاصة جديدة للبنوك، مما يسمح لها بالاقتراض لمدة تصل إلى عام واحد مقابل أوراق مالية مؤهلة للخزانة والوكالة لم يكن فعالاً»، حسب ما تؤكده الصحيفة.
تختم «بوليتكو» مقالها بالقول: «ربما يكون الوقت قد حان للاقتداء بسياسة فرانكلين روزفلت ومعالجة المشكلة المصرفية على الفور وبشكل مباشر وإعطاء المودع الأميركي سببا حقيقيا للاعتقاد بأنه لا يوجد ما يخافه سوى الخوف نفسه».
المصدر: الوطن