أزمة أمنيّة في "إسرائيل".. أسبابها ونتائجها؟
أزمة أمنيّة في "إسرائيل".. أسبابها ونتائجها؟
في الفترة الماضية، أعرب الصهاينة عن قلقهم من احتمال قيام المقاومة الفلسطينية بهجمات بطائرات مسيرة، وذكرت صحيفة صهيونية في تقرير لها أن الشرطة الإسرائيلية قلقة من احتمال تخطيط وتنفيذ عمليات بطائرات مسيرة من قبل مجموعات المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، في الوقت الذي تعيش فيه فلسطين أوضاعاً متوترة للغاية وعمليات استهداف لأبنائها، ناهيك عن عمليات الإعدام الميداني واقتحام في المسجد الأقصى المبارك بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، حيث تؤكد فصائل المقاومة الفلسطينية أنه لا يوجد وقف لإطلاق النار مع الكيان الصهيوني المحتل وأن المقاومة مستعدة لخوض الحرب للدفاع عن الفلسطينيين ومقدساتهم إذا اشتدت جرائم العصابات الصهيونيّة، ما يشي بانفجار مخيف للأوضاع، بعد أن فتحت تل أبيب أبواب جهنم على نفسها من خلال منهج تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، لدرجة اشتراك وجهة النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول المستقبل الخطير لهذه المنطقة نتيجة للتمادي الإسرائيليّ التي بات ملموساً بشدة خاصة عقب وصول أشد الفاشيين الصهاينة إلى الحكم.
قلق إسرائيليّ عارم
لم تخف التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة أنّ شرطة الكيان الصهيوني قلقة من قدرة الطائرات المسيرة التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية على تصميم وتنفيذ عمليات ضد المستوطنين والمراكز العسكرية داخل الأراضي المحتلة، بالتزامن مع كافة الإجراءات العدائيّة الاحتلاليّة لحكومة العدو المُتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، في وقت تمتلك الفصائل الفلسطينيّة الكثير من الأوراق السياسية والأمنية للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي الذي لم يترك أخضراً ولا يابس، وزادت حدته بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إلا أنّنا لم نشهد أيّ رد من السلطة التي يتم التعامل معها من قبل الإسرائيليين بإذلال واستعباد لا مثيل له.
وفي هذا الصدد، أعلنت صحيفة "يديعوت احرونوت" أنّ الشرطة الاسرائيلية عبرت مؤخرا عن قلقها من قدرة الفلسطينيين على تصميم وتنفيذ عمليات مناهضة للصهيونية باستخدام تقنيات حديثة مثل استخدام الطائرات المسيرة المتفجرة في القدس المحتلة، حيث لم تترك قوات الكيان الغاصب نوعاً من أنواع "جرائم الحرب" إلا واستخدمتها ضد هذا الشعب أمام أنظار العالم اجمع في جرائم بشعة تتطلب مواجهة الجرائم الإسرائيلية، مع تأكيد الفصائل الفلسطينيّة بشكل دائم على أنّ المقاومة الشاملة هي الطريق المعبّد والسبيل لتحرير الأقصى وفلسطين، في ظل استمرار العدو بجرائمه وقطعان المستوطنين بحماية قوات العدو الباغية باقتحامات واسعة، فيما يؤكّد الشعب الفلسطينيّ أنّ الانتفاضة بوجه الاعتداءات الإسرائيليّة كانت وستبقى ملهمة لكل الأجيال في معاني البطولة والانتصار للقدس والأقصى، ناهيك عن إيمانهم العميق بأن الكيان الإسرائيليّ لن يفلح في إخماد جذوة المقاومة المتأصلة في الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه الوطنية وتحرير أرضه ومقدساته.
وتعتقد الشرطة الإسرائيلية أنه في حالة حدوث مثل هذه العمليات، سيكون من الصعب للغاية التعامل معها، خاصة تحديد أصحاب ومصممي عمليات الطائرات بدون طيار، وذلك بالتزامن مع الزيادة الكبيرة في معدل عمليات المقاومة الفدائيّة في الضفة الغربية المحتلة، وتأكيد مختلف الأوساط التابعة للعدو، أنّ تلك المنطقة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة باتت خطرة للغاية على الكيان الذي تعيش أجهزته الأمنيّة ارتباكاً كبيراً بعثر كافة أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، ناهيك عن تعرض حكومة العدو لانتقادات لاذعة نتيجة لجرائمها وجاهزيتها القتالية، حيث إن المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة بشكل أدهش تل أبيب وجعلها في انتظار أيام سود لم تكن تتخيل يوماً بأنّها ستشهدها، حيث وقفت مشلولة أمام تهديد عمليات المقاومة، بل وبدأت قوات العدو تتخذ خطوات جديّة وإن كانت غير مؤثرة قلقاً من تطور الأمور بشكل مفاجئ كما حدث في الأشهر المنصرمة، خاصة بعد أن أثبت المقاومون أنّهم قادرون على فرض معادلاتهم على العدو القاتل والسلطة الفلسطينية الخانعة، والدليل هو الحملات والمخططات الإسرائيليّة الفاشلة.
وفي الأسبوع الماضي، جرى الحديث أن مجموعة من العصابات الإجرامية الإسرائيلية خططت ونفذت هجومًا بطائرة بدون طيار، وتشير الأخبار المنتشرة إلى أن بعض فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية استخدمت في الأشهر الأخيرة طائرات مسيرة للتعرف على تحركات جيش الكيان الصهيوني خلال الهجوم على المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، فيما يعلم جيش لاحتلال االإسرائيلي جيدًا أن مدن الضفة الغربية المحتلة بأزقتها وشوارعها لم تعد آمنة كما السابق، بل تغيرت فيها الكثير من المعادلات الأمنية التي فرضت واقعاً جديداً يشكل خطرًا على كل جندي أو مستوطن، وبات جيش الاحتلال العسكريّ لفلسطين عاجز عن وقف العمليات التي تستهدف قواته، في اعتراف صريح بقوة المقاومة الفلسطينية، مع تزايد نوعية العمليات وكثافتها.
"الكشف عن جيل جديد من طائرات المقاومة"، عنوان عريض يلخص قلقل "إسرائيل" المتزايد، فلم تعد الهجمات تقتصر على العبوات الناسفة التي شكلت هاجساً الذي ورعبًا حقيقيًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يعني هزيمة كبرى لـ"إسرائيل"، بالتزامن مع مجموعة كبيرة من الإجراءات من عمليات المقاومة الفلسطينيّة، نتيجة جرائم قوات الاحتلال الإسرائيليّ، حيث نشرت العبوات مؤخرًا لتفجير العربات ومركبات إسرائيلية، من خلال تفجير العبوات التي تزرع بدقة من قبل المقاومين الفلسطينيين على جانبي الطرقات وداخل حاويات القمامة والأكياس البلاستيكية، خلقت المعادلة الجديدة وشكلت “نقلة” في أساليب المقاومة، خاصة أنها أعادت إلى الأذهان إدخال سلاح العبوات الناسفة و”التفجير عن بعد” إبان انتفاضة الأقصى، وهو السلاح الذي غاب طوال السنوات الماضية، لتحلَّ محله عمليات الدهس والطعن وإطلاق النار التي حملت طابعًا فرديًا في الغالب، كما أنّ المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة.
وفي ظل تأكيد سائل إعلام إسرائيلية أن الظاهرة الجديدة تقلق بشدّة جيش الاحتلال الذي يخشى تطورها واستخدامها في عمليات أخرى في قلب المدن المحتلة، تفشل تل أبيب في ضبط إيقاع الساحة الفلسطينيّة، فيما يعيش مجتمعها ترنحاً لم يشهده في وقت سابق في مواجهة المقاومة تماماً مثل حكوماته، فالعمليات المسلحة في المنطقة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ولا مجال للعودة خطوة للوراء بالنسبة للأبطال والفدائيين الذين استطاعوا بما أوتوا من قوّة احتجاز "إسرائيل" ومستوطنيها كرهائن، لكن الخوف الأكبر بالنسبة لهم في هذا المرحلة، هو مما سيأتي بعد، ويتجسد ذلك في مواجهة جديدة لا تجيدها عصابات الاحتلال التي تسعى لإبادة شعب بأكمله وسلب أرضه بقوتها العسكريّة الاستعماريّة.
المقاومة هي الحل
يعلم العالم أنّ الحل الوحيد لقلع سرطان الاحتلال هو مقاومة هذا العدو بكل الوسائل، حيث يتأكّد أن تكرار استخدام القوة المفرطة من قبل الصهاينة للقضاء على حالة المقاومة بالضفة الغربية هو "خطأ استراتيجيّ" خطير، لأنّ ذلك ينعكس بشكل مباشر على حالة المقاومة، ما يفضح ضعف وفشل الكيان الإسرائيليّ الذي يعول دائماً على دمويّته المفرطة، وإنّ تطور أساليب المواجهة والمقاومة في فلسطين، وتأكيد الوقائع أنّ الاحتلال بدأ يفقد السيطرة باعتراف وسائل الإعلام العبرية، يعني فشل "إسرائيل" في مواجهة المقاومة بشكل آني ومستقبليّ، فالعمليات في المنطقة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ولن تتوقف إلا برحيل هذا العدو الباغي.
والدليل على ذلك، أن الأحداث أخذت منحى تصاعديّاً مختلف عن كل ما شهدته المنطقة وبوسائل مختلفة وصادمة للقيادة الأمنية والعسكريّة للكيان الإٍسرائيليّ، ففي الوقت الذي يحاول فيه العدو احتواء الوضع يزداد الأمر صعوبةً عليه بعد تصاعدها ضد جنوده ومستوطنيه، وتتصاعد المخاوف الإسرائيلية أكثر فأكثر من القادم، فيما يدعو رجال المقاومة الفلسطينيّة بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة، واستغلال ما يجري لتلتهب شعلة المقاومة من جديد وبشكل لم تعهده القيادات الصهيونيّة ولن تستطيع التعامل معه.
خلاصة القول، سيواجه الكيان الغاصب لفلسطين أزمة أمنية جديدة وغير مسبوقة في الداخل، وسيشهد العالم على الفشل الذريع لحكومات العدو الإسرائيليّ في القضاء على حالة المقاومة المتصاعدة في فلسطين، بل ستزداد الأمور بلا شك سوءاً بالنسبة للإسرائيليين، لأنّ الإسرائيليّ لا يجيد سوى إدارة الأمور بالسيف والنار، وباعتباره قوة احتلاليّة مدججة بكافة أنواع الأسلحة ولن يتخلى عن إجرامه وعنصريّته أبداً، وهذا بالضبط هو وقود الانتفاضات والثورات والمقاومة، بما ينهي أمن كيان الاحتلال للأبد، خاصة أن جيش العدو بدأ يصطدم بالشعب أكمله، ما يشكّل معادلة قوية في الصراع مع الاحتلال الغاصب، حيث بات الشعب الفلسطينيّ قادراً على قلب الموازين بعد أن نجح في تحويل البيئة الأمنية لجيش الاحتلال ومستوطنيه إلى حالة من الرعب المتواصل، بما يصب في مصلحتم للانعتاق من الاحتلال.