هل تبصر المصالحة بين "كردستان العراق" و"الحكومة الاتحادية" النور؟!
منذ ما يقارب العشرين عاماً والخلافات بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان مستمرة، تشهد تفاوتاً لكنها تتراجع خلال مفاوضات تشكيل أي حكومة جديدة، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئاً فشيئاً بمجرد مرور بضعة أشهر من تشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد.
منذ ما يقارب العشرين عاماً والخلافات بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان مستمرة، تشهد تفاوتاً لكنها تتراجع خلال مفاوضات تشكيل أي حكومة جديدة، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئاً فشيئاً بمجرد مرور بضعة أشهر من تشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد.
فلا يكاد يمر عام في العراق، إلا ويبرز فيه خلاف بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، ومعظمها تتمحور حول نقطة واحدة هي "الأموال".
خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط النظام العراقي السابق في عام 2003، كانت المشكلة الأبرز تتعلق بالمناطق المتنازع عليها مع الحكومة الاتحادية بالإضافة لموضوع تقاسم واردات النفط والغاز.
ومنذ فترة ليست بالبعيدة كثيراً ظهرت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان في ظل تبادل الاتهامات بين بغداد وأربيل بشأن الجهة المعرقلة لتلقي مئات آلاف العاملين في القطاع الحكومي في الإقليم لمستحقاتهم المالية الشهرية.
وبالعودة لأساس المشكلة بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، في السنوات الأخيرة قام الأكراد باستفزاز الحكومات المركزية المتعاقبة بتوقيع اتفاقيات وفقاً لشروطهم الخاصة مع شركات النفط الدولية ومن بينها «أكسون موبيل» و«توتال» و«شيفرون كورب».
وبالنسبة لبغداد فهي تقول إنها وحدها لها الحق في السيطرة على استكشاف وتصدير رابع أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، بينما يصر الأكراد على أن حقهم في فعل ذلك منصوص عليه في الدستور الاتحادي للعراق لعام 2003.
وظلت الخلافات فيما يخص هذا الشأن قائمة إلى أن تم التوصل لاتفاق هش بين الجانبين في عام 2015 يقضي بتسليم الإقليم 250 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو" مقابل تثبيت الحكومة للمستحقات المالية للإقليم بموازنة 2020 ومن ضمنها رواتب الموظفين.
هذا وشكل تصدير الغاز الكردي إلى تركيا أحد العوائق الرئيسية أمام التعاون الوثيق بين بغداد وأربيل في مجال الطاقة حيث تمارس السلطات التركية نفوذًاً مالياً وسياسياً كبيراً على حكومة إقليم كردستان وتتحكم تركيا في الوصول عبر الموانئ البحرية والحدود البرية مع العراق مباشرة إلى إقليم كردستان العراق، وفي المجال الجوي فوق تركيا وبالتالي الطريق الجوي المؤدي إلى إقليم كردستان إلا أن توقف الصادرات عبر خط الأنابيب من إقليم كردستان العراق نحو تركيا أدى إلى شل الاقتصاد المحلي في الإقليم.
وقد شهدت العلاقات بين السلطات التركية والاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يسيطر على محافظة السليمانية التي تضم معظم موارد الغاز، تدهوراً كبيراً خلال العامين الماضيين.
وحذر تحليل نشرته مجلة "فورن بوليسي" الأميركية من مخاطر استمرار الخلاف النفطي بين العراق وتركيا واحتمال أن تؤدي تداعياته لحرب أهلية في إقليم كردستان تمتد تداعياته لجميع أنحاء البلاد.
وتمثل عائدات تصدير النفط نحو 80 في المئة من الميزانية السنوية لحكومة إقليم كردستان، مما يعني أنها تواجه مخاطر جمة في حال استمرار توقف الصادرات، وفقاً للتحليل.
كما أشار التحليل إلى أن الحظر النفطي التركي كلف حكومة إقليم كردستان لغاية الآن أكثر من ملياري دولار، مبيناً أن استمراره يمكن أن يدمر اقتصاد الإقليم وربما يؤدي إلى انهيار حكومة إقليم كردستان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
ولسنوات عديدة، كان اقتصاد حكومة إقليم كردستان يعاني نتيجة الخلافات مع الحكومة الفيدرالية المتعلقة بحصة الإقليم في الموازنة.
وحتى الآونة الأخيرة، كان الموقف التفاوضي لحكومة إقليم كردستان مع وزارة النفط يتأثر -بشكل غير متكافئ - بالمصالح الوطنية والاقتصادية التركية.
وتركيا حريصة على التحكم في إنتاج موارد الغاز والوصول إليها في شمال العراق، فضلاً عن الاستفادة تجارياً من الطاقة منخفضة الكلفة لتلبية احتياجاتها المحلية وتنويع سبل وصولها إلى مصادر الغاز.
أما الآن يسعى كلا من الحكومة العراقية وإقليم كردستان بشكل جاد لوضع خطط مشتركة تهدف لتحقيق التطوير والتنمية تقوم على المنفعة المتبادلة والاستفادة من عوائد حقول الغاز وموارد الطاقة في شمال العراق بالشراكة مع إقليم كردستان العراق، وبهذا الشكل يمكن أن تتشكل رؤية للمصالحة والتسوية البناءة للخلافات القائمة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية في ما يتعلق بإدارة موارد الطاقة في إقليم كردستان العراق حيث تحظى محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق بعدد من حقول الغاز الكبيرة، وإذا ما تمت تم الاستفادة من تلك الحقول بطريقة بناءة وعملية من شأنها أن تساعد بشكل كبير في تلبية الطلب المحلي على الطاقة في العراق.
إلا أن ما تشهده البلاد منذ زمن طويل من نقص في الاستثمار والبنية التحتية، إلى جانب العلاقات المتوترة بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، أدى إلى عرقلة الاستغلال التام للموارد.
ووفقا للقانون، يجب أن تكون إدارة الموارد تحت إشراف الحكومة المركزية في بغداد. ومع ذلك، قررت حكومة إقليم كردستان إدارة الموارد بشكل مستقل وذلك على الرغم من أن وزارة النفط الاتحادية العراقية أبدت مرونة حين قبلت إدارة حكومة إقليم كردستان لهذه الحقول، إلا أن الافتقار إلى الشفافية فيما يتعلق بالعقود مع شركات النفط العالمية والتكاليف وطريقة تطوير الحقول شكل مسألة حساسة بالنسبة إلى بغداد وأربيل.
وتشير المعطيات الأخيرة إلى قبول حكومة إقليم كردستان المتزايد تجاه التعاون مع الحكومة الاتحادية العراقية ما يشكل فرصة فريدة للتعاون على تطوير حقول الغاز هذه.
ويرى محمد عابد مزعل العبودي، الخبير في مركز بحوث وتطوير البترول، في تقرير نشره معهد واشنطن أن موقف حكومة إقليم كردستان قد شهد تحولًا كبيراً ومحموداً منذ إغلاق خط الأنابيب الممتد بين العراق وتركيا، إذ بذلت جهوداً حثيثة لتسوية خلافاتها مع الحكومة الاتحادية العراقية التي قامت بالمثل.
وإذا توصل الطرفان في نهاية المطاف إلى تسوية هذه الخلافات، فقد تبرز فرص جديدة ومهمة للتعاون الكبير والبنّاء في مجال تطوير قطاع الطاقة، وتحديداً الغاز الطبيعي والغاز المصاحب، بما في ذلك المشاركة الدولية النشطة في الاتحاد.
المصادر:
1- https://shortlink.uk/z8y-
2- https://shortlink.uk/ARxV
3- https://shortlink.uk/ARyJ