هل الهند لاعب جديد في النظام الدولي؟
حلَّ رئيس وزراء الهند، السيد مودي، ضيفًا على السيد بايدن في الولايات المتحدة قبل عدة أسابيع، حيث أعلن أن العلاقات بين الهند وأمريكا هي علاقات استراتيجية وطيدة. ربما لم يخطر ببال أحد أنه بعد أسابيع قليلة فقط من تلك الزيارة، سيأتي السيد مودي إلى الجانب الآخر من العالم ليقول إن لديه علاقات استراتيجية وطيدة أيضاً مع السيد بوتين.
حلَّ رئيس وزراء الهند، السيد مودي، ضيفًا على السيد بايدن في الولايات المتحدة قبل عدة أسابيع، حيث أعلن أن العلاقات بين الهند وأمريكا هي علاقات استراتيجية وطيدة. ربما لم يخطر ببال أحد أنه بعد أسابيع قليلة فقط من تلك الزيارة، سيأتي السيد مودي إلى الجانب الآخر من العالم ليقول إن لديه علاقات استراتيجية وطيدة أيضاً مع السيد بوتين.
فقد قام رئيس وزراء الهند بزيارة قصيرة إلى روسيا استمرت يومين، حيث لقي استقبالًا حارًا من السيد بوتين. خلال هذه الزيارة، تبادل الزعيمان الآراء حول مختلف القضايا الثنائية والعالمية، وأعرب كلاهما عن رضاهما عن هذه المحادثات.[1](1)
كما أظهرت هذه الزيارة أن جهود الغرب لعزل السيد بوتين وروسيا لم تثمر، وأن الزعيم الروسي لا يزال يُعتبر قائدًا لدولة كبيرة يحظى باحترام دول العالم مثل الهند. [2](2) وكان استقبال السيد بوتين لرئيس وزراء الهند استقبالًا حارًا، مما يمكن اعتباره تلميحًا إلى زعماء الغرب.
ما الذي تسعى إليه الهند؟
يسعى قادة الهند إلى لعب دور مهم في النظام الدولي. كما إنهم يهدفون إلى تحويل الهند إلى لاعب رئيسي، ولتحقيق ذلك يحتاجون إلى تشكيل علاقات واسعة مع دول مختلفة حول العالم. تلعب روسيا دورًا مهمًا في هذا السياق بالنسبة للهند، حيث تعتمد الهند على روسيا في الجانب اللوجستي لصناعاتها العسكرية ومنتجاتها النفطية. بالإضافة إلى ذلك، تأمل الهند في تعزيز صناعتها الفضائية من خلال الاستفادة من المساعدات الروسية.
علاوة على ذلك، تخشى الهند من التقارب المفرط بين الصين وروسيا وتسعى إلى تحقيق توازن في العلاقات بين هذين البلدين. تدرك الهند جيدًا أنه إذا لم تعزز علاقتها مع روسيا، فقد تستفيد الصين من ذلك، مما يجعلها الشريك الأكبر والأهم لروسيا. في هذه الحالة، ستواجه الهند العديد من التحديات، خاصة في مجال الأمن، مما قد يهدد أمن هذه الدولة النووية. كما تعتمد الهند على دور روسيا كوسيط في النزاعات الحدودية مع الصين.
الهند، كذلك بعد حرب أوكرانيا، تشتري النفط من روسيا بأسعار مخفضة، مما يحقق لها أرباحاً ضخمة، وقد زادت كمية واردات الهند من روسيا في العام الجديد. لقد استطاعت الهند بشكل جيد الاستفادة من فرصة حرب أوكرانيا وتأمين مصالحها الاقتصادية. إلى جانب ذلك، قد تحمل زيارة السيد مودي إلى روسيا رسالة قوية إلى الولايات المتحدة، فقد تكون الهند ضمن تحالف عسكري مع أمريكا واليابان وأستراليا ضد الصين، ولكن هذا لا يعني أنها تعمل لصالح جميع أهداف الغرب، ولديها استقلال في متابعة مصالحها الوطنية.
هذه الزيارة، التي تمت في زمن حرب أوكرانيا، كانت مصحوبة بمخاوف ومعارضة من الولايات المتحدة، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحفي إنهم أبلغوا الحكومة الهندية بقلقهم من تعميق العلاقات الروسية الهندية بشكل واضح. كما أعرب السيد زيلينسكي عن خيبة أمله من هذه الزيارة وعدم إدانة الهند لأفعال روسيا في أوكرانيا.[3](3)
ومع ذلك، يسير زعيم الهند في مساره المنشود دون الانتباه إلى هذه الأمور، فبعد موسكو يتوجه إلى فيينا، النمسا، بعد ما يقرب من 90 عامًا، مما يدل على تغيير في توجه السياسة الخارجية للهند.[4](4) في الواقع تسعى الهند إلى لعب دور أكثر بروزاً في النظام الدولي، وتهدف إلى أن تُظهر نفسها كعنصر له اعتبار وقيمة على مستوى العالم في ظل الهيكلية المتغيرة الجديدة للنظام العالمي فهم على دراية جيدة بإمكاناتهم، ويسعون إلى تحقيق دور مستقل في الترتيبات الدولية.
قد يكون هذا التغيير في توجه الهند مكلفًا أيضًا لهم وللحكومات الغربية، إذ يعتبر الغرب الهند حليفًا استراتيجيًا مهمًا يمكن أن يقف في مواجهة الصين. إذا شعرت الدول الغربية أن الهند لا يمكن أن تكون حليفًا موثوقًا، فبالتأكيد سيختلف موقفهم تجاه هذا البلد. ومع ذلك، يبدو أن الهند تدرك هذه المسألة جيدًا، ولن تتجاوز الخطوط الحمراء للغرب، وستظل هذه التصرفات في إطار مصالحها الوطنية، التي لا تضر بالمصالح الاستراتيجية للغرب.
[1] aljazeera.com
[2] washingtonpost.com
[3] nytimes.com
[4] thediplomat.com