من بينها الامارات دول عدة لم تندد بإغتيال هنية !

 في الحادي عشر من يونيو 2023، تعرض إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للاغتيال في طهران في عملية أثارت ردود فعل واسعة النطاق على الساحتين الإقليمية والدولية. بينما نددت العديد من الدول بهذا العمل الذي يُعتبر عملاً إرهابياً، كانت هناك دول مثل الإمارات العربية المتحدة، والمغرب، والبحرين، تفضل الكلام الهادىء والتعزية فقط أو عدم الإدلاء بموقف واضح وعلني من هذا العمل الإرهابي. وفي هذا المقال نحاول ايجاز تلك المواقف وتحليل مواقف هذه الدول وفهم الدوافع وراء صمتها السياسي والإعلامي.

Aug 6, 2024 - 08:11
من بينها الامارات دول عدة لم تندد بإغتيال هنية !
من بينها الامارات دول عدة لم تندد بإغتيال هنية !

     في الحادي عشر من يونيو 2023، تعرض إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للاغتيال في طهران في عملية أثارت ردود فعل واسعة النطاق على الساحتين الإقليمية والدولية. بينما نددت العديد من الدول بهذا العمل الذي يُعتبر عملاً إرهابياً، كانت هناك دول مثل الإمارات العربية المتحدة، والمغرب، والبحرين، تفضل الكلام الهادىء والتعزية فقط أو عدم الإدلاء بموقف واضح وعلني من هذا العمل الإرهابي. وفي هذا المقال نحاول ايجاز تلك المواقف وتحليل مواقف هذه الدول وفهم الدوافع وراء صمتها السياسي والإعلامي.

ردود الأفعال العربية المتداولة

    قالت الخارجية الاماراتية "ان دولة الإمارات تراقب عن كثب التطورات الإقليمية المتسارعة، وتعرب عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. كما تؤكد دولة الإمارات أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع" [1] وكان قد أشاد مسؤول إماراتي رفيع يوم الجمعة باحتضان قطر لجنازة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران وأثار مقتله إدانات إقليمية واسعة النطاق باستثناء بعض دول الخليج العربية. وأصدرت الإمارات والبحرين بيانات تحذر من التصعيد الإقليمي لكنها لم تدن علناً مقتل هنيّة، رغم أن ملك البحرين أرسل الجمعة برقية "تعزية ومواساة" إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمقتل هنية. [2]

ودانت الجمهورية الإسلامية الموريتانية بشدة اغتيال القائد الفلسطيني إسماعيل هنية معربة عن تعازيها الخالصة لأسرة الفقيد وللشعب الفلسطيني الشقيق. وجاء ذلك في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج تلقت الوكالة الموريتانية للأنباء نسخة منه، هذا نصها: "تعرب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج عن إدانتها الشديدة لاغتيال القائد الفلسطيني إسماعيل هنية.." [3]

كما نعى مواطنون مغاربة وحركات شعبية بشعارات قوية أمام مقر البرلمان في الرباط من اليمين واليسار وغير المنتمين، قائد حركة حماس المُغتال بإيران في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة بفلسطين المحتلة متمسّكين بـخيار المقاومة ومطالبين بـإسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني.[4]

وأما باقي الدول العربية مثل سورية والعراق والاردن ومصر واليمن والجزائر ولبنان والكويت وحتى السعودية جميعها أدانت عبر منصاتها الرسمية و وزارة الخارجية لكل دولة هذه الحادثة ونددت بها بأشد العبارات معربة عن أسفها لما وصلت إليه الأمور من استهتار في خرق القوانين الدولية واستباحة سيادة الدول من قبل الكيان الإسرائيلي. [5]

قراءة سياسية للمشهد الصامت عربياً

تعد الإمارات والدول الأخرى التي انتهجت الرد الصامت أو الهادىء جزءًا من مشهد سياسي معقد في الشرق الأوسط، حيث تتقلص مساحات الفهم التقليدي لموضوع الكيان بين الدول العربية، لتظهر تحالفات جديدة ومتناقضة، وأما في سياق العلاقة مع حماس، فقد حافظت الإمارات على موقف ليس بالضرورة داعماً أو رافضًا تماماً، بل اختارت نهجاً يتسم بالبراغماتية قد يعود هذا إلى رغبتها في عدم تصعيد الوضع مع إسرائيل، خصوصًا في ظل العلاقات الدافئة التي تتطور بين أبوظبي وتل أبيب بعد اتفاقات أبراهام والحفاظ على المصالح المشتركة.

اللافت في الأمر كما رأينا أن موقف المغرب الرسمي أيضاً كان صامتاً برغم التفاعل الشعبي الكبير مع الفلسطينيين منددين بهذا العمل الإجرامي والإرهابي من قبل الكيان المحتل وذلك عبر مظاهرات غاضبة أمام مبنى البرلمان، وبقي الموقف الرسمي للحكومة صامتاً لم يخرج عنه أي بيان أو تصريح رسمي يذكر.  

يقول الخبير الاستراتيجي المغربي، إدريس قصوري "إن اتفاقات المغرب استراتيجية لا ولن تتأثر بالأحداث بين الفلسطينيين وإسرائيل، وأشار إلى أن "علاقة المغرب مع أمريكا هي تاريخية منذ اعترافه باستقلالها وعلى أسس الحليف الاستراتيجي كما شيد علاقته مع إسرائيل على أسس الهوية المغربية لليهود المغاربة، ووحدة الأديان الثلاثة التي يرمز إليها القدس الشريف"...[6] بالطبع ما يقوله هذا المحلل السياسي المغربي يشبه إلى حد كبير موقف المغرب الرسمي وكيفية قراءة المشهد السياسي من وجهة نظر الحكومة المغربية أو القيادة العليا في المغرب والتي تختلف كثيراً عن بعض المواقف الشعبية المعارضة التي تقف إلى جانب القضية الفلسطينية داخل البرلمان وخارجه .....

تحرص الإمارات ودول الخليج الأخرى وباقي الدول العربية المطبعة مع إسرائيل على استقرار المنطقة، حيث يرون في جميع الأعمال الإرهابية تهديدات محتملة للأمن القومي. وبتجنب إدانة إغتيال هنية، قد تظهر هذه الدول أنها لا تسعى إلى تأجيج النزاعات بل تعمل من أجل تحقيق الأمن والسلم في المنطقة، كما إن مواقف هذه الدول يمكن أن تُفهم أيضًا في إطار رغبتها في تجنب تكرار الأحداث التي أدت إلى تصعيد الصراعات في السابق.

العلاقة السياسية بين الإمارات وحماس

مرت العلاقات الإماراتية الحمساوية بجملة من التوترات، وبدأت بعد فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 وازداد مع فرض الحصار على قطاع غزة من قبل "إسرائيل". وظهرت الخلافات الإماراتية الحمساوية حين اغتال جهاز "الموساد" الإسرائيلي محمود المبحوح، القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، في أحد فنادق دبي، في يناير 2009 حيث رفضت سلطات الإمارات الموافقة على طلب الحركة للمشاركة في التحقيق. ورغم أن الإمارات لا تصنف "حماس" منظمة إرهابية فإن هذا التصنيف أعطته لجماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي لها الحركة فكرياً.

وإعلامياً شهدت العلاقات بين الطرفين تأخذ جملة من ردود الأفعال، كان أبرزها حديث وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وإعرابه عن أسفه على "تردد بعض الدول في تصنيف كيانات مثل حماس أو حزب الله أو الإخوان المسلمين "مجموعات إرهابية" ومن المضحك أن بعض الحكومات تصنف الجناح العسكري فقط لكيان ما، وليس الجناح السياسي، على أنه إرهابي في حين أن الكيان نفسه يقول إنه ليس هناك فرق". ... فسارعت حماس في حينها إلى الرد على وزير خارجية الإمارات، معتبرة أنها "تتنافى مع قيم العروبة وجميع المفاهيم القومية وتتسق مع الدعاية الإسرائيلية وتصطدم مع توجهات الجمهور العربي الداعم للمقاومة في فلسطين. [7]

خلاصة الكلام

بينما يعتبر معظم المجتمع الدولي أن إغتيال إسماعيل هنية عملًا إرهابيًا، فإن مواقف الدول مثل الإمارات، والمغرب، والبحرين تُظهر واقعًا مختلفًا متعدد الأبعاد في السياسة الإقليمية. حيث يعتمد هذا الصمت على مجموعة من العوامل، منها الاستقرار الإقليمي، والطموحات الدولية والضغوط الداخلية. إن الأمر يتجاوز مجرد إدانة شخصية، ليعكس تحولات عميقة في كيفية التعاطي مع النزاعات في الشرق الأوسط والتي تحتاج إلى مزيد من التحليل والفهم.  وتبقى هذه التحولات تسأل عن كيفية توازن الدول بين مصالحها السياسية والأمنية، وفي ذات الوقت التزاماتها الإنسانية والأخلاقية. هل ستستمر هذه الدول في اتباع سياسة الصمت؟ أم أن الظروف ستتطلب منها إبداء موقف واضح في المستقبل؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة! 

د. حسام السلامة

[1] https://2h.ae/KYrQ

[2] www.alhurra.com/uae/2024/08/02/الإمارات-تعلق-احتضان-قطر-لجنازة-هنية

[3] https://www.ami.mr/archives/202484

[4] www.hespress.com/وقفة-في-العاصمة-المغربية-تدين-اغتيال-ا-1409270

[5] www.aljazeera.net/news/2024/7/31/أبرز-ردود-الأفعال-العربية-والدولية

[6] https://2h.ae/QzXF

[7] https://2h.ae/VjlM