من الردع إلى العبور في عيد المقاومة والتحرير
من الردع إلى العبور في عيد المقاومة والتحرير
منذ أن تمّ تحرير الجنوب اللبناني، بل وكلّ لبنان من الاستعمار الصهيونيّ بلا قيد أو شرط بفعل قوة المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، سقطت معه كلّ الخيارات الاستسلامية وارتفعت رايات المقاومة كخيار استراتيجي منذ عام 2000 وحتى الآن، (ما يقارب معه ربع قرن). فتحرير لبنان من الوجود الصهيوني كان البداية لفرض الردع على العدو الصهيوني، ولسنوات قريبة بدأت سياسات المقاومة اللبنانية بالتحوّل من حالة الردع الى حالة التحرير وحصار العدو من حدوده الحاليّة على أرض فلسطين المحتلة استعداداً ليوم «القيامة» الكبير والآتي والذي يتمثل في التحرير الشامل لأرض فلسطين المحتلة من النهر الى البحر، وتحرير بيت المقدس من الدنس الصهيوني، من إطار التحرير الشامل على يد صلاح الدين الأيوبي (الأب الروحيّ للمقاومة العربية الحديثة في النصف القريب الأخير من عهد الزعيم جمال عبد الناصر).
فقد علمنا جمال عبد الناصر أنّ المقاومة هي أساس التحرير والاستقلال، ولذلك فقد ساند كلّ حركات التحرير والاستقلال من العالم الثالث كله، بدون تمييز وظهر للوجود عالم ثالث حقيقي تمثل في ميلاد حركة الانحياز عام 1961 ومنظمة الوحدة الأفريقية 1963 ومنظمة المؤتمر الإسلامي 1969 وولدت المقاومة الجزائرية من القاهرة عام 1945 وولدت المقاومة الفلسطينية من القاهرة عام 1964 وغيرها من حركات التحرير من أفريقيا والعالم الثالث.
واستمرّ هذا الوضع حتى ولدت المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية بأشكالها الجديدة والمتجدّدة بالعزم الجديد والإرادة الصلبة، والتي نشاهدها في كلّ الجولات حتى آخر جولة تحت شعار: «ثأر الأحرار».
كما أنّ عبد الناصر قال: «لا صلح لا تفاوض لا اعتراف» وأعقب ذلك بشعار ظلّ صالحاً لكلّ عصر حتى التحرير الشامل وهو قريب للغاية، وهو: «ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ بغير القوة».
فلم يرحل الاستعمار عن أيّ بلد استعمر لسنوات طويلة إلا بعد المقاومة الشعبية واستخدام القوة وكانت النتيجة رحيل الاستعمار بإرادة الشعوب، إلا أنه أبى على الرحيل من المنطقة العربية إلا بعد زرع الكيان الصهويني لكي يكون خنجراً في ظهر الأمة العربية ليحول بينها وبين التقدّم والازدهار والنهضة.
لا شك في أن التأكيد على هذه المعاني لفهم ما يحدث في الإقليم عربياً وشرق أوسطياً، حيث استطاعت سورية أن تستعيد مقعدها المخطوف منذ 12 سنة من الجامعة العربية بفعل المؤامرة العالمية والإقليمية، وخاصة العربية الخليجية، كما أنها استعادت ذلك بقوة الإرادة والإصرار على المقاومة والمواجهة الشاملة مع أعداء سورية وبالتوحّد مع الأصدقاء في لبنان وإيران وروسيا والصين، وكلّ قوى المقاومة في العالم من الأحرار.
كما أنها استعادت ذلك بقوة المثلث الاستراتيجي بالداخل السوري (الشعب ـ الجيش ـ القيادة) وبقوة قيادة محور المقاومة ضدّ الكيان الصهيوني الرافض للتطبيع مع هذا الكيان، والرافض لأيّ توافقات مع مشروعات الاستسلام المشبوهة، كما حدث في كامب دايفيد وما تلتها معه اتفاقيات مشبوهة.
فقد استعادت سورية موقعها في قلب الإقليم العربي حيث إنها قلب العروبة النابض، كما قال عبد الناصر واستعادت وجودها العربي بمثلثها الاستراتيجي نفسه ومن دون التراجع عن استمرار نهج المقاومة، ورفضه الصلح والتصالح مع الكيان الصهيوني والاستعماري، ورفض الاستسلام للمطالب الأميركية وضغوطها وللسياسات المشبوهة، وقانون قيصر الظالم وغير الإنساني، بل عادت سورية قوية، كما كانت بل أقوى وستثبت الأيام المقبلة ذلك.
وفوق هذا وذاك فقد فاجأتنا المقاومة العربية في عيد المقاومة والتحرير الـ23 بحدث كبير بلا شك وهو إجراء مناورة بالذخيرة الحية خلال اقتحام ما يحاكي المستوطنات والهجوم على المؤسسات الصهيونية تحت شعار «التحرير» لتؤكد لنا وللعالم وللكيان الصهيوني أن المقاومة أصبحت قادرة على التحرير الشامل في وقت قريب، وأنها تختزن القدرات العسكرية الملائمة لذلك، وهي بذلك تنقل الأوضاع رأساً على عقب، من القدرة على فرض الردع، وإلزام العدو على احترام قواعد الاشتباك والتوقف عن التجاوزات الى فرض التحرير كأمر واقع وحتمي.
لقد راهنتُ على المقاومة العربية ولذلك فإني على ثقة عن اقتراب «يوم القيامة» بالتحرير الشامل لفلسطين المحتلة من النهر الى البحر إنهاء أسطورة العدو الصهيوني وإجبار مستوطنيه على الرحيل الى بلادهم التي أتوا منها لينتهي الى الأبد عصر الاستعمار في إقليمنا العربي، والانتقال بالوطن العربي الى مرحلة النهوض والتقدّم، بإذن الله، وإنا لمنتصرون، ان شاء الله.