لبنان نحو الاستقرار السياسي

في الآونة الأخيرة تُعتبر الأخبار حول انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية من أهم الأحداث في هذا البلد والمنطقة عموماً، بعد الأحداث التي جرت في الأشهر الماضية (1). لقد ظل لبنان تقريباً لمدة عامين بلا رئيس وخلال هذه الفترة توصل زعماء هذا البلد من خلال المفاوضات التي أُجريت داخلياً إلى توافق حول انتخاب رئيس جديد البلاد حيث كانت التدخلات الخارجية أيضاً مؤثرة في اختيار الشخص المنتَخب. يسعى لبنان بعد توافق وقف إطلاق النار مع الكيان الصهيوني إلى إعادة بناء الدمار الناتج عن الحرب مع هذا الكيان، واستناداً إلى هذا الهدف فإن انتخاب رئيس الجمهورية سيكون له دور مهم في تحقيق هذا الهدف. لقد لعبت حركة حزب الله اللبنانية كأحد الفاعلين السياسيين في البلاد دوراً مهماً في عملية اختيار الشخص المنتَخب. وفي ما يلي سنستعرض وضع لبنان بعد انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون.

هدف المقاومة اللبنانية
 إن المقاومة التي تعرضت في الأشهر الأخيرة لأثقل الضغوط تحتاج إلى السلام والاستقرار في بلدها لإعادة بناء نفسها، وخلال هذه الفترة يجب أن تعمل على جذب القوى وإعادة إعمار المناطق الشيعية في جنوب لبنان وتعزيز ثقة الشعب اللبناني بها وذلك لتحضير المقاومة للدفاع عن البلاد وأهداف محور المقاومة. سيكون تحقيق هذه الأهداف أسهل عندما تكتمل القوى السياسية في لبنان ويعم الهدوء في البلاد. تواجه المقاومة في لبنان نظراً للهجمات الإعلامية من الدول العربية والغربية ضغوطاً كبيرة لاختيار رئيس جمهورية ينتمي إلى فئة الأشخاص الموالين للغرب (سمير جعجع)؛ إلا أنه بفضل ضغوط حزب الله والمجموعات السياسية الأخرى في لبنان تم اختيار خيار وسط (الجنرال عون) والذي يُعتبر نوعاً من تسوية المقاومة مع القوى السياسية اللبنانية من أجل انتخاب رئيس بأسرع ما يمكن.(2)

أهداف الدول الغربية والعربية
 بالنسبة لأهداف الدول الغربية والعربية، فيعتبر نزع سلاح المقاومة في لبنان أحد الأهداف المهمة للدول الغربية والعربية. كانت مجموعات المقاومة في لبنان، نظراً لأنها تحظى بدعم شعبي تقف في السنوات الماضية ضد هذه الخطة الخطيرة للمحور الغربي - العربي. يبدو أنه مع انتخاب جنرال مخضرم لرئاسة الجمهورية اللبنانية، فإن المحور الغربي سيعمد مرة أخرى إلى المضي قدماً في تحقيق هدفه المذكور أعلاه(3). ومع ذلك أثبتت الحرب العدوانية ضد لبنان أن قوة وتأثير المقاومة والائتلاف الوطني لا تزال حاضرة في المعادلات الداخلية اللبنانية.

أهداف الكيان الصهيوني
أما أهداف الكيان الصهيوني فقد بذلت حكومة نتنياهو جهودها خلال الأشهر الماضية لتدمير المقاومة في لبنان، لكن هدف الكيان في هذا الشأن وصل إلى طريق مسدود. لم تتمكن الحرب وعمليات القتل ضد الشعب اللبناني من القضاء على حزب الله(4). هذه المسألة أوضحت أن تهديدات نتنياهو ضد المقاومة في لبنان لن تؤدي إلى النتائج التي تطمح إليها الصهيونية.

ومع اكتمال القوى السياسية في لبنان، يحاول النظام الصهيوني تدمير المقاومة في لبنان من خلال تقديم رزم تفاوضية مع الضغط على حكومة ميشال عون الجديدة. وعلى حكومة ميشال عون أن تعلم أن إضعاف المقاومة في هذا البلد يعني سيطرة الدول الأجنبية على لبنان، والقوة التي حافظت على هذا البلد في السنوات الماضية هي الحزب وجماعات المقاومة.

بشكل عام يمكن القول إن لبنان قد شهد في السنوات الماضية حكومات غير مستقرة حيث أثرت التغيرات السياسية الداخلية والخارجية بشكل كبير على استقرار الحكومات المختلفة. في الفترة الراهنة استطاع توافق القوى السياسية اللبنانية حل أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في هذا البلد. لقد عارض حزب الله ومجموعات المقاومة في المشهد السياسي اللبناني أي نوع من الضغوط التي تمارسها الدول العربية والغربية لانتخاب أشخاص مشبوهين ومواليين للغرب، ولولا هذا التوافق بين المجموعات السياسية المختلفة والمقاومة، لما تم انتخاب الرئيس الحالي للبنان، وكان الوضع الأمني في البلاد سيصبح خطيراً جداً نظراً للأوضاع المتوترة في المنطقة وخاصة في سورية وفلسطين المحتلة. لذا فإن إكمال البنية السياسية في لبنان يُعتبر خطوة مهمة نحو الاستقرار في هذا البلد الذي عانى من الحروب.

أمير علي يگانه

1.https://www.npr.org/2025/01/09/nx-s1-5253928/lebanon-election-president-joseph-aoun 
2.https://abcnews.go.com/International/wireStory/after-12-failed-attempts-2-years-lebanons-parliament-117493868  
3.https://gjia.georgetown.edu/2025/01/07/toward-a-stable-day-after-in-lebanon/ 
4.https://www.newarab.com/opinion/israels-fools-goal-severing-hezbollah-and-lebanon-will-fail