عقب الإجتماع الرباعي في موسكو.. أين تتجه العلاقات بين سوريا وتركيا؟
لعبت إيران وروسيا دوراً مهماً وفعالاً في إعادة الاستقرار والسلام إلى سوريا والحفاظ على وحدة أراضي هذا البلد من خلال إنهاء تواجد القوات الأجنبية في سوريا، وتبذل الآن الجهود لتوفير الظروف المناسبة لإعادة الاستقرار الى سوريا.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، عقدت أول محادثات، منذ 11 عاماً، بين وزيري الدفاع التركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس، في موسكو في كانون الأول/ ديسمبر 2022.
وتهدف هذه المحادثات إلى تقريب وجهات النظر بين دمشق وأنقرة، اللتين قطعت العلاقات بينهما عقب تصدي الجيش السوري للجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الخارج في عام 2011.
ويوم الثلاثاء الماضي أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عقد محادثات رباعية الأطراف بين وزراء دفاع روسيا الاتحادية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، وجمهورية تركيا.
حيث أكدت الدفاع الروسية في بيانها أنه "تمت خلال الاجتماع مناقشة الخطوات العملية في مجال تعزيز الأمن في الجمهورية العربية السورية وتطبيع العلاقات السورية التركية".
وأضاف البيان: "عقب المحادثات، جددت الأطراف رغبتهما في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وضرورة تكثيف الجهود من أجل العودة السريعة للاجئين السوريين إلى وطنهم".
وأكد وزراء الدفاع على الطبيعة البناءة للحوار الجاري بهذا الشكل وضرورة مواصلته من أجل زيادة استقرار الوضع في الجمهورية العربية السورية والمنطقة ككل.
بدورها قالت وزارة الدفاع التركية إن الاجتماع الرباعي مع روسيا وسوريا وإيران في موسكو، ناقش الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق.
وأوضح بيان للوزارة، أن الاجتماع تناول أيضا سبل تكثيف الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم وسبل مكافحة كافة التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة على الأراضي السورية.
ووفق البيان، فقد جرى الاجتماع "في أجواء إيجابية"، وشدد على احترام وحدة الأراضي السورية، كما شدد المجتمعون على أهمية استمرار الاجتماعات الرباعية من أجل توفير الاستقرار في سوريا والمنطقة واستمراره.
من جهته أكد وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا أشتياني، بذل إيران وروسيا الجهود اللازمة لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وأن سبل التطبيع تصدرت أجندة الاجتماع الرباعي الأخير في موسكو.
وأكد وزير الدفاع الإيراني أن المفاوضات الرباعية بين روسيا وإيران وتركيا وسوريا جرت بهدف إرساء السلام والأمن في المنطقة.
وقال في محادثات منفصلة مع وزراء دفاع روسيا وتركيا وسوريا أن الجهود الإيرانية والروسية كانت ترتكز على تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق وهي من أهداف هذا الاجتماع الرباعي.
وأضاف أن إيران تولي اهتماما جادا لإجراء حوار مباشر بين سوريا وتركيا باعتبارهما بلدين جارين ومؤثرين في المنطقة، مؤكدا أن طهران تدعم الجهود المشتركة بين البلدين.
وأشار إلى أن إيران باعتبارها بلدا مؤثرا في المعادلات الإقليمية، تبذل قصارى جهدها دوما من أجل إحلال السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
وذكر أن مكافحة الإرهاب بأشكاله هي مطلب كافة شعوب دول المنطقة، الذي لن يتحقق إلا بالجهود المشتركة والتنسيق ومواكبة بلدان المنطقة.
ويرى مراقبون أن تركيا لعبت دورا كبيرا في الحرب على سوريا وتعتبر المتهم الأول بحدوث الأزمة في هذا البلد. حيث يعلم الجميع أن الهجوم على سوريا بدأ بشكل أساسي من حدود تركيا، واليوم نتيجة التطورات والصمود الدولي لسوريا وحلفائها وانتصارهم على قسم كبير من الجماعات الإرهابية في هذا البلد، أجبرت تركيا على التحلي بالمرونة وإجراء بعض التغييرات في مواقفها.
ويعتبر مراقبون الاجتماع الذي عقد في موسكو بمشاركة وزراء دفاع سوريا وإيران وتركيا وروسيا حلاً وسطياً بين ما تتوقعه وتنتظره سوريا وتركيا. كما يعتقد أيضا أن القضايا الراهنة بين تركيا وسوريا يجب حلها أولاً، ثم المضي قدما في العملية السياسية والدبلوماسية وتوقيع بروتوكول لإعادة فتح السفارتين في البلدين.
ويشير الخبراء إلى أن الوضع الميداني من القضايا الأساسية والمهمة التي لا مفر من حلها للتوصل إلى اتفاق أو مصالحة ، وإلا لا يمكن الحديث عن مصالحة سياسية أو توقيع اتفاقات تجارية ومالية وثقافية.
وبالنظر إلى تواجد المحتل الأمريكي في شرق الفرات واحتلال تركيا لجزء كبير من شمال سوريا، يكمن المطلب الرئيسي لسوريا هو انسحاب القوات التركية من أراضي هذا البلد وعدم دعم أنقرة للجماعات الإرهابية، فيما مطلب تركيا الأساسي هو كبح المنظمات التابعة لحزب العمال الكردستاني وضرورة تنظيم جزء منها تحت قوات "قسد".
وعلى مايبدو أن الهاجس الرئيسي لتركيا الذي يقلق أردوغان هو وجود أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا. حيث يحاول أردوغان التخلص من هؤلاء بأي طريقة ممكنة لأن وجود هذا العدد من اللاجئين في تركيا له عواقب أمنية وثقافية على هذا البلد.
لكن الانتخابات التركية تجعل تحقيق نتائج هذه الاجتماعات واستئناف العلاقات بعيداً نوعاً ما، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، الخميس إن الاجتماع الرباعي المقبل (الروسي، التركي، الإيراني، السوري) في موسكو، سيعقد بعد الانتخابات الرئاسية التركية.
وأضاف إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية، أن "الاجتماع الرباعي المقبل في موسكو، سيعقد بعد الانتخابات الرئاسية التركية.. أصدقاؤنا، يعملون على تحديد تاريخ لاجتماع جديد في موسكو". وأكد قالن أن صيغة الاجتماع الرباعي يجب أن تستمر من دون شروط مسبقة.
بينما تطالب دمشق أنقرة بالأفعال وليس الأقوال لعودة العلاقات الطبيعية مع تركيا، وفي مقدمة هذه الأفعال هو الالتزام الصريح باحترام وسيادة وحدة وسلامة الأراضي السورية، ومن ثم انسحاب القوات التركية من كافة أراضي الجمهورية العربية السورية، والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية.
وبالتالي يمكن القول أن هذه هي الشروط التي يجب أن تتحقق لعودة العلاقات الطبيعية بين سوريا وتركيا، ولا يمكن أن تكون هناك علاقات عادية في ظل عدم تلبية أنقرة لتلك المطالب السورية المحقة.
مجد عيسى
المصادر:
1- https://cutt.us/LOY53
2- https://cutt.us/pbiwm
3- https://cutt.us/ynd6O
4- https://cutt.us/Mmby3
5- https://cutt.us/KTlhE