خوف بلا نهاية
منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا كان هناك دائماً تكهن حول احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة يطرح في وسائل الإعلام. وقد أدت هذه الاحتمالات إلى جانب الظروف التي قد تدفع روسيا لاستخدام الأسلحة النووية إلى سعي الدول الأوروبية للاستعداد لمواجهة أي حالات طارئة.
منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا كان هناك دائماً تكهن حول احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة يطرح في وسائل الإعلام. وقد أدت هذه الاحتمالات إلى جانب الظروف التي قد تدفع روسيا لاستخدام الأسلحة النووية إلى سعي الدول الأوروبية للاستعداد لمواجهة أي حالات طارئة.
إن الحرب في أوكرانيا وضعت بنية النظام الدولي على حافة الانهيار، فهذه الحرب تعيد تشكيل نظام جديد قد يتحدى الهيمنة الأميركية في العالم، ويدفع نحو تعدد الأقطاب. لذلك فإن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لن تكون راضية كثيراً عن تغيير هذا النظام وستبذل كل جهد للحفاظ عليه.
تحاول الولايات المتحدة كقوة عظمى الحفاظ على هيمنتها العالمية. فقد تمكنت من إشغال روسيا في حرب أوكرانيا مما سمح لها بتحدي أحد أبرز منافسيها العسكريين.
بالإضافة إلى ذلك استطاعت أمريكا من خلال هذا الإجراء أن تضعف العلاقات الاقتصادية بين روسيا وأوروبا وتضعف مسار التفاعل وتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما مما جعلها تبدو هي البديل. هذا الإجراء يظهر أن لدى الولايات المتحدة الآن سيطرة أكبر على أوروبا ودول القارة مما يمكنها من الاستفادة الأكثر من تلك الدول لصالحها.
في المقابل تستعد الدول الأوروبية أكثر من أي وقت مضى لخوض حرب كبرى. من ألمانيا إلى السويد وفنلندا جميعها تعمل على التحضير والاستعداد للحالات الطارئة و تسعى هذه الدول لتقليل الأضرار في حال حدوث الحرب الكبرى. يتضمن ذلك إجراء تدريبات عسكرية متنوعة وإجراء تحقيقات في مجالات اللوجستيات والتكتيك الحربي.وتصميم خطط عسكرية مختلفة للاعتداء على روسيا إلى جانب توعية المجتمع وتحضيره.
في الواقع وضعت الدول الأوروبية نفسها أمام تحدٍ خطير جداً فعليها في الوقت نفسه تقديم الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، وأن تكون مستعدة في أي لحظة لعمل مفاجئ قد تقدمه روسيا ضدها. ويبدو أن روسيا مع إدراكها لهذا الرعب الذي يعتري الأوروبيين تسعى لفرض تكاليف إضافية على اقتصاداتهم. فالتغيير في العقيدة النووية الروسية والتأكيد على إمكانية استخدام الأسلحة النووية التكتيكية عند الحاجة، يدل على أن روسيا تأخذ هذا التحدي بجدية، وهي تعمل على زيادة الضغط على أوروبا لتغيير موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك لا تزال الدول الأوروبية تواصل دعمها لأوكرانيا ويبدو أنها مستعدة لمحاربة روسيا رغم وجود ضعف كبير في جيوشها وعدم تطوير معداتها. لكن يتضح أن أوروبا تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية عبر خطط مثل خطة الألف صفحة السرية في ألمانيا أو التدريبات العسكرية في السويد والنرويج. وفي الوقت نفسه، يقومون بإجراء تغييرات في هيكل قوانينهم، مثل خطة الخدمة الإجبارية أو زيادة الميزانية العسكرية، مما يعني فرض ضغوط اقتصادية على المواطنين.
بالفعل التكلفة الباهظة التي تحملتها أوروبا في أوكرانيا أثرت بشكل ملحوظ على اقتصادها. كما أن التوقعات غير المتفائلة للبنك المركزي الأوروبي تؤكد أن أوروبا تواجه تحديات عديدة. إذا استمرت أوروبا على هذا النمط، فمن المحتمل أن تشهد تراجعاً في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى مساعيها لضمان الدعم اللوجستي لأوكرانيا التي ستواجه أيضاً تحديات. كذلك فإن عدم قدرتها على تحقيق نمو اقتصادي جيد، وتأخرها عن منافسيها أي الولايات المتحدة والصين، قد يكون له آثار سلبية على دور القارة على الساحة العالمية. يبدو أن أوروبا يجب أن تسعى لإنهاء مخاوفها من الحرب مع روسيا مما يعني التوقف عن دعم أوكرانيا، وإنقاذ نفسها من ساحة اللعب التي حددتها الولايات المتحدة، لتبقى كقوة مؤثرة في النظام الدولي أو من المحتمل أن تظل حليفاً تابعاً وموثوقاً للولايات المتحدة.