تركيا والهدف المنشود بعد توقيع اتفاقية الغاز مع عمان
في مطلع عام 2023 ونتيجة للتحديات والظروف الجديدة التي لحقت بالإقتصاد التركي وتلبية للحاجة المتزايدة على الطاقة في تركيا، وقعت الحكومة مع سلطنة عمان مذكرة تفاهم حول توريد الغاز المسال إلى تركيا، حيث أعلن وزير الطاقة التركي حينها أن الهدف من توقيع هذه المذكرة هو استيراد 1.4 مليار متر مكعب من الغاز من عمان سنويا لمدة 10 سنوات.
في مطلع عام 2023 ونتيجة للتحديات والظروف الجديدة التي لحقت بالإقتصاد التركي وتلبية للحاجة المتزايدة على الطاقة في تركيا، وقعت الحكومة مع سلطنة عمان مذكرة تفاهم حول توريد الغاز المسال إلى تركيا، حيث أعلن وزير الطاقة التركي حينها أن الهدف من توقيع هذه المذكرة هو استيراد 1.4 مليار متر مكعب من الغاز من عمان سنويا لمدة 10 سنوات. والآن تسعى تركيا للبدء في تنفيذ بنود هذه المذكرة، حيث وقّعت الشركة العُمانية للغاز، في مدينة إسطنبول، اتفاقية ذات مدى عشر سنوات لتوريد مليون طن متري سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى شركة بوتاش التركية حتى عام 2035، ومن المقرر أن تبدأ هذه العملية في العام المقبل، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية الرسمية.
وأفادت الوكالة في 19 أبريل، بأن هذا الاتفاق سيسهم في تعزيز الشراكة بين الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة بوتاش التركية، وذلك من خلال تعزيز موقع سلطنة عُمان كمورد موثوق به للطاقة. [1]
وأفاد موقع "الخليج أونلاين" الإماراتي وفي مقال افتتاحي له " أن هذه الإتفاقية تعد خطوة مهمة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتعتبر هذه الاتفاقية خطوة إيجابية لإمدادات الطاقة في تركيا وتوفر فرصاً جديدة للتعاون والاستثمار المشترك بين البلدين. وجاء في جزء آخر من هذا التقرير: إن التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها تركيا، خاصة في مجال نقص الطاقة، دفعت أنقرة إلى التفاوض مع الحكومة العمانية عام 2023 وتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع هذه الدولة.[2]
إن ماتتطلع إليه تركيا في ظل الظروف الحالية هو الاستفادة من موقعها الإستراتيجي الهام الذي يصل عدة ممرات تمتد من الشمال الروسي إلى الجنوب العربي ومن أقصى الشرق الصيني إلى أقصى الغرب الأوروبي، وهي بذلك تمتلك ميزة العبور المختصر بين تلك الممرات، وهي تحاول أن تكسب ذلك لدعم إقتصادها وتعزيز الأمن الاقتصادي، وفي ذات السياق وفي ظل استراتيجية تعزيز الأمن الإقتصادي أصبح من الضروري التفكير في الإكتفاء بحوامل الطاقة وخاصة بعد الحرب بين أوكرانيا وروسيا، ومن المعروف أن تركيا تعاني من أزمة اقتصادية داخلية وديون خارجية وتحاول تحقيق الأمن الاقتصادي المستدام، وتحقيق هذا الهدف لن يتحقق بدون أمن الطاقة، حيث تحتاج إلى أكثر من 62 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وتنفق أكثر من 12 مليار دولار سنوياً في مجال الطاقة. وهذا الرقم له تأثير على اقتصاد هذا البلد، وخاصة في مجال المعروض من العملات الأجنبية. وفي ضوء ذلك كله اعتمدت تركيا على بعض الاتفاقيات مع الدول التي لديها سياسة متوازنة، بما في ذلك عمان.
من جانبها وعلى موقعها الرسمي إكس أكدت "الشركة العمانية للغاز" هذا الخبر وقالت " تعزيزا لسعينا الدؤوب لنكون مصدراً موثوقاً عالمياً للطاقة، استكملت الشركة اتفاقية البيع والشراء مع شركة بوتاش التركية لتصدير 1 مليون طن متري سنوياً من الغاز الطبيعي المسال. وتأتي هذه الخطوة لتؤكد مكانة الشركة على خارطة موردي الغاز الطبيعي المسال ، ولدعم الناتج المحلي لسلطنة عمان. [3]
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى حمد النعماني الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية إن "الاتفاقية تسهم في دعم جهود الشركة للوصول إلى الأسواق العالمية ودعم الاقتصاد من خلال تسهيل عقود تسليم الشحنات للزبائن في القارتين الأوروبية والآسيوية، وأضاف إن "الاتفاقية من شأنها أن تعزز من سمعة الشركة العُمانية كمزود يمكن الاعتماد عليه، وتُظهر أيضا قدرتها الريادية على إدارة العمليات التجارية بكفاءة لتوفير طاقة آمنة ومستدامة للمستهلكين بأنحاء العالم”. [4]
الهدف التركي المنشود
الجدير بالذكر أن تركيا تسعى وضمن مخطط استراتيجي هام وخلال السنوات القادمة إلى تحويل تركيا لمركز للغاز على مستوى العالم، متحدية بذلك كل الصعوبات التي ستواجهها في ظل النقص الحاد والطلب الكبير لحوامل الطاقة وخاصة النفط والغاز وبالتحديد إلى دول أوروبا بعد اندلاع الحرب بين روسيا و أوكرانيا، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أواخر العام الماضي أنّ أنقرة تهدف إلى "جعل تركيا مركزاً عالمياً يتحدّد فيه السعر المرجعي للغاز الطبيعي في أقرب وقت". [5]
وبحسب ماقاله الرئيس رجب طيب أردوغان إن "الحجم الإجمالي للغاز الذي تم اكتشافه يصل إلى 710 مليارات متر مكعب بعد العثور على حقل جديد وتعديل بالرفع لاكتشاف سابق". وأوضح أن بلاده اكتشفت احتياطيات جديدة تبلغ 58 مليار متر مكعب في حقل شايجوما-1، فضلا عن إلى تعديل بالزيادة للحجم المقدر في حقل صقاريا إلى 652 مليار متر مكعب من 540 مليارا سابقا. وذكر أنه نتيجة لتحليل البيانات، عدلت البلاد ما أعلنته من قبل عن الكميات المتاحة من 540 مليار متر مكعب إلى 652 مليار متر مكعب، مشيرا إلى أنه تم التنقيب في 13 بئرا في حقل صقاريا.
اللافت في الأمر أن تركيا تريد أن تصل إلى مرحلة التوزيع والتسعير العالمي للغاز خلال السنوات القادمة، ولو أن ذلك لن يتحقق في المستقبل القريب، لكنه ضمن خطة تركيا 2050، لذلك تسعى إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي أولاً والإستفادة من موقعها الهام في ربط منابع الطاقة عبر أراضيها ولو بدأ ذلك من خلال اتفاقيات هنا وهناك لسد حاجة البلد الداخلية، ثم في ذات الوقت تؤسس لشبكة علاقات واسعة من أهمها الدول العربية مثل دول الخليج والجزائر ودول الجوار كإيران وأذربايجان، وقد قامت بتجهيز مخازن كبيرة منها ماهو تحت الأرض ومنها عائمة سطحية متطورة ومجهزة بسعات ضخمة لتؤمن حاجتها الداخلية وماتوفره سيكون ضمن خطة التصدير الخارجي لدول أوروبا الذي تخطط له.
ومن خلال هذه الاتفاقية، التي ستساهم في توفير إمدادات الغاز الطبيعي وتأمين الأسعار، ستتوسع محفظة الغاز الطبيعي المسال في تركيا يومًا بعد يوم وتتزايد مرونتها في إمدادات الغاز الطبيعي للعالم ومن خلال التعاون الحاسم في مجال الطاقة ستعمل شركة بوتاش التركية على تقريب تركيا خطوة أخرى من هدفها المتمثل في أن تصبح مركزًا للطاقة.
[1] https://omannews.gov.om/topics/ar/7/show/432075/
[2] https://2h.ae/fXZW
[3] https://www.facebook.com/OmanLNGCompany?fref=nf&ref=embed_post
[4] www.alarab.co.uk/اتفاقية-عمانية-طويلة-الأجل-لتزويد-تركيا-بالغاز
[5] aawsat.com/الاقتصاد/4547951-تركيا-تعتزم-توسيع-البنية-التحتية-لتصبح-مركزاً-إقليمياً-للغاز