التعاون الروسي السعودي في أوبك.. ضمان لاستقرار سوق الطاقة أم صفعة للرهان الأمريكي؟

التعاون الروسي السعودي في أوبك.. ضمان لاستقرار سوق الطاقة أم صفعة للرهان الأمريكي؟

يونيو 11, 2023 - 08:04
التعاون الروسي السعودي في أوبك.. ضمان لاستقرار سوق الطاقة أم صفعة للرهان الأمريكي؟
التعاون الروسي السعودي في أوبك.. ضمان لاستقرار سوق الطاقة أم صفعة للرهان الأمريكي؟

في ظل التطورات المتصاعدة في العالم والمستجدات الإقليمية المتسارعة، بدأت الكثير من الدول التفكير بالتخلص من الضغوط الأمريكية، خاصة السعودية، اذ برز توجه الرياض الجديد شرقاً في الكثير من الملفات، بدءاً من استئناف العلاقات مع إيران برعاية صينية، ودعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى حضور القمة العربية بجدة، وصولاً إلى التعاون مع روسيا في خفض انتاج النفط.

حيث تعهدت السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، مؤخراً بخفض آخر في إنتاجها النفطي إلى جانب ما التزمت به ضمن اتفاق أوسع نطاقا في أوبك+ لخفض الإمدادات، ضمن تحركات لتعزيز أسعار النفط المتراجعة رغم الاعتراضات الأمريكية.

وبينما كان وزير الخارجية الأمريكي مجتمعاً مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، الأربعاء، تحدث ولي العهد السعودي مع الرئيس الروسي هاتفيا وأشادا بالتعاون بين البلدين في إطار أوبك+.

وقالت وكالة الأنباء السعودية" واس"، إن الأمير محمد بن سلمان، بحث خلال الاتصال بالرئيس الروسي، "العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطوير التعاون في مختلف المجالات".

وأضافت "واس": "تم خلال الاتصال تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك". (1)

من جهتها أفادت الخدمة الصحفية للرئاسة الروسية (الكرملين)، الأربعاء، بأن "بوتين وبن سلمان ناقشا موضوع ضمان الاستقرار في سوق الطاقة العالمي".

وثمّن الطرفان بشكل عالٍ مستوى التعاون في إطار منظمة "أوبك +" للحفاظ على التوازن بين العرض والطلب على النفط.

وأشار بوتين وابن سلمان إلى أهمية الاتفاقات النفطية التي تم التوصل إليها في الاجتماع الوزاري في الرياض.

وأضاف الكرملين: "ناقش بوتين وبن سلمان زيادة العلاقات التجارية وتنفيذ المشاريع في مجالات الاستثمار واللوجستيات والطاقة".(2)

هذا وسلط تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأربعاء، الضوء على ما سمته "التوتر" الحاصل داخل التحالف الروسي السعودي في مجال النفط ومدى وكيف يمكن أن يخدم مساعي الولايات المتحدة الرامية لخفض أسعار الطاقة.

ويقول التقرير إن قادة روسيا والسعودية عملوا سوية خلال السنوات الست الماضية من أجل السيطرة على سوق النفط العالمية، مضيفا أن أجواء من التوتر بدأت تسود هذا التحالف وخاصة بعد اجتماع أوبك + الذي عقد الأسبوع الماضي.

ويبين التقرير أن الرياض وموسكو "انفصلتا" عن بعضهما بهدوء خلال الاجتماع بعد أن أعلنت السعودية خفض صادراتها بنحو مليون برميل نفط يوميا في محاولة لدعم الأسعار، بينما لم تقدم روسيا أي التزام جديد لخفض صادراتها. (3)

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، ووزير الطاقة ألكسندر نوفاك، أكد انعدام الخلافات بين الجانبين، الروسي والسعودي، حول اتفاقية "أوبك+".

وقال نوفاك خلال مشاركته، في اجتماع "أوبك +" في العاصمة النمساوية فيينا، "لم يكن بيننا أي خلافات، فنحن دائما نجد الحلول المشتركة، وفي مدار السنوات الماضية، عمل اتفاقنا لصالح السوق، والدول المشاركة في الاتفاق، وليس فقط لصالح المصدرين، وإنما المنتجين أيضا".

وكشف نوفاك عن نوايا روسيا تمديد خفضها الطوعي لإنتاج النفط، البالغ 500 ألف برميل يومياً، حتى نهاية ديسمبر 2024، كإجراء احترازي، مشيرا على أنه تم الاتفاق، على خفض مستوى الإنتاج المطلوب، خلال الاجتماع الوزاري، الـ35 "لأوبك +" في الـ 4 يونيو 2023.

وأشار نوفاك، بأن تحالف "أوبك +" صادق على خفض مستوى إنتاج النفط الإجمالي إلى 40.46 مليون برميل يوميا، بدءا من العام 2024، في ذات الوقت يتوجب على روسيا، خفض إنتاجها إلى 9.928 مليون برميل يومياً. (4)

وتضخ أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء بقيادة روسيا، نحو 40% من الخام العالمي. وإضافة إلى الخفض السعودي، خفضت أوبك+ هدف الإنتاج الجماعي لعام 2024 ومددت الدول التسع المشاركة التخفيضات الطوعية لشهر إبريل/ نيسان حتى نهاية عام 2024.(5)

وسيبلغ مستوى إجمالي إنتاج النفط الخام للدول الأعضاء في التحالف نحو 40.46 مليون برميل يوميا من مطلع 2024 وحتى نهايته، بدلا من 41.86 مليون برميل يوميا، الذي مثّل حجم إنتاج أكتوبر 2022.

وأعلنت روسيا توقّفها عن نشر الإحصاءات الرسمية لإنتاج النفط والغاز الطبيعي ومكثفات الغاز حتى 1 أبريل/نيسان 2024، وفق ما أعلنته الحكومة في مرسوم نُشر في 28 أبريل/نيسان 2023، ونقلته وكالة أنباء تاس الروسية.

وتعليقاً على حظر بيانات النفط الروسي، قال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان في مؤتمر صحفي عقب اجتماع أوبك+ الأخير: "ليس لديّ أي شيء آخر سوى تصديقهم، لأننا رأيناهم يلتزمون. انظر إلى أدائهم خلال السنوات الـ3 الماضية، سترى أنهم قد أوفوا بالتزاماتهم".(6)

ووفقاً لمحللين في "سيتي جروب" فإن الأسعار إذا ظلت عالقة في نطاق يتراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل، وبدون دليل مستقل على تخفيضات روسية موعودة للإنتاج، فقد يبدأ التسامح السعودي إزاء الوضع الجاري في التلاشي.

وأشارت "بلومبرج"، في هذا الصدد، إلى أن الرياض أظهرت استعدادا متكررا للتغاضي عن عدم امتثال موسكو لتخفيضات الإنتاج، بما قد يعكس ذلك التقارب بين ولي العهد السعودي، والرئيس الروسي، "لكن قد يتم اختبار الصبر السعودي مرة أخرى، كما كان في مارس/آذار 2020، إذا تبين أن توقعات سوق النفط مفرطة في التفاؤل"، بحسب المحللين.

لكن سوق الطاقة يحتاج إلى خطط طويلة الأمد في الجانب الاستراتيجي وأيضا طمأنة المستهلكين بالحفاظ على الإمدادات والأسعار بمستويات مناسبة وصحية للجميع. لذلك يحتم دور روسيا والسعودية في أوبك وأوبك بلس عليهما التعاون والحفاظ على السوق، وهو ما ظهر من خلال التوافق والتعاون بينهما خلال السنوات الأخيرة، مما جعل الأسواق النفطية مستقرة وأثر إيجابا على الاقتصاد العالمي.

يبدو أن السعودية حسمت خياراتها، وأعادت رسم خارطة تحالفاتها، وزيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الرياض، عكست بوضوح هذه المتغيرات، ولهذا ليس مفاجئاً استقبال السعودية له بتخفيض إنتاج النفط بالتنسيق مع روسيا، مما يظهر تحدياً واضحاً للمطالب الأمريكية برفع الإنتاج، ودحض ما يتداول عن تدهور للعلاقات النفطية بين موسكو والرياض.

ختاماً يمكن القول إن الرياض بدأت تصطف إلى جانب التحالف الصيني الروسي، وتدعم التعددية في الأقطاب مع ترك الباب مفتوحاً مع الغرب، توجه مهم للغاية عكسه الطلب السعودي للانضمام إلى مجموعة "بريكس" والمحادثات التي ترمي إلى الانضمام لمصرف التنمية الجديد التابع لهذه المجموعة كعضو جديد فيه.

مجد عيسى

 

المصادر:

1-https://cutt.us/u2S4o

2- https://cutt.us/G2mBV

3- https://cutt.us/iDACu

4- https://cutt.us/J58E0

5-https://cutt.us/gjStR

6- https://cutt.us/jH8SQ