الولايات المتحدة وحش يبحث عن الحرب

الولايات المتحدة وحش يبحث عن الحرب

يونيو 6, 2023 - 12:23
الولايات المتحدة وحش يبحث عن الحرب
الولايات المتحدة وحش يبحث عن الحرب

لا تلوح في الأفق نهاية للصراع بين روسيا وأوكرانيا، والذي مضى عليه الآن 16 شهراً. كما أنه ليس هناك ما يضمن كيف سينتهي، لكن هناك قضية واحدة أصبحت أكثر وضوحاً منذ بدء الحرب وتتمثّل في مواصلة الولايات المتحدة استخدام قوتها العسكرية كوسيلة للحفاظ على الهيمنة، ويشمل ذلك توسيع الناتو خارج أوروبا. باختصار، ستستمر الولايات المتحدة في تسليح الناتو والغرب، الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج كارثية.

إن القضية الأساسية الآن هي الخسائر التي تلحقها الحرب، إذ يمكن إعادة بناء المباني، لكن ستظلّ العائلات التي فقدت أحد أفرادها غير مكتملة إلى الأبد. وهناك لا بد من الاعتراف بإيمان روسيا بأنه لو لم يتسلل حلف الناتو، الذي يتلقى 16٪ من ميزانيته من الولايات المتحدة، بالقرب من الحدود الروسية منذ حوالي عام 2000 حتى عام 2020، لما حدثت الحرب أبداً. وهنا نستذكر ملاحظة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر للرئيس السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف في عام 1990: “لن يتقدم الناتو بوصة واحدة باتجاه الشرق”. لكن اليوم يتمّ الالتفاف على هذا المفهوم على أنه وعد “غير رسمي”.

يتمّ الحديث في أجزاء أخرى من العالم عن تصميم الولايات المتحدة على توسيع وجود الناتو في جميع أنحاء أوروبا وخارجها. ولا يُنظر إلى المنظمة على أنها القوة التي يجادل مؤيدوها بأنها كذلك. في الوقت نفسه، تُطرح أسئلة حول ما إذا كان الناتو سينظر في توسيع تفويضه خارج أوروبا. هل ستسعى، على سبيل المثال، إلى الحصول على مكان في شرق آسيا؟. إن الجواب باختصار هو نعم، حيث ذكرت شبكة “سي إن إن” في منتصف أيار الماضي أن الحكومة اليابانية أجرت محادثات مع مسؤولي الناتو حول فتح مكتب “اتصال الناتو” في اليابان. وفي هذا السياق، زعم مسؤول ياباني أنه بسبب الحرب في أوكرانيا، أصبح العالم “أكثر اضطراباً” ونتيجة لذلك، فإن الناتو يعتبر بالنسبة لهم الفارس الأبيض الذي يتدخل ويحافظ على المنطقة آمنة.

على الجهة المقابلة، أشار خبير في مركز أبحاث أولويات الدفاع في واشنطن إلى نقطة أكد فيها أنه لا عمل للناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبدلاً من ذلك يجب أن يلتزم الحلف بمهمته في شمال الأطلسي، وأن يتجنّب إشعال براميل البارود على الجانب الآخر، مقدماً حجة مماثلة، مشيراً إلى فن الحكم المسؤول في العالم. لكن من المؤكد أن دول الناتو التي تفضّل “نهجاً أقل تصادمية” مع الصين ستشعر بالاستخفاف بينما ينظر الناتو إلى آسيا كمجال نفوذ محتمل.

إن كون الولايات المتحدة وراء فكرة حلف الناتو في آسيا أمر لا جدال فيه، حيث أظهر الناتو أنه سيظهر في أماكن أخرى غير أوروبا. فقد كان متورطاً في خوض الحرب في أفغانستان، وأصرّ مسؤول سابق في الناتو على أن المنظمة “بدأت في متابعة أهداف غير واقعية بشكل متزايد”، حيث سيطرت على المجهود الحربي الذي أعاقه بالفعل ضعف المعلومات الاستخباراتية والشعور المضلل بالهدف. يدرك المواطنون الأمريكيون جيداً أنه تمّ إنفاق تريليونات الدولارات الأمريكية، والآلاف من الأرواح بسبب تلك الأخطاء في الحكم.

من جهة أخرى قصفت قوات الناتو ليبيا منذ أكثر من عقد، وفي هذا السياق جادل مقال افتتاحي في مجلة “فورين بوليسي” بأن رفض الناتو المستمر الاعتراف بالضرر الذي ألحقته قنابله بالسكان الليبيين هو ندبة على نزاهته. وبالمثل، لا يسعى أي زعيم أمريكي إلى محاسبة أي شخص على مقتل الأبرياء في ليبيا، لأن القيام بذلك يتطلّب من الولايات المتحدة الاعتراف بسجلها في قتل المدنيين في أفغانستان.

ثم هناك بقية إفريقيا، فعلى الرغم من النتائج المروعة في ليبيا، شقّ الناتو طريقه عبر شمال إفريقيا إلى جسد القارة، حيث ذكر أحد النقاد أن “حساسية عامة تتزايد في القارة ضد العدوان العسكري الغربي”، ويفسّر هذا الموقف سبب استمرار العديد من الدول الإفريقية في رفض دعم الدعوات لإدانة روسيا في أوكرانيا.

ولعلّ أهم سؤال يتوجّب على الدول الغربية، التي أنفقت مليارات الدولارات لتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة من أجل محاربة الروس، أن تجيب عليه في الأشهر المقبلة، هو: ماذا ستكون صورتهم في جنوب آسيا وإفريقيا وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم، حيث يتمّ التشكيك في رسالتهم الخاصة بالديمقراطية والسلام؟ وفي الوقت نفسه، كيف سيتلقى الناتو الدليل على مسؤوليته عن إراقة الدماء في أماكن بعيدة عن أوروبا؟ أخيراً، ما الذي يجب أن يفكر فيه المسؤولون الأمريكيون عندما يدركون أن المليارات من الناس حول العالم لا يرون الولايات المتحدة على أنها معقل للسلام بل وحش يبحث عن الحرب؟.

المصدر: البعث