السودان في أزمة عميقة

واجه السودان العديد من المشاكل في السنوات الأخيرة، ومنذ عام 2023، زادت الأزمة الداخلية من معاناة البلاد، واضطر ملايين الأشخاص في السودان إلى الهجرة إلى الدول المجاورة. لاتقتصر أبعاد أزمات السودان الداخلية على جغرافية هذا البلد، وهناك لعبة أكبر تجري هناك، وكل دولة من خارج المنطقة تريد الإطاحة بالحكومة الحالية في السودان أو تحقيق استقرارها من أجل مصالحها الخاصة.

يوليو 7, 2024 - 16:01
السودان في أزمة عميقة
السودان في أزمة عميقة

 واجه السودان العديد من المشاكل في السنوات الأخيرة، ومنذ عام 2023، زادت الأزمة الداخلية من معاناة البلاد، واضطر ملايين الأشخاص في السودان إلى الهجرة إلى الدول المجاورة (1). لاتقتصر أبعاد أزمات السودان الداخلية على جغرافية هذا البلد، وهناك لعبة أكبر تجري هناك، وكل دولة من خارج المنطقة تريد الإطاحة بالحكومة الحالية في السودان أو تحقيق استقرارها من أجل مصالحها الخاصة. كما إن البحث في دراسة وتحقيق مشاكل السودان، ينبغي أولاً تحديد الجهات الفاعلة المتورطة في هذه القضية، ومن ثم تحديد أهداف نشاطها في هذا البلد؛

الولايات المتحدة؛ تقوم هذه الدولة، التي تعد واحدة من الجهات الفاعلة الرئيسية في القارة الأفريقية، بتصميم برامج مختلفة من أجل تعزيز وتوسيع حلفائها في المنطقة الأفريقية (2). ونظرًا للجغرافيا السياسية المناسبة للسودان ووصوله إلى المياه الدولية وحركة السفن الغربية عبر طرق البلاد، فإن الهيمنة على السودان تعد إحدى الاستراتيجيات الرئيسية للولايات المتحدة. في قصة 7 أكتوبر والمعركة الشرسة التي خاضتها القوات الفلسطينية المقاتلة ضد الكيان الصهيوني، الجنرال البرهان، الذي كانت تربطه علاقة جيدة بمحور المقاومة لفترة طويلة، في تطور لافت وغير معقول، حاول الحصول على امتيازات خاصة من أجل بقاء حكومته في السودان بالابتعاد عن محور المقاومة فقدم التنازلات اللازمة للقضية الفلسطينية للمحور الغربي، هذا هو الوقت الذي كان ينشط فيه أشد المعارضين للجنرال البرهان في هذا البلد وكانت دولة السودان في حالة يرثى لها في نار الخلافات الداخلية، لكن في الأشهر الماضية، أصبحت أهداف الجنرال البرهان العسكرية تحت ضغط المعارضة الداخلية. وبحسب مصادر مطلعة فإن مهمة الفريق البرهان هي تسليح المعارضة الداخلية مع الدول الغربية، وبهذه الطريقة تمكنت الجبهة الغربية من زيادة الضغط على السودان حتى تكون هذه الدول أقرب إلى مصالحها وأهدافها، وتركت شعب هذا البلد الأعزل في مهب رياح الحروب الداخلية و المجاعة الكبيرة بمفردهم دون مساعدة.

الجبهة الشرقية؛ الخطة العملياتية لدول المحور الشرقي هي الهيمنة والتأثير على الدول الإفريقية، وهو ما شهدناه في الأشهر الماضية بانقلابات عديدة في هذه القارة. الجنرال البرهان، الذي اتجه نحو الغرب لفترة محدودة من الزمن، بعد أن رأى الوضع الفوضوي في بلاده وكذلك خيانة الدول الغربية، تحول مرة أخرى إلى الجبهة الشرقية وحصل على المساعدات العسكرية المناسبة من دول محور المقاومة (3) وفي الأيام الأخيرة، تم تنفيذ خطط عملياتية واسعة النطاق في شمال هذا البلد لصد التمردات الداخلية التي يقودها الجنرال البرهان، مما يدل على التسلح المناسب لجيش هذا البلد.

الدول العربية وتركيا؛ من الجهات الفاعلة الأخرى في دولة السودان، الإمارات العربية المتحدة وتركيا (4) اللتان تدخلتا في الدول الأفريقية من أجل تعزيز هويتهما السياسية الدولية، وتحاول هاتان الدولتان، بإيديولوجيتهما الإخوانية، تصدير أفكارهما الإخوانية، كما إنهم يقومون بتصدير قوتهم الناعمة إلى مناطق مختلفة من العالم بأموال طائلة غير متوقعة من الدول العربية إلى الدول الفقيرة من أجل العثور على مؤيدين لأيديولوجيتهم في العالم. إن هذين البلدين هما إلى حد ما يعتبرون جنود المشاة للدول الغربية في السودان، وباستخدام استراتيجية الشرطة الجيدة والشرطة السيئة، فإنهما ينفذان مصالح الولايات المتحدة في السودان.

وبشكل عام ينبغي القول إن الأزمة التي تشتعل في السودان هي أبعد من هذا البلد وتهدف إلى لعبة عالمية أكبر، وأطراف الصراع في هذا البلد يحققون أهدافهم في مناطق التوتر في العالم بشكل صراع عالمي أكبر، من التوتر بين تايوان والصين في شرق العالم إلى الصراع بين أوكرانيا وروسيا على أبواب أوروبا إلى الحرب الأهلية السودانية في أفريقيا، كلها تدور حول الحرب بين الشرق والغرب. والسودان بجغرافيته السياسية المناسبة وموارده الغنية، هو ملعب آخر للدول الغربية والشرقية، وهاتان الجبهتان تريدان أن ينضم هذا البلد إلى حلفائهم من أجل زيادة قوتهم. وفي المستقبل، عندما تعرف نتائج المعارك الداخلية في السودان، سيصبح كف الميزان راجحاً لإحدى الجبهتين الشرقية أو الغربية في القارة الأفريقية.

 امیرعلی یگانه

 

1. https://www.rescue.org/article/fighting-sudan-what-you-need-know-about-crisis

2.  https://foreignpolicy.com/2023/04/20/sudan-civil-war-biden-burhan-hemeti-foreign-policy/

3.https://www.reuters.com/world/middle-east/are-iranian-drones-turning-tide-sudans-civil-war-2024-04-10/

4.https://www.theafricareport.com/348154/gulf-rivals-uae-and-saudi-arabia-vie-for-power-while-stoking-sudans-civil-war/