الزراعة من تحت الرماد.. اليمن يكسر الحصار
الزراعة من تحت الرماد.. اليمن يكسر الحصار
تتنامى الزراعة في اليمن يومًا بعد آخر، وأرض السعيدة عادت تكتسي حلتها الخضراء بعد يباس عقودٍ من زمن الاستعمار الخفي والنظام العميل. ورغم أن زراعة محاصيل الحبوب والقمح خاصةً، كانت خطًا أحمر ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، اليمن اليوم تكسو مدرجاته سنابل القمح والذرة والشعير في كل وديانه وقراه.
هذا التنامي لا يقتصر على الحبوب وحسب، بل يشمل الخضراوات والفواكه، والمحاصيل النقدية.
التحديات التي يصنعها الحصار والعدوان الأمريكي السعودي أمام المزارعين كثيرة، في هذا الإطار، يقول مدير إدارة التسويق بالمؤسسة العامة لإنتاج الحبوب المهندس عبد الصمد المهدي : “يواجه المزارع اليمني العديد من الصعوبات والمعوقات نتيجة للعدوان والحصار السعودي الأمريكي، فهناك ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي لعدم توفر الآلات والمعدات الزراعية، التي تساهم في خفض تكاليف الإنتاج، بالإضافة الى صعوبة استيراد الآلات والمعدات بفعل الحصار، مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانعدامها أثناء مواسم الزراعة والحصاد، يُضاف إلى تلك المعوقات منافسة المنتج الخارجي للمحلي، بالرغم من أن المحلي يغلبُ منافسه بجودته المتميزة والعالية، والتي تفوق بمستويات نظيره المستورد، لذلك تعد مرحلة تسويق المنتج المحلي، مرحلة حساسة وهامة، في مسيرة الاكتفاء والنهوض الزراعي للبلد”.
وهنا يأتي دور المؤسسات المجتمعية والرسمية، إذ يوضح المهدي بالق” أن “المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب تقوم بتشكيل فرق من المختصين للنزول للمحافظات، وفتح مراكز لاستقبال وشراء منتجات المزارعين من محاصيل الحبوب بأسعار مناسبة، بغية تشجيعهم لزيادة المساحات المزروعة. وبعد استكمال عملية الشراء يتم نقل الكميات إلى مخازن المؤسسة لإجراء عمليات الغربلة والتنظيف والطحن والتعبئة في عبوات مختلفة الأوزان (1، 5، 10، 25، 50) كجم. وعند تجهيز الكميات وتعبئتها يتم تسويقها وتوزيعها لعدد من المنافذ التسويقية مثل (المحلات التجارية، المخابز والأفران، جهات حكومية وخاصة)”.
الانتاج المحلي في تصاعد.. والاستيراد يتراجع
تعمل المؤسسات الرسمية والشعبية والجمعيات التعاونية على الدفع بعجلة الانتاج المحلي. ترتفع تكاليف الزراعة والانتاج خاصةً الحبوب، لعدم توفر مستلزمات وتقنيات الانتاج الحديثة، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الحبوب البلدية، مما يدفع بالمستهلك لشراء الأقل سعرًا ولو كان مستوردًا، خصوصًا مع الوضع المعيشي المثقل بالحصار الجائر.
يشير المهدي الى أنه “يتم التعامل مع هذه الإشكالية بشراء المنتجات بأسعار تشجيعية كدعم للمزارعين، وبيعها للمستهلكين بأسعار مخفضة، تقارب سعر المنتج الخارجي، على أن تتحمل الحكومة فارق الدعم للمزارعين”.
ورغم أن التحديات التي تواجه الجبهة الزراعية لا تُحصى، إلا أن فاتورة الاستيراد للمحاصيل الزراعية تتضاءل يومًا بعد آخر. يؤكد المهدي لموقع “العهد” الإخباري أن “فاتورة الاستيراد لعدد من محاصيل الحبوب والبقوليات قد خفضت بنسبة كبيرة، كالذرة الشامية والعدس وذلك عن طريق تنفيذ برنامج الزراعة التعاقدية، المتمثل بالتعاقد بين إحدى الجمعيات التعاونية وبين شركة تلال اليمن للاستثمار الزراعي، لإنتاج كميات من محاصيل الحبوب والبقوليات، وهي تعادل ما نسبته 20% من فاتورة الاستيراد، وهناك بعض الصعوبات تجري معالجتها حالياً”.
وينوّه مدير إدارة التسويق بالمؤسسة العامة لإنتاج الحبوب في حديثه لموقع “العهد” الإخباري أن “هناك حلولًا كثيرة قدمتها وزارة الزراعة والري ومؤسسة الحبوب لدعم المزارعين منها انشاء السوق المركزي لمحاصيل الحبوب المحلية في العاصمة صنعاء، كأول سوق مركزي يكون حلقة وصل بين المزارعين والتجار من جهة وبين التجار والمستهلكين من جهة أخرى. ويجري العمل على ترتيب وتنظيم أسواق الحبوب في محافظاتٍ أخرى”.
ويأتي برنامج الطحين المركب على رأس الحلول التي قدمتها الوزارة والمؤسسة، حيث تخلط كميات من الذرة الرفيعة المنتجة محلياً مع القمح المستورد بنسب تتراوح بين 10 -25%. وبحسب المهدي “فقد عمل هذا البرنامج على إيجاد سوق للذرة الرفيعة، وساهم في تخفيض نسبة من فاتورة الاستيراد، بالإضافة إلى أنه منتج صحي وذو قيمة غذائية عالية”.
ومن خطوات دعم الانتاج الزراعي المحلي التي تبنتها وزارة الزراعة ومؤسسة الحبوب شراء محاصيل الحبوب من المزارعين أثناء مواسم الحصاد بأسعار مناسبة، لحمايتهم من احتكار التجار، كما أوقفت وزارة الزراعة استيراد بعض المحاصيل نهائيًا، كالثوم والزبيب لتنمية الإنتاج المحلي منها.
تحركٌ مجتمعي ورسمي دؤوب في الجبهة الزراعية، وشعب الإيمان اليوم على يقين أنه لا سيادة لبلدٍ لا يملك قوته.