التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بوساطة خليج الفارسی !

بعد التغيرات الأخيرة في سورية والرضوخ للهيمنة الأمريكية والمطالب الإسرائيلية؛ هل باتت اتفاقية السلام قريبة بين سورية والكيان الاسرائيلي؟ سؤالٌ بات يطرحُ بكثرة في مختلف الأوساط الداخلية والخارجية في سورية، وربما هذا مايُعمل عليه بجهود حثيثة سرية وعلنية، ولم تكن الزيارة الأخيرة للشرع ولقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السعودية بدعوة من الأمير محمد بن سلمان إلا لأخذ المواثيق والعهود لتنفيذ هذه الصفقة مقابل رفع العقوبات عن سورية والاعتراف به من قبل المجتمع الدولي.

مايو 18, 2025 - 18:15
 22
التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بوساطة خليج الفارسی !
التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بوساطة خليج الفارسی !

بعد التغيرات الأخيرة في سورية والرضوخ للهيمنة الأمريكية والمطالب الإسرائيلية؛ هل باتت اتفاقية السلام قريبة بين سورية والكيان الاسرائيلي؟ سؤالٌ بات يطرحُ بكثرة في مختلف الأوساط الداخلية والخارجية في سورية، وربما هذا مايُعمل عليه بجهود حثيثة سرية وعلنية، ولم تكن الزيارة الأخيرة للشرع ولقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السعودية بدعوة من الأمير محمد بن سلمان إلا لأخذ المواثيق والعهود لتنفيذ هذه الصفقة مقابل رفع العقوبات عن سورية والاعتراف به من قبل المجتمع الدولي. ماذا تخبىء الأيام القادمة لسورية وهل ستتحقق هذه الإتفاقية التي لطالما كانت مستحيلة الحدوث في زمن النظام السابق. سيتطرق هذا المقال للحديث عن المفاوضات السرية بين سورية والكيان الإسرائيلي عبر وساطة الإمارات ودورها في رعاية هذه الإتفاقية وما هو أثرها على التوازن الإقليمي والاستراتيجيات المستقبلية.
 
لماذا الإمارات العربية المتحدة ؟
لقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أولى الدول التي طبعت العلاقات مع إسرائيل بعد مصر والأردن وتعتبر من أول الدول المطبعة حديثاً في عام 2020؛ ولهذا يأتي دورها الهام في تسهيل العقبات أمام الكيان لإكمال سلسلة الاتفاقيات الإبراهيمية مع باقي الدول العربية التي مازالت تماطل تمهيداً للتوقيع. يأتي هذا التحرك الإماراتي في إطار سياسة أبوظبي الإقليمية التي تهدف إلى لعب دور الوسيط، خاصة في ظل التقارب الكبير الإماراتي-الإسرائيلي بعد عملية التطبيع، وكان لقاء الرئيس الإماراتي محمد بن زايد مع نظيره السوري أحمد الشرع في 13أبريل قد أسفر عن تقارب في المواقف حول هذا الملف، مما مهد الطريق لإنشاء قناة سرية تعتبر الأولى من نوعها بين دمشق الجديدة وتل أبيب، هذه المحادثات غير المباشرة ستركز على القضايا الأمنية والاستخباراتية وبناء الثقة بين البلدين اللذين لا يربطهما أي علاقات رسمية سابقة. وأكد مصدر أمني سوري رفيع المستوى أن هذه القناة تقتصر حصريا على الملفات الأمنية خاصة تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب بينما تستثني القضايا العسكرية المباشرة وخصوصا العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية .(1)

مبادرات دولية لخفض التوترات الأمنية
خلال الأسابيع الماضية أرسلت القيادة الإسرائيلية رسائل مباشرة وغير مباشرة إلى التحالف السوري التركي الذي عمد إلى وضع حدٍ للنفوذ الإسرائيلي كما أدعى، وأعلنت تركيا مراراً أنها بصدد توقيع اتفاقيات أمنية و دفاعية مع النظام الجديد لإنشاء قواعد عسكرية تركية في وسط البلاد وشماله. وبعدها جاء الرد الإسرائيلي بقصف كل موقع جغرافي كانت تنوي تركية العمل عليه ليكون رسالة قوية لها ولأحمد الشرع بعدم تعزيز النفوذ التركي في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك هددت إسرائيل مراراً وتكراراً؛ أن أي انتشار للقوات العسكرية السورية على حدودها جنوب البلاد ستكون أهدافاً مشروعة لطائراتها الحربية، وهذا ماحصل بالفعل حيث قصفت طائرات الكيان عدة مرات تجمعات ومراكز عسكرية للفصائل التابعة لهيئة الجولاني. (2) 

في ظل تلك الأجواء المتصاعدة والمتوترة دخلت الوساطات المختلفة بين إسرائيل وتركيا وسورية، وأهم تلك المبادرات ظهرت في البيت الأبيض عندما زار نتنياهو الرئيس ترامب وأعلن حينها الرئيس الأمريكي أنه يدعم صداقة الطرفين ولايرغب بتصعيد الصراع بين الكيان وتركيا.(3) الجدير بالذكر أيضاً دخول الوساطات العربية وخاصة الأردن ودول الخليج الفارسی وأولها السعودية والإمارات حول البدء بمرحلة إعادة سورية إلى "الحضن العربي" الذي يبدأ من بوابة السلام مع تل أبيب وهذه الرسالة التي يعمل على تنفيذها الجولاني للخلاص من تقاسم النفوذ في سورية وتصاعد التوترات مع بعض الفصائل المتشددة ضد إسرائيل. لابد لنا أن نعترف أن المساعي العربية لتهدئة الأوضاع الحالية في سورية باتت واضحة وهدفها استقرار الجبهة الجنوبية وعدم تصعيد التوترات تمهيداً للبدء بالمفاوضات السرية بمباركة أمريكية. 

المفاوضات السرّية
ياتُرى ماذا دار في اللقاء السري السوري الإسرائيلي في أحدى العواصم الغربية ؟ "يديعوت أحرونوت" تكشف بعض التفاصيل؛ حيث كشفت الصحيفة المذكورة عن لقاء سري جرى بين خمسة أكاديميين ورجال أعمال سوريين إلى جانب إسرائيليين اثنين داخل منزل خاص في إحدى العواصم الأوروبية. وقالت الصحيفة لقد دُهش الجانب الإسرائيلي من حجم اطلاع المحاورين السوريين على الشأن الإسرائيلي، وهو اطلاع اعتمد على متابعتهم للإعلام العبري وترجمات الصحافة الإسرائيلية. وأبدوا اهتماماً واضحاً بسماع المزيد عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورؤاه الأمنية. واعترف كل منهم صراحة: "نحن لا نعرف حقا إلى أين تتجه سورية"، وأضافوا أن "رئيسنا يواجه العديد من الأزمات ومن الصعب تصديق أنه يرغب في إضافة إسرائيل إلى قائمة مشكلاته".(4)

توازن القوى الإقليمية والاستراتيجيات الجديدة في المنطقة 
لقد كانت سورية نقطة المركز في دائرة الصراعات التي استمرت حوالي 14 سنة، وانقسم العالم حول القضية السورية بين مؤيد ومعارض. ولكن الآن وبعد التغيرات الأخيرة تحولت الأزمة السورية إلى قضية مشتركة جمعت كل الأطراف لكي يتقاسموا الكعكة السورية ويأخذ كل واحد حصته، القوى الإقليمية أدركت أن الوضع الحالي يخضع إلى توازنات ومصالح مشتركة تضمن للجميع مصالحه ولابد من توظيف استراتيجيات جديدة على النكهة الأمريكية و ذوق الرئيس ترامب، وبتنفيذ الإمارات العربية المتحدة. ففي مداخلة لافتة قالت السفيرة الأميركية السابقة في الإمارات مارسيل وهبة إن سورية  كانت حاضرة بقوة في محادثات ترامب في أبوظبي مشيرة إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى إشراك الإمارات في إعادة إعمار سورية وتعزيز الحلول السياسية التدريجية. وأضافت: "الإمارات باتت قناة تواصل فعالة مع دمشق ويمكن أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة ربط سورية بالمجتمع العربي".(5)

في الحقيقة استطاعت الإمارات أن تخلق لنفسها مساحة مستقلة تجمع بين الصلابة الأمنية والانفتاح الاقتصادي، وفي ظل هذا الواقع لم يكن غريبًا أن يختار ترامب أبوظبي كمحطة رئيسية في جولته الخليجیه الفارسیه لما تحمله من رمزية متقدمة على صعيد الأمن والاقتصاد والدبلوماسية والتكنولوجيا. لهذا ستكون هي الدولة الراعية على تنفيذ اتفاق ابراهيم بين سورية والكيان الإسرائيلي لما لها من دور بارز في قيادة هذا الملف الذي بدأت أوراقه تكشف للعلن ونقول ماخَفِيَ أعظم ! .

محمد يزن الحمادي 

1-  https://arabic.rt.com/middle_east/1671480
2-  https://www.bbc.com/arabic/articles/cg41lnlevllo
3-  https://2h.ae/goxl
4-  https://2h.ae/MqHR
5-  www.skynewsarabia.com/middle-east/1796637-زيارة-ترامب-الإمارات-تعيد-تشكيل-التوازنات-الإقليمية