الإنتخابات العراقية المحلية
يقترب العراق من إجراء الإنتخابات المحلية في البلاد والتي تعرفُ أيضا بانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في الثامن عشر من الشهر المقبل، حيث إن قرار إجرائها مازال يخضع لكثيرٍ من المشاحنات على المستويين الشعبي والسياسي. فما هي قصة الإنتخابات العراقية المحلية وماهو سبب توقفها عام 2019؟
يقترب العراق من إجراء الإنتخابات المحلية في البلاد والتي تعرفُ أيضا بانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في الثامن عشر من الشهر المقبل، حيث إن قرار إجرائها مازال يخضع لكثيرٍ من المشاحنات على المستويين الشعبي والسياسي. فما هي قصة الإنتخابات العراقية المحلية وماهو سبب توقفها عام 2019؟
لقد أجريت آخر انتخابات محلية لمجالس المحافظات في العراق في عام 2013، حيث تم بعدها حل مجالس المحافظات وذلك امتثالاً للمطالب الشعبية التي نادت بها حركة الاحتجاجات الجماهرية في أكتوبر عام 2019 والمعروفة "بحراك تشرين" [1] كنتيجة لفشل تلك المجالس في تأمين الحد الأدنى من الإحتياجات المعيشية للمواطن العراقي وتردي البنى التحتية في كافة المحافظات فضلاً عن تورطها في العديد من قضايا الفساد، ومن المفترض أن تجرى الانتخابات في كل المحافظات العراقية باستثناء محافظات إقليم كردستان وهي أربيل و السليمانية و دهوك، لإن لها نظام انتخابي منفصل عن النظام الانتخابي العام الذي تطبقه الحكومة المركزية في بغداد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قرار تنظيم الانتخابات المحلية جاء بعد إقرار البرلمان للموازنة العامة للدولة العراقية وهو مادفع القوى السياسية والمسيطرة على البرلمان إلى العودة للعمل على المستوى المحلى بخطى حثيثة بهدف رعاية مصالحها عبر السيطرة على السلطتين السياسية والمالية بعد خسارتها المعروفة في الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق عام 2021 وستحدد نتائج الانتخابات المحلية حصة الأحزاب والقوى السياسة في كل محافظة من محافظات العراق .
أهمية هذه الانتخابات
تعد هذه الانتخابات مهمة جداً للقوى السياسة لإنها تشكل النواة الأساسية لهم في العمل السياسي من خلال مجالس المحافظات لكونها لاترتبط ولا تخضع في عملها لأي جهة وزارية ولها موزانات مالية خاصة، وتتمتع بصلاحيات إدارية ومالية كبيرة وتعد بحد ذاتها مؤشراً قوياً على طبيعة التفاعلات بين القوى السياسة التي ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة وكيف ستكون حصة كل حزب في المحافظة. فمثلاً في مارس الماضي كما هو معروف استطاعت قوى الإطار التنسيقي المسيطرة على البرلمان في ظل غياب المعارضة الموازِنة تعديل قانون الاتنتخابات المعمول به في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2021 والعودة إلى نظام سانت ليغو النسبي الذي يضمن عودة الأحزاب التقليدية الكبرى للهيمنة على العمل السياسي في المحافظات وعلى نتائج الانتخابات البرلمانية أيضا لكون سانت ليغو يعتمد التمثيل النسبي ويعتبر الدولة دائرة انتخابية واحدة وهو ما اعتبر انقلاباً على احد أهم مكتسبات حراك تشرين عام 2019. [2]
وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين، وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.[3]
الجدل المثير حول هذه الانتخابات
يقول النائب العراقي المستقل حسين السعبري :"إن مجالس المحافظات موضوع دستوري لا بد منه، لأن المحافظة إذا تُركت من دون مجلس فسوف تكون هناك دكتاتورية للمحافظ، وقيادة كاملة للمحافظة دون مجلس يراقب ويخطط ويلزمه بالعمل، لذلك أنا مع إعادتها لكن بنصف العدد، مع تقنينها لتصبح أشبه بفريق استشاري للمحافظ".[4]
ويؤكد المحلل السياسي علي البيدر أن "مجالس المحافظات مؤسسات دستورية لا يمكن إلغاؤها أو توقيف عملها بناءً على طلب المتظاهرين، أو اجتهاد البرلمان، أو رغبات سياسية أو فردية، وإنما يتطلب تعديلاً دستورياً. كما إن مجالس المحافظات فكرة عميقة وعظيمة، لكن تطبيقها وإدارتها حصل فيهما إخفاق كبير، فلم تكن بالمستوى المطلوب، لكن في الوقت ذاته غيابها ولّد فجوة في التواصل بين المواطن والسلطة، وصنع دكتاتوريات في بعض المحافظات، حتى أصبحت إقالة محافظ في ظل غياب مجلس المحافظة أصعب من إقالة رئيس الوزراء نفسه".[5]
مصادر عراقية من داخل مفوضية الانتخابات كشفت عن ارتفاع كبير في نسبة المرشحين من أسر وأقرباء مسؤولين وقيادات سياسية بارزة في البلاد، وسط ترجيحات بانخفاض نسبة المشاركة في عملية الاقتراع من قبل العراقيين. ويخوض هذه الانتخابات قرابة 70 حزباً وتحالفاً سياسياً، وأكثر من 6 آلاف مرشح يتنافسون على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في 18 ديسمبر/كانون الأول القادم.
من الواضح أن هذه الانتخابات ولّدت جدلاً واسعاً في الأوساط العراقية على مختلف المستويات وخاصة السياسية منها بالرغم من عدم تفاؤل القاعدة الشعبية، والمرجح عدم مشاركة الشعب العراقي فيها بنسبة كبيرة كما هو متوقع بسبب انعدام الثقة بينه وبين المسؤول، وطالما أن هناك تحفظاً من قبل بعض الأحزاب عليها وعلى قانون الانتخابات نفسه فإن هذا مؤشر أيضاً على تصعيد محتمل قد يجر البلاد إلى فوضى جديدة تقودها التجاذبات والتحالفات السياسية المختلفة وخاصة أن هذه الانتخابات تأتي بعد عشرة أعوام على إجراء آخر انتخابات محلية في البلاد، في ظل استمرار تفشي البطالة وتدهور الأسواق بفعل انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار وزيادة في تنامي الفقر، وعدم إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت مع سيطرة الأحزاب النافذة على مقدرات الدولة والمناصب الهامة، ناهيك عن انهيار عامل الثقة ما بين الناخب والمرشح.
[1] ar.wikipedia.org/wiki/تظاهرات_تشرين_العراقية
[2] www.skynewsarabia.com/middle-east/1608240-وسط-جدل-حاد-البرلمان-العراقي-يعدل-قانون-الانتخابات
[3] www.alaraby.co.uk/politics/أقل-من-شهر-على-الانتخابات-المحلية-في-العراق-لا-بوادر-لمشاركة-واسعة
[4] alarab.co.uk/عودة-مجالس-المحافظات-في-العراق-تثير-جدلا
[5] https://2h.ae/WOFd