أنتم أيضًا مُدانون!

أيام عديدة مضت على تصاعد التوتر على الحدود في لبنان وداخله حيث أعلنت إسرائيل بوضوحٍ عن نواياها وخطتها للأيام المقبلة متجاوزةً جميع الخطوط الحمراء الدولية والأعراف التي كانت قائمة مع حزب الله في لبنان. وفي هذا السياق يبدو أن ضبط النفس الذي أظهره محور المقاومة كان بهدف تمكين الأطراف ذات النفوذ من الضغط على إسرائيل لتخفيف التوتر وهو نهج أثبتت نتائجه حتى الآن.

اکتوبر 6, 2024 - 14:44
أنتم أيضًا مُدانون!
أنتم أيضًا مُدانون!

أيام عديدة مضت على تصاعد التوتر على الحدود في لبنان وداخله حيث أعلنت إسرائيل بوضوحٍ عن نواياها وخطتها للأيام المقبلة متجاوزةً جميع الخطوط الحمراء الدولية والأعراف التي كانت قائمة مع حزب الله في لبنان. وفي هذا السياق يبدو أن ضبط النفس الذي أظهره محور المقاومة كان بهدف تمكين الأطراف ذات النفوذ من الضغط على إسرائيل لتخفيف التوتر وهو نهج أثبتت نتائجه حتى الآن.

أوروبا ويدها الملطخة بالدماء!

لا شك أن أوروبا تُعتبر شريكًا لإسرائيل في الإبادة الجماعية في غزة وفي قتل آلاف الأشخاص في لبنان والأراضي المحتلة. وقد عجزت الكتلة الأوروبية مجتمعةً عن استخدام قدراتها لاحتواء إسرائيل، أو لم ترغب في ذلك بالطبع، حيث استمرت أوروبا في دعم إسرائيل لوجستيًا وعسكريًا رغم ما تشهده من كوارث إنسانية تاركةً العيون مغلقةً عن الحقائق في غزة، مما يجعلها ضالعةً في قتل الأبرياء الفلسطينيين.

على الرغم من أن أوروبا ترى بوضوح وحشية آلة القتل الإسرائيلية وتعلم أن رئيس وزرائها لا يخضع لأي خط أحمر، فإنها اكتفت في مسألة لبنان بالمكالمات الهاتفية واقتراح ضبط النفس. بل إن ألمانيا نفت سريعًا الأخبار المتعلقة بتعليق بيع الأسلحة لإسرائيل في حين واصلت الولايات المتحدة رغم تصريحاتها بتزويد إسرائيل بالأسلحة. لذلك يبدو أن هذه الجرائم الحربية التي تزداد سوءًا كل يوم لا تُرتكب من قِبل إسرائيل فحسب، بل تحظى أيضًا بدعمٍ واسع يمكّنها من القيام بما تريده بلا مراعاة للقوانين والمعايير الدولية. لقد منح هذا الدعم الغربي خصوصًا من الولايات المتحدة إلى جانب أوروبا إسرائيل الفرصة من جديد لارتكاب جرائم واسعة هذه المرة في لبنان. حيث أعطت إسرائيل نفسها الإذن لقتل المدنيين تحت ذريعة كونهم جزءًا من حزب الله أو أنهم يتعاونون معه. وهذا النهج الإسرائيلي يواجه من قبل أوروبا بعدم اعتراض من الغرب مما يتيح لجيشها القيام بما يحلو له تقريبًا.

لماذا تسكت أوروبا؟

السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل ترغب أوروبا حقًا في إحلال السلام في جنوب غرب آسيا أم أنها اختارت أن تلعب دور الشرطي الجيد ظاهريًا بينما تدعم إجراءات إسرائيل؟ يبدو أن هذه قضية مهمة تتجاوز المنطقة جنوب غرب آسيا. تسعى أوروبا من خلال نهج مزدوج تجاه جرائم إسرائيل إلى تقليص قوة محور المقاومة. في الواقع تدرك أوروبا أنه بغض النظر عن الطرف الذي سيفوز في معركة "طوفان الأقصى"، فإن ذلك سيحدد مستقبل المنطقة. من خلال هذا النهج تسعى أوروبا بتعريف نفسها إلى جانب إسرائيل إلى إضعاف المقاومة. فقد منعت عبر اقتراح الحوار والضغط على حزب الله إسرائيل من التعرض لأذى كبير والآن بعد أن سحبت إسرائيل جزءًا من قواتها العسكرية من غزة يمكنها القتال بقوة أكبر في الشمال ويتم التصريح بأن التصعيد يبدو لا مفر منه. [1]في الواقع، قامت أوروبا في هذه الحرب بلا قواعد إنسانية بتأدية دور الدبلوماسي الجيد لصالح إسرائيل، وسعت لتظهر معارضتها للقتل الجماعي ولذبح الأبرياء من خلال إدانات سطحية وكلمات سياسية فقط. ولكن على أرض الواقع فهي تقف بالكامل إلى جانب إسرائيل، لأن أوروبا تدرك أن المقاومة يمكن أن تغير المعادلات في المنطقة، وكلما زادت إسرائيل من ضرباتها وتعرضت المقاومة للإضعاف، سيكون ذلك في النهاية لصالح أوروبا كجزء من الغرب.

الصبر الاستراتيجي خطأ كبير ؟

الآن حيث يقوم الكيان الإسرائيلي بتحديد ساحة المعركة وفقًا لرغباته دون الالتفات إلى قواعد اللعب يمكن للصبر الاستراتيجي أن يكون في صالحهم تمامًا. في هذه الظروف يجب على حزب الله اللبناني على الرغم من نشاطه في حرب غزة، أن يدير المواجهة من خلال التركيز على نقاط قوته حيث أنه قد تكبد أضرارًا جسيمة بسبب هجمات إسرائيل. عادةً في مثل هذه الأوضاع يُعتبر توجيه ضربة كبيرة للتحكم في الموقف، أحد أفضل القرارات الممكنة. في الواقع يجب على حزب الله والجبهة المقاومة بشكل عام أن يستخدموا الأسس الاستراتيجية لهم ويغيروا من نهجهم في الرد الذي كان يعتمد على أقصى درجات ضبط النفس خلال الفترة الماضية. يجب عليهم فرض تكاليف باهظة على القطاع الاقتصادي الإسرائيلي لإجبارهم على اتخاذ خطوات للتراجع.

إذا استمرت المقاومة في اتباع نهج الصبر الاستراتيجي وتجنبت تصعيد التوترات بمثل هذه الردود الموسمية، التي تعتقد العديد من الخبراء أنها ليست ردعًا كافيًا، فسوف تتعرض بلا شك لضغوط أكبر. وذلك لأن إسرائيل تواصل رفع مستوى التوتر خطوة بخطوة مما قد يجعل القدرة القتالية للمقاومة أكثر ضعفًا على المدى الطويل. ولكن إذا وسع حزب الله نطاق ردوده وضغط على إسرائيل نفسيًا، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى حدوث انشقاق كبير في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهو ما يعد أمرًا مهمًا وإنجازًا كبيرًا للجبهة المقاومة.

لقد أثبت صبرهم خلال العام تقريبًا أن الغرب ليس فقط ليس لديه الإرادة اللازمة لوقف إسرائيل، بل إن مصلحته تكمن في دعم تفوقها. في النهاية قد يظهرون من خلال قرار محكمة لاهاي أنهم يكرهون نتنياهو، لكنهم في نفس الوقت أوصلوه إلى هدفه، وهو الهيمنة على جنوب غرب آسيا.

لذا، حان الوقت الآن لكي يتخلى حزب الله اللبناني عن صبره ويعتمد نهجًا هجوميًا للسيطرة على التوترات، وذلك بتوجيه ضربات قاسية للخصم من أجل تغيير المعادلات لصالح المقاومة.

امین مهدوی


[1] euronews.com