واشنطن.. تاريخ قذر في المراقبة
سلّطت طائرة شراعية بدون طيار تمّ العثور عليها في المياه الإقليمية لناميبيا مؤخراً الضوء مرة أخرى على السجل الضعيف لبرامج المراقبة والاستطلاع الأمريكية.
أكد الجيش الناميبي أنه تمّ العثور على الطائرة بدون طيار في المياه بالقرب من مدينة ساحلية في جنوب غرب ناميبيا، ووفقاً لصحيفة ناميبية مملوكة للدولة فقد تمّت مصادرة الطائرة الشراعية بدون طيار من مواطنين من جنوب إفريقيا أرسلهما مشغلها في الولايات المتحدة لاستعادتها من البحر.
الطائرة الشراعية بدون طيار هي سفينة بدون طاقم تشبه المراكب الشراعية، وهي مصمّمة لجمع البيانات وتوفير “حلول فعالة من حيث التكلفة” للمشكلات المرتبطة بجمع البيانات والمراقبة ضد البلدان الأخرى.
وقالت وسائل الإعلام الناميبية إن الطائرة الشراعية بدون طيار كانت “طائرة تجسس أمريكية بدون طيار”، وهو ادّعاء نفته واشنطن بشدة قائلة إن الإدارة الأمريكية لم تتدخل ولن تتدخل في الطائرة المصادرة بدون طيار.
وفي بيان صحفي، قالت السفارة الأمريكية في ناميبيا إن الطائرة الشراعية بدون طيار تصنعها وتديرها شركة أمريكية خاصة، وقد تعاقدت معها مؤسسة سويدية في جامعة غوتنبرج لأغراض البحث البحري.
هل تستطيع واشنطن أن تتبرأ من الملحمة وتقنع العالم بعدم تورطها بالقول إن أولئك الذين يقولون إن الولايات المتحدة متورطة يوجهون اتهامات لا أساس لها؟. بالنظر إلى تصريحات الحكومة الناميبية وتقاريرها الإعلامية وتاريخ المراقبة السيئ السمعة للولايات المتحدة والعمليات السرية حول العالم فإن الإجابة هي “لا”.
صرّح مسؤول في قوة الدفاع الناميبية لوسائل الإعلام المحلية أثناء وصفه للطائرة بدون طيار المصادرة: “إنها متطورة للغاية ويمكن أن تكون مجهزة جيداً بأي أجهزة إضافية من أجل جمع أي نوع من المعلومات تحت الماء أو الكشف عن جميع الموارد الطبيعية، حتى في أعماق البحر أثناء نقلها في الوقت الفعلي إلى وحدة التحكم الخاصة بها”.
إذا كانت الطائرة بدون طيار نفسها التي يشتبه الجيش الناميبي في اختبائها في مياه البلاد “لمدة ستة أشهر” غامضة فإن اكتشافها غامض بالقدر نفسه. فقد قال مسؤول في قوة الدفاع الناميبية إن الجيش الناميبي استجوب منظم رحلات ناميبي من لوديريتز بتهمة “المساومة على الأمن القومي”، حيث قال: “أخبرنا منظم الرحلات في البداية أنه وجد الطائرة بدون طيار تطفو في البحر، ولكن بعد مزيد من الاستجواب اعترف بأنه كلفه المراقب الأمريكي بسحبها إلى الشاطئ”!.
وبشكل أكثر دراماتيكية، دخل رجلان من جنوب إفريقيا إلى البلاد كـ”سائحين”، أرسلهما مشغل الطائرة بدون طيار في الولايات المتحدة لإصلاح الطائرة، ولكن صودرت الطائرة بدون طيار، وفق ما ذكرت مصادر عسكرية لصحيفة “ناميبيان صن”.
يتساءل الكثيرون عن سبب عدم اتصال طائرة بدون طيار أو شركة تصنيع الطائرات بدون طيار أو السلطات الأمريكية بشكل مباشر مع المسؤولين الناميبيين لاستعادة الطائرة الشراعية بدون طيار، والسؤال لماذا أخفى منظم الرحلات الناميبية الطبيعة الحقيقية لعمله، وما هي العلاقة بين الشركة والحكومة الأمريكية؟. تتطلّب هذه الأسئلة وبعض الأسئلة المهمّة الأخرى إجابات من الإدارة الأمريكية.
في الواقع، لدى الولايات المتحدة برامج استخباراتية طويلة الأمد في جميع أنحاء العالم، وتحاول اكتساب ميزة نسبية مطلقة ضد البلدان الأخرى في مجالات جمع المعلومات والاستخبارات، وتكثيف المراقبة ضد الدول وقادة العالم الذين يرفضون الانصياع لخطها.
حتى حلفاؤها وشركاؤها ليسوا في مأمن من المراقبة الأمريكية، فقد ذكرت وسائل إعلام دانماركية أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسّست على قادة ألمانيا والسويد والنرويج وفرنسا، بمن فيهم المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
ووفقاً لمبادرة التحقق من الوضع الاستراتيجي لبحر الصين الجنوبي، قامت طائرات استطلاع أرضية عسكرية أمريكية بـ64 طلعة جوية فوق بحر الصين الجنوبي في شهر كانون الثاني 2023 وحده، مما يعرّض الأمن القومي للصين للخطر بشكل خطير ويقوّض السلام والاستقرار الإقليميين.
على الرغم من عدم توفر تحديث شامل لحادث الطائرة بدون طيار، يجب على واشنطن التخلي على الفور عن سلوكها المشين، وإنهاء جميع برامج المراقبة الخاصة بها، بدلاً من اتهام الدول الأخرى بالتجسّس على الولايات المتحدة.
المصدر: البعث