هل ستستمر المحادثات التركية السورية بعد الانتخابات في تركيا؟
هل ستستمر المحادثات التركية السورية بعد الانتخابات في تركيا؟
التنبؤ بشكل دقيق حول مستقبل المحادثات السورية التركية مرتبط بالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، فقد تتغير في أي لحظة. إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن الحوار بين الجانبين يعتبر ضروريًا لتخفيف التوترات وتحسين العلاقات بين البلدين، ويمكن أن يؤدي إلى إيجاد حلول سياسية للأزمة السورية لذلك قد تستمر المحادثات في المستقبل إذا كان هناك إرادة جادة من الجانبين للتوصل إلى حلول وتحسين العلاقات وهذا ما رأيناه في الآونة الأخيرة في ظل التطورات الدولية الحاصلة.
بالنظر إلى تطور مستوى المحادثات بين سورية وتركيا بالفترة الأخيرة التي وصلت لمستوى عقد لقاءات بين وزراء الخارجية، فهذا يعطي بارقة أمل لتحسين العلاقة بين البلدين وخروجها من الجمود والقطيعة التي كانت سائدة بينهما. لكن لنجيب عن السؤال الذي يسأله الكثيرون حالياً بعد اتنهاء الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية التركية وتقدم أردوغان على خصومه، هل ستستمر المحادثات بين البلدين أم أنها ستتوقف مع فوز أردوغان واستغنائه عن الورقة السورية لكسب أصوات الناخبين وتحقيق مكاسب سياسية؟
خلال مقابلة حصرية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قناة CNN، قال: "إن العلاقة التي تجمعه بعائلة الرئيس الأسد كانت جيدة، مشيرًا إلى أن العائلتين كانتا تجتمعان سويًا في السابق". وأضاف أردوغان أن " تطورات معينة تكشفت بعدها "لسوء الحظ" مما أدى إلى تدهور علاقتنا، ذلك التفكك تسبب في انزعاجنا أيضًا " وتابع أردوغان بالقول: "بسبب صداقتي مع الرئيس بوتين، اعتقدنا أنه يمكننا فتح باب، على وجه التحديد في معركتنا ضد الإرهاب في الجزء الشمالي من سورية، والتي تتطلب تعاونًا وتضامنًا وثيقين، وإذا استطعنا فعل ذلك، كما قلت لا أرى أي عقبة ستبقى في طريق مصالحتنا".[1]
يُفهَم من هذا الكلام أن خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تغير كثيراً عن السابق، عندما كانت تصريحاته تتناول شخص الرئيس الأسد وكان ينصحه بالتنازل وتسليم السطلة للمعارضة مثله مثل معظم رؤساء المحور الغربي، لكن من المؤكد تغير الظروف السياسية والعسكرية على الأرض السورية قلب كل الموازين، فلا نستغرب بالقريب العاجل أن نقرأ خبراً عاجلاً عن تحديد موعد للقاء بين الرئيسين لإعادة تطبيع العلاقة بين الجارين المتخاصمين.
بالطبع ستكون نتائج الإنتخابات التركية مؤثرة على مسار تطبيع العلاقات مع سورية، حيث سنكون أمام احتمالين : إما أن يفوز أردوغان بالإنتخابات وتحافظ تركية على سياسة التقارب من أجل الحل السلمي والبدء بمفاوضات حول الإنسحاب التدريجي للقوات التركية من الأراضي السورية بمساعدة روسية. أو الإحتمال الآخر، وهو فوز منافسه المعارض كليجدار أوغلو والذي كان قد أشار في وقت سابق إلى وجود خطة لحزبه لإعادة السوريين، تشتمل أولا على عقد سلام فوري مع الرئيس الأسد ثم فتح السفارة وتبادل السفراء وتحديد ظروف عودة اللاجئين، مع تأكيده على عودتهم في ظروف آمنة وباتفاق برعاية الأمم المتحدة. [2]
يرى مراقبون أنه في كلا الحالتين لن يكون مستقبل العلاقة بين البلدين مغلقاً، لإن الظروف الحالية تشجع على تلاقي الأطراف وإخراج الجماعات التكفيرية من المنطقة وترحيلهم إلى دولهم، ففي عالم السياسة لايوجد شيء ثابت وتبقى المصالح المشتركة هي من تتحكم بمسير العلاقات، بالإضافة إلى جهود الدول المشاركة في المصالحة بين سورية وتركية مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا وتأثيرهم على سير المحادثات ومناقشة المواضيع الحساسة، فهناك ملفات قد تختلف فيها وجهات النظر كملف الأكراد والجماعات المسلحة والإنسحاب العسكري التي تراه تركية يهدد الأمن على الحدود إذا تم بدون بديل يضمن أمنها كانتشار للقوات الروسية والسورية معاً بعد خروج الجماعات المسلحة وهذا ما ذكره الرئيس التركي في معرض حديثه مع قناة الCNN الأخبارية حول موضوع الإنسحاب التركي الكامل من الجغرافيا السورية.[3]
من وجهة نظر القيادة السورية، ترى موضوع الإنسحاب التركي من أراضيها هو أمر طبيعي لبداية التطبيع مع دمشق والبعض يقول أنه شرط لاستمرار المحادثات ولكن ليس شرطاً بمعنى أنها تطالب بتنفيذ شيء اختياري من الجانب التركي، بل تراه حتمياً وطبيعياً من مبدأ أن الطرف الذي تتفاوض معه يجب أن لا يكون محتلاً لأراضيها وهذا من مسلمات السياسة لديها والتفاوض هو من أجل تقوية العلاقات وحل المشكلات السياسة ومشكلة اللاجئين وليس مناقشة أنسحاب قوات محتلة لأراضيها.
في النهاية لابد من الإشارة إلى أهم المواضيع والقضايا العالقة التي ستحدد مسار العلاقات بين البلدين في حال استمرت المحادثات بينهما وهي تعتبر مطالب تركية : إحياء العملية السياسية وضمان تمثيل المعارضة السورية، وفي هذا السياق، تجري أنقرة اتصالات مع المعارضة السورية. الموضوع الثاني هو عودة اللاجئين، وتنفيذ هذه الخطوة يبدأ مع إحياء العملية السياسية. الموضوع الثالث هوالمساعدات الإنسانية، حيث ترى تركيا أنها تستطيع إظهار المرونة عند معابرها الحدودية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية من دون انقطاع إلى جميع أنحاء سورية. وأخيراً قضية مكافحة الإرهاب وهذا أحد أهم الموضوعات بالنسبة إلى تركيا، لأنها تريد تطهير حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في شمال سورية بالتعاون مع القوات السورية وروسيا. [4]
[1] https://www.youtube.com/watch?v=9m8l6ZPGUC8&ab_channel=CNNArabic
[2] https://2h.ae/YTEo
[3] https://www.youtube.com/watch?v=9m8l6ZPGUC8&ab_channel=CNNArabic
[4]https://www.almayadeen.net/news/politics/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-4-%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB